في ظل الحملات السياسيّة المتبادلة بين الأفرقاء اللبنانيين، يبدو أن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري سيكون في موقف لا يحسد عليه مع اقتراب موعد الانتخابات النيابيّة، لا سيّما أنّه يضمّ أكبر تكتّل نيابي في البرلمان، وفي ظلّ الحديث التصاعدي عمّا يقال بأن محركات العمل الانتخابي ستنطلق بقوّة مباشرة مع اطلالة العام الجديد 2018.
في هذا السياق سجّلت ملاحظات على ما قاله رئيس الكتلة الزرقاء النيابيّة النائب فؤاد السنيورة في المجلس النيابي حيث سجّل امتعاضًا من عمل الحكومة ورئاسة الجمهوريّة على السواء، حين اشتكى بكلمته في الجلسة النيابية الاخيرة من الاوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية القائمة، ومن الاوضاع غير الطبيعية مع الدول العربية، وطالب باستعادة الدولة هيبتها، واحترام الدستور، وسلطات القانون .
اما زميله في نفس الكتلة النائب احمد فتفت، فاعتبر ان الوضع لم يعد يحتمل ضمن الطائفة السنيّة، لأسباب عدّة: احباط سني، إحساس بأن هذه الطائفة مستهدفة، وأسباب ذلك إقليمية، وتفلت السلاح غير الشرعي، خطاب سياسي طائفي متشنج، والوضع على الارض سيّء، منبها الجميع بأن الوضع اصبح خطيرا لدى الطائفة السنية.
لكن الرئيس الفعلي للنائبين فتفت والسنيورة، هو رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يرى الأمور من منظار آخر مؤكّدًا في أكثر من مناسبة أن إنجازات حكومته التي مضى على وجودها في السلطة حوالي ثمانية اشهر، اكبر من إنجازات اي من الحكومات السابقة، رافضا المزايدة حتى من نواب كتلته .
واعتبرت المصادر نفسها ان مثل هذا الامر لا يمكن ان يحصل في اي نظام ديمقراطي، مشيرة الى انه اذا كان موقف النائبين ينطلق من قناعة بأن رئيسهم سيتخلى عنهما في الانتخابات النيابية المقبلة، فمن الأفضل له ولتياره السياسي ان يفصلهما اليوم قبل الغد، خصوصًا وان السنيورة سبق ان اعلن من بيت الوسط انه لن يلتزم بخيار رئيسه التصويت لصالح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
واستبعدت المصادر ان تكون المواقف داخل تيار المستقبل تأتي في سياق توزيع الأدوار بانتظار تطورات إقليمية تصب في مصلحة المعترضين على سياسة زعيمهم، لانها تعتبر ان الحريري هو في المكان الصحيح، وانه يفكر ويعمل اليوم كرجل دولة مسؤول، وان مواقفه تصب في مصلحة جميع اللبنانيين، ويحافظ على حقوق الطائفة السنيّة التي لم تكن في يوم من الايام طائفة صدامية او مقاتلة، والبرهان على ذلك انها لم تحمل السلاح خلال الحرب اللبنانيّة، بعكس الطوائف الاخرى.
واعتبرت المصادر انه اذا كان البعض في تيار المستقبل او غيره من التيارات يراهن على الكلام عن احتمالات ضربة إسرائيلية لسوريا ولحزب الله ويمكن الاستفادة منها سياسيا، فانهم واهمون لان المواجهة ستكون اشمل من حرب تموز وأشد قساوة، ومن هنا أهمية موقف رئيس الحكومة، لانه يعتبر ان المصلحة اللبنانية ضد هكذا رهان، وان السنة في لبنان لا مستقبل لهم مع التطرف .
وشدّدت المصادر على ان الوضع في المنطقة اليوم لا يزال خطيرا، والمعركة في اقسى مراحلها، والمطلوب تعزيز هذا التفاهم السياسي القائم خاصة العلاقات الممتازة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسعد الحريري، حيث يحرص الاول أشد الحرص على نجاح هذا الاخير في مهمته، مقدرا له مواقفه، وهذا ما جعله يعتبر مؤخرا ان هذه الحكومة هي حكومة العهد.
واستنتجت المصادر ان اي ضغط خارجي إقليمي او دولي على رئيس مجلس الوزراء لتبديل قناعاته، سيضعه امام احتمالات سيئة لا تصب في مصلحته السياسية أو في مصلحة الطائفة السنية الّتي ينتمي اليها.