عمّت الاحتفالات بتوقيع الآليات العملانية لتنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتَيْ "فتح" و"حماس" بجداول زمنية محدّدة.
التوقيع جرى في مقر المخابرات العامة المصرية في القاهرة برعاية وزير المخابرات العامة المصرية اللواء خالد فوزي، حيث وقّع عن حركة "فتح" عضو لجنتها المركزية ومسؤول ملف المصالحة عزّام الأحمد وعن حركة "حماس" نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري.
ويُنهي الإتفاق 10 سنوات من الانقسام والفرقة الفلسطينية، التي استفاد منها العابثون بالوحدة الداخلية، وفي طليعتهم قوّات الإحتلال الإسرائيلي، وأطراف أخرى، واستند إلى اتفاق المصالحة الموقّع في القاهرة (4 أيار 2011).
وجاء هذا الإنجاز الهام تتويجاً لجهود مصرية، تُرجِمَتْ بخطوات عملانية وصولاً إلى عقد إجتماعات مكثّفة لأكثر من 20 ساعة بين وفدَيْ "فتح" و"حماس" على مدى 3 أيام توزّعت بين حوارات وإعلان نص التوافق، بعدما جرى بحث كافة بنود الورقة المصرية، التي كانت شاملة للملفات كاملة وتتعلّق بـ: ملف الموظّفين في قطاع غزّة، ملف معبر "رفح"، تمكين حكومة الوفق الوطني من مهامها، ملف الحريات العامة، ملف الشؤون الحياتية، ملف الإنتخابات، فضلاً عن ملفات أخرى استجدت خلال
الحوار.
وقد وجّهت مصر دعوة إلى الفصائل الفلسطينية كافة لعقد اجتماع في القاهرة بتاريخ 21 تشرين الثاني 2011 من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، والاتفاق على موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني.
ما تمَّ التوافق عليه في القاهرة هذه المرّة، هو إنهاء نهائي للانقسام بحرص فلسطيني، وجهد مصري، مع متابعة لذلك انطلاقاً من دقّة المرحلة، خاصة لما يُحضَّر بشأن القضية الفلسطينية ومحاولات تصفيتها وتذرّع الإحتلال الإسرائيلي بالانقسام الفلسطيني لعدم الإلتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، بل إنّ ما حقّقته فلسطين من مكتسبات دولية، أحدث زلزالاً في أكثر من مكان، ليس آخره إعلان الولايات المتحدة الأميركية والكيان الإسرائيلي الانسحاب من منظّمة "اليونسكو" التي كانت قد اعترفت بعضوية فلسطين.
ترأس وفد "فتح" عضو اللجنة المركزية للحركة ومسؤول ملف المصالحة عزام الأحمد، وعضوية أعضاء اللجنة المركزية: حسين الشيخ، أحمد حلس وروحي فتوح، رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج ونائب أمين سر المجلس الثوري للحركة فايز أبو عيطة.
فيما ترأس وفد "حماس" نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري، وضمَّ: ممثلين عن قطاع غزّة والشتات الفلسطيني وهم: قائد الحركة في غزّة يحيى السنوار ونائبه خليل الحيّة، عزت الرشق، حسام بدران وموسى أبو مرزوق.
وعلمت "اللـواء" بأنّ اجتماعات اليوم الأوّل (الثلاثاء) التي جرت في مقر المخابرات العامة بدأت عند الثانية عشرة ظهراً، واستمرّت حتى العاشرة ليلاً، ويوم
(الأربعاء) بدأت عند الحادية عشرة صباحاً، وانتهت عند الثامنة والربع مساءً، تلاها لقاء لصياغة الاتفاق ومراجعة قيادتَيْ الطرفين متمثّلتين بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور اسماعيل هنية.
وظهر أمس، جرى التوقيع الرسمي بين وفدَيْ حركتَيْ "فتح" و"حماس"، حيث وقع الأحمد والعاروري على آليات التنفيذ بحضور الوزير فوزي وأعضاء الوفدين.
وجاء في نص الاتفاق: "انطلاقاً من حرص جمهورية مصر العربية على القضية الفلسطينية، وإصرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، على تحقيق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني في إنهاء الانقسام، وتعزيز الجبهة الداخلية وتحقيق الوحدة الفلسطينية من أجل إنجاز المشروع الوطني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين.
لقد رعت القاهرة سلسلة اجتماعات بين حركتي "فتح" و"حماس" على مدار يومي العاشر والحادي عشر من الشهر الجاري، لبحث ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، وقد اتفقت الحركتان على إجراءات تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة في إدارة شؤون قطاع غزّة، كما في الضفة الغربية بحد أقصى يوم 1/12/2017 مع العمل على إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانقسام.
وفي إطار حرص جمهورية مصر العربية، على وحدة الصف الفلسطيني، توجّه مصر الدعوة لقعد اجتماع في القاهرة، يوم 21/11/2017 لكافة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني في 4/5/2011.
وتعبر مصر عن تقديرها البالغ لحركتَيْ "فتح" و"حماس"، على الروح الإيجابية التي اتسم بها أعضاء الوفدين وتغليبهما المصلحة الوطنية، وهو الأمر الذي أدى إلى
التوصل لهذا الاتفاق، كما نوجه الشكر والتقدير للرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، والذي كان لسيادته الرغبة والإرادة الحقيقية لإنهاء الانقسام وإعادة اللحمة للشعب الفلسطيني الشقيق".
وأكد الأحمد أنّ "الأردن والسعودية كانا على تماس مع الجهود المصرية".
كما علمت "اللـواء" بأنّ الجدول الزمني لتنفيذ الخطوات اللاحقة، يأتي وفق الآتي:
- تقييم المرحلة السابقة لمدّة أسبوعين، وتحديد جدول زمني بتواريخ محدّدة لاستلام المعابر كافة وإدارتها في غزّة مع الجانبين المصري والإسرائيلي، حيث يكون آخر موعد لتسليم المعابر 1 تشرين الثاني 2017، لتتولّى إدارتها الشرعية الفلسطينية مع طواقمها كافة بمختلف الوزارات والمؤسّسات المعنية. وستنتشر على معبر "رفح" قوّات حرس الرئيس "أبو مازن" على امتداد الحدود مع مصر التي يبلغ طولها 14 كيلومتراً.
- 1 كانون الأوّل 2017: الحد الأقصى لتمكين "حكومة الوفاق الوطني" بكافة وزاراتها وهيئاتها من تسليم مهامهم كاملة في قطاع غزّة.
- 21 تشرين الثاني 2017: دعوة الفصائل لاجتماع فلسطيني شامل لاستعراض بنود اتفاق المصالحة، ووضع الجدول الزمني والآليات اللازمة لتنفيذها، بما في ذلك إجراء الانتخابات العامة، وانعقاد المجلس التشريعي، وإعادة تفعيل "منظّمة التحرير الفلسطينية"، وقضايا الحريات في الضفّة وغزّة التي تمس كل الشعب الفلسطيني.
- بداية كانون الأوّل 2017: يعود وفدا حركتَيْ "فتح" و"حماس" إلى القاهرة، لاستكمال كافة الملفات الباقية بعدها، يجتمع رؤساء الأجهزة الأمنية في قطاع غزّة للبحث في قضايا الأمن الداخلي.
- 1 شباط 2018: تنتهي اللجنة الإدارية المكلفة بمتابعة الشؤون الإدارية، وتحديداً ملف الموظفين عملها لإنهاء أزمتهم، عبر دمج موظّفي غزة على قاعدة الورقة السويسرية.
وكشفت مصادر مطلعة عن أنّ "سلاح المقاومة الفلسطينية، لم يُطرح في جلسة الحوارات هذه، كما في الجلسات السابقة، ووجهته محددة وهي الدفاع عن الشعب الفلسطيني ضد الإحتلال الإسرائيلي.
وقد أجرى الرئيس عباس اتصالاً بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قدّم خلاله الشكر "بإسمه شخصياً وبإسم الشعب الفلسطيني للرئيس السيسي على جهود حكومته التي أثمرت إنجاز المصالحة الفلسطينية والسير نحو طي صفحة الانقسام".
ونوّه بأهمية "الدور الكبير الذي قامت به جمهورية مصر العربية لتحقيق هذا الإنجاز الهام، وصولاً إلى تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة عملها بحرية في قطاع غزّة".
وشدّد الرئيس "أبو مازن" على أنّ "ما تمّ الاتفاق عليه في القاهرة برعاية مصر يُعزّز ويسرِّع خطوات إنهاء الانقسام واستعادة وحدة الشعب الفلسطيني والأرض والمؤسسات الفلسطينية".
وتلقى الرئيس عباس اتصالاً هاتفياً من أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتييريس، مبدياً الاستعداد "لإسناد جهود توحيد الصف الفلسطيني والتخفيف من معاناة أهالي قطاع غزّة".
من جهته، أعلن هنية فجر أمس "التوصّل إلى الاتفاق الهام برعاية مصرية كريمة".
وبارك رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمد الله وأعضاء "حكومة الوفاق الوطني" "الإنجاز الوطني الذي يُنهي الانقسام الأسود وتبعاته عن كاهل الشعب الفلسطيني".
فيما أشادت الفصائل الفلسطينية بالاتفاق السياسي الذي تحقّق، آملة الإسراع في تنفيذ خطواته بما يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية.
بينما أكد الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي والأسرى المحرّرون ومن كافة الفصائل "دعمهم ومساندتهم للإنجاز التاريخي الذي تحقّق في القاهرة".
وفي أول رد فعل للعدو الإسرائيلي، علّق الكيان الإسرائيلي على ما جرى في تصريح صحفي صدر عن مكتب رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو بأنّها "ستدرس التطوّرات على الأرض وستتصرّف وفقاً لها"، مشترطة أنْ "تشمل المصالحة الإلتزام بالاتفاقيات الدولية بشروط الرباعية الدولية وعلى رأسها الاعتراف بإسرائيل ونزع سلاح حماس".
وطالب الكيان الإسرائيلي بـ"الإفراج الفوري عن الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى "حماس" أورون شاؤول وهدار غولدين، إضافة إلى أفيرا منفيستو وهشام السيد".