في تموز 2015، عُقد الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الخمسة زائداً واحداً، ووافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على هذا الاتفاق، وأعلنت دول عديدة ترحيبها، ما عدا «إسرائيل» التي هاجمت الاتفاق بشراسة، لحسابات تتصل بموقف إيران الداعم للمقاومة.
اليوم، كلّ الأنظار مشدودة إلى واشنطن، وما سيصدر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول هذا الاتفاق، والحديث يدور عن نية الإدارة الأميركية نسفه، وفرض عقوبات جديدة على إيران!
لكن، هل بمقدور الإدارة الأميركية إلغاء اتفاق وقّعته خمس دول كبرى، إضافة إلى أميركا وإيران، ووافق عليه مجلس الأمن الدولي بالإجماع!
قد لا تكون الصورة مكتملة حول ما سيؤول إليه مصير الاتفاق النووي أميركياً، لكن ما هو مؤكد أنّ أميركا لا تملك وحدها حق إلغاء الاتفاق، فالدول الكبرى لا تشاطر واشنطن القيام بأيّ خطوة ناقصة حيال الاتفاق، فرئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أكدت لترامب «الأهمية البالغة» للاتفاق وشدّدت «على التزام بريطانيا وشركائها الأوروبيين الصارم بالحفاظ على الصفقة»، مؤكدة أنها «تمثل أهمية بالغة بالنسبة للأمن الإقليمي».
لذا، قد لا يلجأ ترامب إلى ترجمة مواقفه بالإعلان عن إلغاء الاتفاق، لكن الإجراءات التي سيعلن عنها توازي بمفاعيلها إلغاء الاتفاق، والمؤشرات كلها تدلّ على عزم إدارة ترامب على فتح باب العقوبات على إيران على مصراعيه، وبذريعة عدم التزام إيران تطبيق الاتفاق النووي سيضع الكرة في ملعب الكونغرس الأميركي الذي لن يتأخر عن فرض عقوبات جديدة، وهذا ما سيلقى ردود أفعال دولية، لا سيما من الدول الشريكة في الاتفاق، كما وسيقابل بإجراءات كبيرة تتخذها إيران، لأنها ستكون في حلّ من أيّ التزام نووي.
الدول الكبرى التي هي جزء من الاتفاق النووي، تدرك بأنّ واشنطن عاجزة عن تطويع إيران من خلال العقوبات، أو من خلال أية أعمال أخرى، لذلك فإنّ هذه الدول لن يكون موقفها أقلّ صرامة من موقف بريطانيا، وهي ستفعل ما في وسعها، لثني واشنطن عن الذهاب بعيداً بالانسحاب من الاتفاق، وينشط مسؤولون في هذه الدول بإجراء اتصالات مكثفة مع أعضاء في الكونغرس الأميركي لتلافي الانسحاب، كي لا تكون التداعيات كارثية، بحسب تعبير إحدى كبريات الصحف البريطانية.
الدول الكبيرة والوازنة في العالم، وبعضها حليف لواشنطن، تشكك بقدرة الإدارة الأميركية على التعامل مع قضايا وملفات دولية وإقليمية حساسة، والسؤال الذي يُطرح على نطاق واسع، كيف لواشنطن أن تطوّع بلداً مثل إيران يقيم علاقات دولية وإقليمية واسعة ويتمتع بنفوذ كبير، في حين عجزت واشنطن عن إيقاف تجارب كوريا الشمالية النووية وصواريخها الباليستية…!
وعليه، فإنّ ترقّب موقف ترامب بخصوص الاتفاق، والتوجّس من أن يكون هذا الموقف نسخة طبق الأصل عن الموقف «الإسرائيلي»، لا يلغي حقيقة أنّ واشنطن عاجزة، وأنّ إجراءاتها وخطواتها تساوي صفراً.