في أواخر شهر تشرين الاول الجاري يكون قد مرّ على عهد الرئيس ميشال عون عاما واحدا في ادارة شؤون الجمهوريّة اللبنانيّة، بعد ازمة فراغ رئاسي كادت تطيح بكل مؤسسات الدولة اللبنانية .
ان العماد ميشال عون وصل الى سدة الرئاسة من رحم جمهور واسع، وبفضل تفاهمات سياسية معقدة، وبعناوين اصلاحية كبرى.
لا شك بأن الإنجازات التي تحققت خلال هذا العام، معروفة ولا يمكن إنكارها، وتعد من اصعب الملفات التي واجهها لبنان منذ اتفاق الطائف حتى الان، وفي مقدمها انجاز قانون انتخابات جديد، اضافة الى تعيينات ادارية مهمة، وقرارات تتعلق بمعيشة واقتصاد هذا البلد واهله، وفي طليعتها قانون سلسلة الرتب والرواتب على الرغم من الشوائب الّتي رافقتها لجهة الضرائب الّتي تطال اللبنانيين .
وفي الوضع الامني تمكن الجيش اللبناني وبفضل السياسة التي اعتمدها سيد العهد وحكومته، من الانتصار على الإرهاب وطرد الإرهابيين من جميع الاراضي اللبنانية، واتباع السياسة الاستباقية لكشف الخلايا النائمة والتصدي لها وحماية لبنان من عمليات ارهابية كانت في طريقها الى التنفيذ .
ورأت مصادر سياسية انه في ملف النازحين السوريين حصل تخبط في مقاربة الدولة له، حيث انفرد وزير الخارجية جبران باسيل، الذي تعتبره المصادر نفسها انه لن يخطو خطوة دون التشاور والتنسيق مع رئيس الجمهورية، والتقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وحصل تباين بينه وبين رئيس الحكومة وعدد من الوزراء حول الطريقة التي يجب ان تتبعها الدولة لحل مشكلة النازحين، اذ يرى الحريري انه يجب ان يعالج هذا الملف بالتنسيق مع الامم المتحدة، وهذا لا يعيره وزير الخارجية اي اهتمام، اضافة الى أنّ الحل لا بد وان يأتي من خلال قرارات داخل مجلس الوزراء، اذ كان على باسيل ان ينسق ولو بالحد الأدنى مع الحريري للتوصل الى نقاط مشتركة وطرح الموضوع على الحكومة ليكون تنفيذ اي قرار في هذا الشأن ممكنا ويؤمن المصلحة العليا للبنان .
اما في للسياسة الخارجية للبنان والتي قال فيها رئيس الجمهورية انها يجب ان "تكون مستقلة وتقدم مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي"، فهناك من يعتبر ان موقف ميشال عون من حزب الله خلق توترا في العلاقات بين لبنان وبعض الدول العربية والخليجية، وبالتحديد مع المملكة العربية السعودية، وان احتمالات هذا التوجه بتعريض التنسيق القائم بين أركان الحكم ولا سيّما بين رئيسي الحكومة والجمهورية للاهتزاز نظرا للتباعد بين الاثنين في مقاربة هذا الملف .
واعتبرت المصادر ان النهج الذي وعد به الرئيس عون لمعالجة الاوضاع الاقتصادية لم يرَ النور بعد رغم وجود وعود كبيرة في هذا السياق .
وفي ما يتعلق بمحاربة الفساد الذي يقر الجميع بوجوده بدءا من قصر بعبدا مرورا بعين التينة وصولا الى السراي الكبير، لم يحقق المرجو منه، وما زال الكلام عن السمسرات في عدة قطاعات يتردد على لسان بعض الوزارء، اضافة الى ان وزارة الدولة لشؤون الفساد ما زالت غائبة ولم يشعر المواطن حتى بوجود هكذا وزارة .
وتقول المصادر ان من الملفات التي لم يتطرق اليها الحكم في لبنان والتي جاءت في خطاب القسم، هي اللامركزية الإدارية التي قال عنها الرئيس بانه "يجب ان تكون محورا أساسيا تماشيا مع تطور نظام الحكم في العالم ارساء لنظام الشفافية".
ولفتت المصادر انه لا يمكن تجاهل الأصوات المعترضة على طريقة التعيينات القضائيّة والتشكيلات الدبلوماسية، التي قيل انها أتت في سياق المحاصصة، ولم تراعِ كما يجب الكفاءة، كما ان تعيين سفير في الفاتيكان أثار مشكلة كبيرة بدل ان يكون رافعة للبنان الذي حرص الكرسي الرسولي الدفاع عن لبنان في جميع المحافل الدولية .
وخلصت المصادر الى القول، ان من غير المعقول الطلب من رئيس الجمهورية في اول عام من وجوده على رأس السلطة تخطي كل الصعاب التي تراكمت طيلة عقود، اذا ما اعتبرنا الصلاحيات المحدودة التي يتمتع بها، ونظرا لطريقة الحكم في ظل اتفاق الطائف، ولكن التوافق الذي أسسه الرئيس ميشال عون في بداية عهده والذي أنجز الكثير، لا بد وان يستمر، مع تفادي كل الأخطاء التي يمكن ان تؤثر سلبا على مسيرة هذا العهد، الذي يأمل الكثير من اللبنانيين منه خيرا لمصلحة لبنان ومصلحتهم.