جلب الحبيب من آخر الدنيا، تسريع الزواج، رد المطلّقة الى بيتها، رد السرقات، علاج العقم، وغيرها... هذه العبارات واكثر تطالعنا فيها الصحف الاعلانيّة بهدف التسويق للمشعوذين وجذب زبائنهم، تحت تسميات مقنعة، وفي كثير من الاحيان تكون مستترة بعباءة رجال الدين، فهل هذه الممارسات هي حالة دينيّة او علمية مجدية، ام الهدف منها النصب وكسب الاموال؟.
"الشعوذة هي نوع من انواع اللعب على عقول الناس البسيطة، واستغلال لازمات الأشخاص التي تريد ان تتعلق بحبال الهواء للتخلص منها"، يقول المفتي الجعفري الشيخ أحمد طالب، ويوضح انه "عندما يفشل المرء بالتخلص من مشاكله عن طريق الامور العلميّة، يلجأ الى اشخاص يقنعونه بتخليصه منها عن طريق الامور الغيبيّة، ويعتقد انه لعل هؤلاء لديهم قدرات مجدية أكثر من الطرق العلمية".
أما كاهن رعية سانت تيريز–الفياضية الأب عصام ابراهيم فرأيه متقارب جداً من رأي المفتي طالب. ويعتبر أن "كل انواع الشعوذة على اختلاف تسمياتها هي اكاذيب وخزعبلات والاعيب مختلفة، فكل شخص يتعاطى بشأن المستقبل او بإرادته الشخصية على البشر يعني ان لديه القدرة على فرض سلطته الشخصية على البشر، وكل انسان يخضع للسلطة هو انسان غير ممتلئ من الله وليس مطيعا له".
وللاطلاع اكثر على أساليب تعاطي هؤلاء الاشخاص مع ضحايا هذه الممارسات، اتصلنا بأحد المسوّقين لأنفسهم عبر الصحف الاعلانيّة وطرحنا عليه مشكلة عاطفيّة وهميّة وهي "رفض أهل الفتاة لحبيبها بسبب سوء وضعه المادي"، وكان جواب المشعوذ على الشكل التالي: "يجب ان نقيم جلب محبّة للفتاة، ربط ومنع على الفتاة كي لا يقترب منها احد، جلب محبّة بين الحبيب وبين اهلها". وعن تكاليف هذا العلاج وضمانة النتائج المرجوة، أشار المشعوذ الى ان "علاج هذه المشكلة تتراوح تكلفتها بين الـ250$ و560$، فكلما ارتفع المبلغ كلما كانت النتائج مضمونة اكثر والعملية أسرع".
يرى طالب أن "المشعوذين يستخدمون هذه الوسائل لتحصيل الكسب المادي، فلو كانوا يستطيعون ان يلعبوا بالامور الغيبية لكانوا تمكنوا من معرفة ارقام "اللوتو" والجلوس في المنزل معززين مكرمين"، ويضيف: "ليدلني أحداً على انسانة حاولت ان تأتي بنصيبها عن طريق هذه الممارسات والاعمال ونجحت بذلك، فالمرء اذا اعتقد بشيء يولد لديه طاقة ايجابية تحفزه كي يسعى للحصول عليه، وهذا ما يجعله ينجح في مساعيه"، مشدداً على ان "هذه الممارسات تشوّه صورة الدين وتسيء للعقل البشري".
ومن جهته يؤكد الأب ابراهيم ان "الانسان الذي يتّكل على عناية الرب ولديه ثقة بأن الله هو الذي يعتني به وهو الذي يسيّر خطاه، لا يقع ضحية هذه الاعمال وهؤلاء الاشخاص".
الجدير بالذكر ان في عام 2008 حكم القاضي المنفرد الجزائي في بيروت زياد مكنّا، على عدد من مدّعي القدرة على حلّ المشاكل المستعصية، بالسجن فترات مختلفة وبالغرامات الماليّة، لكن مع تطور هذه الظاهرة الى حد مأسستها، لماذا لم نعد نلحظ اليوم احكاماً مماثلة للحد من هذه الظاهرة؟.