برزت في الاسبوعين الماضيين اشارات واضحة على رغبة اهل الحكم في تحسين العلاقات والتعاون في ما بينهم من اجل مواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية، لا سيما بعد بروز المزيد من المخاطر الناجمة عن الضغوط التي يواجهها لبنان بسبب التطورات في المنطقة.
وعلى عكس ما يتراءى للبعض، فان العلاقات الرئاسية اليوم هي افضل من تلك التي سادت في فترة سابقة، وان الحديث عن ازمة علاقة بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي هو توصيف غير موضوعي وليس في موضعه.
وتقول مصادر مطلعة ان من بين الاشارات الايجابية الاتصال الذي اجراه بري مع عون بعد عودته من فرنسا مهنئا بسلامة العودة ومشيداً بمواقفه التي اعلنها أكان في نيويورك أو باريس.
وتضيف أنه في المقابل، حرص عون على التشديد وتأكيد التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في اشارة الى الرغبة بهذا التوجه، خصوصاً في ضوء الاتفاق الاخير الذي شمل موضوع الموازنة ومعالجة ازمة قطع الحساب، وقانون الضرائب بعد الطعن الذي واجهه بنسخته الاولى من قبل المجلس الدستوري.
وتشير المصادر الى الاجواء التي سادت في جلسة مجلس النواب الاخيرة لا سيما الى الانسجام بشكل ملحوظ بين الطرفين في التعاطي مع مناقشة بنود قانون الضرائب، وتصويتهما معاً لمصلحته الى جانب المستقبل وكتلة جنبلاط وآخرين.
وتنفي مصادر رئيس الجمهورية والمجلس ان يكون هناك ازمة علاقة او قطيعة بينهم. وتقول مصادر نيابية في كتلة الرئيس بري انه كرر اكثر من مرة امام زواره ولوسائل الاعلام تأكيده على العلاقة الطيبة مع الرئيس عون، لا بل شارك في اللقاء والاجتماعات التي جرت مع قصر بعبدا والتي كانت تقتضي حضوره.
اما بالنسبة للزيارة شبه الاسبوعية لرئيس الجمهورية فان الرئيس بري لم يعد بمستطاعه القيام بها قبل انتخاب الرئيس عون، ويعود السبب الى الوضع الامني اي بمعنى ان عدم حصولها يعود لأسباب أمنية حيث قلل رئيس المجلس حركته بشكل كبير وتكاد تقتصر على ترؤسه جلسات المجلس بالاضافة الى انتقاله الى المصيلح لمرات لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة في السنة، ومنها احيائه عاشوراء الأخيرة.
وتقول المصادر ان التواصل لم ينقطع بين الرئيسين في كل الاوقات والفترات، لا بل انه لم يصدر عنهما موقف او شيء يؤشر الى حصول ازمة علاقة بينهما، لكن ذلك لا يعني توافقهما في كل الامور وكل شاردة وواردة، فالتباين امر طبيعي حول بعض القضايا بين اي مسؤول وآخر.
وتصف المصادر العلاقة اليوم بينهما بأنها جيدة ومتواصلة، ولا يسودها اي جو ضبابي او ملبّد كما يحاول البعض ان يصور، لا بل ان هناك توافقاً بينهما على التوجهات الوطنية والسياسية الخارجية وعلى العديد من القضايا والملفات الحيوية الداخلية، وهذا يبرز في جلسات مجلس الوزراء والمجلس النيابي. لكن هناك تباينات تحصل ايضاً حول بعض الملفات مثل الكهرباء بين وزراء التيار الوطني الحر ووزراء حركة «أمل»، وهذا لا يعني او ليس له صلة بالعلاقة وطبيعة العلاقة مع الرئيس عون.
ووفقا للمعلومات فان الحركة الايجابية التي سجلت مؤخراً لمواكبة بعض الامور ومنها موضوع الموازنة والملف المالي بما في ذلك سلسلة الرتب والرواتب ساهمت في تحسين اجواء العلاقة بين بعبدا وعين التينة، وانعكست على حركة التواصل التي شهدت زيارات لوزراء في التيار الوطني الحر للرئيس بري وآخرهم وزير مكافحة الفساد نقولا تويني، الى جانب حضور عدد من اعضاء كتلة التيار «لقاء الاربعاء النيابي».
وبالمناسبة فقد سمع نواب التيار من الرئيس بري كلاما مباشرا في الاسبوعين الاخيرين، في الاول نوه فيه بمواقف رئيس الجمهورية الاخيرة في الخارج، وفي الثاني اكد ان اللقاء الثلاثي الذي جمعه مع الرئيس الحريري والنائب جنبلاط لم يكن في وجه اي طرف او جهة، لا بل يندرج في اطار تعزيز توحيد المواقف بين الاطراف وتحصين لبنان لمواجهة التطورات الخارجية.