ما يتحاشى كل من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري وفريقيهما السياسي والاعلامي والنيابي قوله وكذلك النائب وليد جنبلاط وفريقه الذي يصر على ان اللقاء الثلاثي في كليمنصو مساء الاحد الماضي ليس موجهاً ضد احد، تقوله مرجعية سياسية بارزة في 8 آذار وعلى دراية بما يحصل في البلد منذ تسلم العماد ميشال عون زمام الرئاسة الاولى واستفراد صهره الوزير جبران باسيل بالشاردة والواردة في السياسة المحلية اللبنانية.
وتعتبر المرجعية ان للقاء الثلاثي ابعادا كثيرة وله اكثر من هدف ومغزى ورسالة. الرسالة الاولى هي في تحصين الوضع الاقتصادي بعد تحصين الوضع الامني والتخلص من عصابات الجرود التكفيرية. فالوضع الامني والاستقرار العسكري والامني بات مقبولاً في لبنان واحسن بعشرات المرات من اميركا واوروبا وفرنسا وبريطانيا وافضل بمئة مرة من البلاد الملتهبة المحيطة بنا. وكل هذا الاستقرار يقف وراءه الجيش والاجهزة الامنية والمقاومة والشعب الذي يساندهم جميعاً ولولا التنسيق اليومي بينهم لما استتب الاستقرار هذا.
فاللقاء الثلاثي جاء ليؤكد ان مظلة التفاهم السياسية - الاقتصادية تظلل الاقتصاد وتحد من اندفاعة اي كان واي من يريد زعزعة الاقتصاد وتفجير غضب الشارع ضد الطبقة السياسية وانفلاته وتعطيل البلاد من اجل اعادة العمل بها. فكان اللقاء الثلاثي لتمرير السلسلة وسلة الضرائب المخففة على الناس والمقبولة على المصارف والعقارات والمعاملات الرسمية والفواتير فمرّ تمويل السلسلة وما بقي من وفر مهمته منع اي هزة اقتصادية مقبلة بفعل العقوبات الاميركية على لبنان. وكذلك لسحب ملف السلسلة والضرائب من الاعلام والمزايدة السياسية والاعلامية.
وبذلك يتم تحصين الاستقرار المالي والاقتصادي ويرتاح العهد والحكومة ومجلس النواب من ضجيج الحملات السياسية والاعلامية ومن صراخ الانتخابات التي زيتت محركاتها اخيراً.
الهدف الثاني من اللقاء الثلاثي له بعد داخلي محض وهو اعادة وليد جنبلاط الى موقعه المفضل اي "بيضة القبان" في السياسة اللبنانية وتكريسه رقماً صعباً درزياً ولبنانياً كما كان واعادة العلاقات الى مجاريها مع الرئيس سعد الحريري بعد ان تضررت بفعل التسوية الرئاسية وانخراط الحريري في تفاهم مع عون وباسيل حتى "النخاع الشوكي" من دون الالتفات الى
مصالح حلفائه التي تضررت بفعل هذا التحالف ومن حلفاء المستقبل المتضررين في التعيينات وفي "الجبنة" الداخلية كل من الدكتور سمير جعجع ووليد جنبلاط والدروز معه.
فوجود بري في منزل جنبلاط هو امر غير اعتيادي ونادر ان يحصل فلم يشهد الزمان منذ عشرة اعوام ان خرج بري ليلاً من مقره ليقابل سياسياً او زعيماً علناً او عبر الاعلام الا للقاء وليد جنبلاط في كليمنصو باستثناء لقاءات بري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي لا يعرف مكانها وزمانها لاسباب امنية تخص الرجلين.
فمجيء بري الى منزل جنبلاط رسالة كبيرة من شخصية كبيرة ووزانة في هذا البلد ولها من الدلالات اكبر من تمويل سلسلة واكبر من ايجاد مخارج مالية للحكومة والموازنة او اجراء الانتخابات في موعدها وهي امور حاصلة في وقتها لا محالة.
الرسالة الابرز التي اراد بري والحريري وجنبلاط ايصالها الى كل من يعنيه الامر اكان باسيل او جعجع او غيرهما ان هذا الثلاثي اساسي ودوره حاسم في كل الملفات ولا يمكن القفز فوق ارادته او تجاوزه في السياسة المحلية. وترى المرجعية ان العهد والرئيس عون ليسا مستهدفين من هذا اللقاء لان ما يربط عون ببري كبير جداً والعلاقة بينهما ممتازة وعون يتصرف كمرجع ورئيس كل لبنان بدقة وحرفية كما ان العلاقة ممتازة بين عون والحريري. بينما يتصرف صهر عون باسيل بمنطق الاستفراد وهو يعتبر نفسه "بلدوزر" سياسيا لا يأبه لاحد ولا يستشير احدا ولا يقيم وزناً لاحد ويستعمل خطاباً فئوياً وطائفياً وتحريضياً من زمان الحرب الاهلية وما قاله في راشيا منذ ايام استفز مشاعر المسلمين سنة وشيعة ودروزاً. المغزى من اللقاء الثلاثي في شقه غير المعلن والذي يحاذر الجميع الخوض فيه لعدم الاصطدام بباسيل وعدم تعكير العلاقة بين عون والحريري وبري هو عدم الاصطدام مباشرة بباسيل والاكتفاء بتوجيه الرسائل اليه كي لا تبقى شهيته مفتوحة في التعيينات وفي الموازنة وفي ادارة البلد وفي الانتخابات وفي اي ملف داخلي يطرح يحاول أخذه الى جانبه بلغة طائفية ومذهبية وبشكل يحشر الجميع في الزواية ويجبرهم على الفعل ورد الفعل.