لم تتمكن المواقف الشعبوية التي أطلقها عدد من الكتل النيابية بموضوع قانون الضرائب من تعديل هذا القانون في مجلس النواب. وأعيدت معظمها على جيوب المواطنين مع تعديلات بسيطة، لا تشفع لواضعيها. وإن كان السياسيون يؤكدون أن هذه الضرائب لن تطال الطبقة الفقيرة والمتوسطة في لبنان، فإن نتائج ما حصل ستظهر فور بداية عمل هذا القانون عند نشره في الجريدة الرسمية.
في تفصيل القانون، فإن أبرز الضرائب التي تطال المواطنين هي رفعَ الضريبةِ على القيمة المضافة من 10% إلى 11%، إضافة رسوم على المشروبات الروحية بنسبة 3%، رفع الرسم على الطابع المالي وإضافةَ رسم 6000 ليرة على طن الإسمنت، فرض ضريبة 2500 ليرة على الهاتف الثابت و250 ليرة على البطاقات المسبقة الدفع، ورفع الرسم على السجائر 250ليرة و2500 على المعسّل، و10% على كلّ سيجار. ويضاف الى ذلك اقرار رسوم إضافية على كتّاب العدول، وإقرار رسم 150ألف ليرة للمسافرين في الدرجة الأولى و400 ألف ليرة للمسافرين في طائرة خاصة والإبقاءَ على 50 ألف ليرة للدرجة السياحية، فرض رسوم على عقود البيع العقاري بنسبة 2% من ثمن البيع.
1900 مليار ليرة ستكون عائدات الدولة من سلة الضرائب الجديدة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأموال المطلوبة لتغطية تكلفة السلسلة هي 1500 مليار ليرة، ما يطرح عدة تساؤلات حول الهدف من هذه الضرائب.
وهذه الضرائب الجديدة ستطرح مشاكل عديدة أبرزها الزيادة المنتظرة في الأقساط المدرسية والمشاكل التي ستحصل لدى القطاع الخاص الذي لم يستفد من هذه السلسلة.
في هذا السياق، ينظر الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي، في حديث مع "النشرة"، إلى سلة الضرائب الجديدة بسلبية تامة، معتبراً أن "المصادر الخارجية لخزينة الدولة غير متوفرة، والمصادر الداخلية من المصارف التجارية لم تعد متوفرة أيضاً كما في السابق، وبالتالي لم يعد أمام النواب أي حلٍّ سوى ايفاء موارد السلسلة من جيوب المواطنين، والدليل على ذلك أنه لو كانت هذه الطبقة تريد تمويل السلسلة فقط لكانوا بحثوا عن تمويل يوازي متطلباتها".
ويشدد يشوعي على أن "الآثار السبلية لهذه الضرائب ستظهر بشكل واضح فور العمل بها، خصوصاً وأن القدرة الشرائية للمواطن ستتدنى وسيتراجع الطلب في الأسواق، فأكثر من 70% من السلع الاستهلاكية تخضع للنظام الضريبي الـ"TVA"، لافتاً إلى أن "السياسيين يحاولون أن يوهموا المواطنين بأن زيادة نسبة 1% هي نسبة ضئيلة ولن تؤثر كثيراً، لكن فعلياً، تراكم هذه الـ1% على جيب المواطن سيكون لها وقعها".
"لن يستفيد القطاع العام من هذه السلسلة"، هكذا يرى يشوعي، "فمجلس النواب قد أعطى موظفي القطاع العام السلسلة باليد اليمنى وأخذ منه الضرائب من اليد اليسرى، وهذا ما يؤكد أن القدرة الشرائية ستتراجع"، متسائلاً "أي انتصار يتكلم عنه القطاع العام؟ في الحقيقة هذه أكبر خسارة له".
ويغوص يشوعي في الظروف السياسيّة لسلّة الضرائب هذه، ويشير إلى أن "عنوانها هي "البحث عن المال" وذلك لأهداف خاصة"، معتبراً أن "ضريبة الارباح على الهندسة الماليّة كانت ستكفي لسدّ متطلبات السلسلة"، مضيفاً "يريدون البحث عن مال لتغطية الانتخابات المقبلة وهذا واضح. فلا لزوم لكل هذه الضرائب ان كان الهدف فقط تمويل سلسلة الرتب والرواتب".
سلّة الضرائب هذه لن تكون سهلة على المواطن اللبناني، خصوصاً اذا أخذنا بعين الاعتبار أن القطاع الخاص لن يستفيد من السلسلة، وبالتالي هؤلاء الموظفين سيدفعون فقط من الراتب عينه الذي كانوا يتلقونه قبل اقرار القانون الجديد.
وترى مصادر مطلعة أن "الإتحاد العمالي العام سيبدأ بالدفع لرفع الأجور أيضاً في القطاع الخاص لكي لا يكون عمال هذا القطاع مغبونين"، لافتة إلى أن "معركة هذا القطاع ستكون صعبة نظراً لحساباتها الاقتصادية"، معتبرة أن "الايام المقبلة ستشهد المزيد من الانكماش الاقتصادي، خصوصاً وأن سلة السوبرماركت للمواطن ستزيد كلفتها أيضا".
بناء على ما سبق، الوضع الاقتصادي للمواطنين قد يتجه من السيّء نحو الأسوأ، ومعاناة اللبناني السابقة ستبقى هي نفسها، في ظل توالي الضربات الاقتصادية والاجتماعية عليه.