قبل أكثر من سنتين، كشفت "النشرة" بالتفاصيل معلومات عن مثلث تجار المخدرات القائم في سد البوشرية- الزعيترية-السبتية في منطقة جبل لبنان، طارحة جملة من التساؤلات حول الأسباب التي تحول دون توقيف كبار التجار المعروفين بالأسماء وأماكن السكن لدى الأجهزة الأمنية، لكن حتى اليوم لم يتغير شيء على أرض الواقع، لا بل ان هذه الظاهرة، التي تهدد المجتمع اللبناني، تتفاقم يوماً بعد آخر، الأمر الذي سمح بعودة بعض التجار إلى الواجهة من جديد.
في هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة على هذا الملف، عبر "النشرة"، ان توقيف المتورطين والمروجين يتم بشكل شبه يومي، لكنها تؤكد بأن التجار لا يتم الإقتراب منهم بشكل فعلي، بل هم يعمدون إلى توظيف مروجين جدد عند توقيف القدماء غير آبهين بشيء، وكأنهم مطمئنون إلى أن أحداً لن يعمد إلى توقيفهم، لافتة إلى أن عدداً كبيراً من المتعاطين يلومون الدولة خلال التحقيقات معهم بسبب عدم ذهاب أجهزتها الأمنية إلى توقيف كبار التجار.
من وجهة نظر هذه المصادر، توقيف التجار الكبار هو الكفيل بالتخلص من هذه الآفة لكن هذا الأمر لا يحصل مع الأسف، رافضة الدخول في تفاصيل الحمايات التي تتم، لكنها تذكر بالفضيحة التي تم الحديث عنها قبل أشهر حول تورط ضباط في قوى الأمن الداخلي في مثل هذا الملف، وتسأل: "أين أصبحت التحقيقات ولماذا لم يتم نقل هؤلاء الضباط من مواقعهم على الأقل، في حين لم يتأخر هذا الإجراء مع الرئيسة السابقة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية سوزان الحاج بسبب "لايك" سياسي"؟، وتؤكد بأن كل الأمور مرتبطة بلعبة المصالح، نظراً إلى أن الذهاب لتوقيف كبار التجار سيقود إلى الكشف عمّن يؤمن الغطاء لهم، وبالتالي ستكون البلاد أمام فضيحة من العيار الثقيل.
على هذا الصعيد، تتحدث المصادر نفسها عن بروز نجم تاجر قديم جديد، في الآونة الأخيرة، نتيجة التوقيفات التي طالت مروجي المثلث الذي كُشف عنه سابقاً، وهو يصنف بأنه "الخزان الأساسي" في تجارة الكوكايين، موضحة أن المروجين الذين يعملون لديه يتنقلون بناء لأوامره بين المنصورية وكفرشيما وعين سعادة والضبية وأوتوستراد الرئيس السابق أميل لحود، بالإضافة إلى مناطق أخرى في جبل لبنان، حيث أنه هو من يحدد للزبائن مكان لقاء المروج، وهو يملك رقم هاتف يبدأ برمز 76، ومكان سكنه في محلة الفنار معروف لدى الأجهزة الأمنية.
وتوضح المصادر أنه لم يكن الاسم الحقيقي لهذا التاجر معروف لدى الأجهزة الأمنية، حتى يوم أمس، حيث تم توقيف 4 أشخاص، بينهم شخص يعتبر يده اليمنى وهو الوحيد الذي يعرف اسمه (م.ص.ز)، وهو يملك سيارة رانج جديدة وترافقه بشكل دائم امرأة شقراء، وتفيد المعلومات أنه تم إطلاق النار عليه في شارع الحكمة في الجديدة، بعد أن اضطر إلى النزول بنفسه إلى الشارع، نتيجة التوقيفات التي طالت مروجين تابعين له.
وتشير المصادر المطلعة على هذا الملف إلى أن هذا التاجر يملك ألقاباً عدة، حيث يعطي كل متعاط اسما مختلفا عن الذي يعرفه به الآخر، والتحقيقات أظهرت بعض الأسماء، مثل "مهدي" و"الحاج" و"جعفر"، وتؤكد بأن لديه مجموعة مسلحة من المرافقين يحملون الجنسيتين اللبنانية والسورية ويتواجدون في مدخل المبنى الذي يقطن به.
المعلومات التي تكشفها المصادر لا تتوقف عند هذا الحد، بل تذهب بعيداً في الحديث عن الطريقة التي يتم بها نقل المخدرات إلى منزل التاجر المذكور، وتلفت إلى أن هذا الأمر يتم من منطقة البقاع مروراً بحاجز ضهر البيدر وأحياناً عبر حاجز ترشيش، وتوضح أن أحد المروجين كشف بالتحقيقات معه أن ذلك يتم حوالي الساعة 3 فجراً عبر سيارة من نوع "نيو رانج" سوداء اللون، نظراً إلى أن الإجراءات الأمنية لا تكون مشددة في هذا التوقيت.
وتشير هذه المصادر إلى أن المعلومات التي لديها عن أحد أعضاء المثلث المذكور في الأعلى، أي ع. م. ز المعروف بـ"أبو سلّة" الذي كان يقيم في منطقة السبتية، تفيد بأنه موجود في منطقة برج البراجنة، وكان يتواجد قبل ذلك في حي الشراونة في مدينة بعلبك ويتنزه علناً متى يريد في زيّ رجل دين، بينما "ملك الهيروين" في لبنان، أي ع.ز.ا، يتواجد في منطقة الحمودية.
في المحصّلة، هذه معلومات جديدة عن حركة كبار تجار المخدرات في لبنان، على أن يتم توقيفهم في الأيام المقبلة، لا أن يتم الإكتفاء بتوقيف المتعاطين وصغار المروجين.