يشكو سامي (اسم مستعار) وهو يعاني من مرض مزمن من إنقطاع الدواء الذي يتناوله وقد قصد مرّات عدّة مؤخراً وزارة الصحّة والمستوصفات وكان الجواب ذاته بإستمرار بأن الدواء منقطع حالياً. حال سامي يشبه العديد من المرضى المصابين بأمراض مستعصية والذين تتراوح تكلفة الدواء الذي يتناولونه ما بين ستة وأحد عشر مليون ليرة لبنانية وهي غير متوفرة حالياً، على الرغم من وجودها في بعض الصيدليات الّتي تشتري هذا الدواء وتدفع عليه الضريبة من جيبها الخاص، ولكن من دون أن يستفيد منه من هو بحاجة اليه بسبب عدم تغطية وزارة الصحة له حاليًّا، ليبقى مصير هؤلاء المرضى مجهولاً في ظلّ التكلفة العالية لهذا الدواء والذي يجب على المريض أن يتناوله بإستمرار!.
وزارة الصحة هي الجهة المسؤول عن تغطية نفقات الدواء خصوصاً لمثل الحالات التي ذكرناها، وبحسب ما تؤكد مصادرها فإن "الموازنة المعطاة لبند الدواء غير كافية، فبدأت الوزارة بالتشدد في اعطائه، وطلبت موازنة إضافية من وزارة المال ومجلس الوزراء لتغطية الطلب المتزايد على الأدوية"، لافتة الى أنه "قد يكون هناك حالات محدّدة وقليلة جدا لم يتم تسليم الدواء فيها بسبب الإجراءات الجديدة او عدم توفر الاعتمادات المالية، والوزارة الآن في صدد مراجعة وضع الأدوية بشكل كامل"، مشددة في نفس الوقت على أنه "لَم يحصل انقطاع في الأدوية الاساسية والعلاجات مستمرة"، على الرغم من تلقّي "النشرة" شكويين في هذا الخصوص. بدوره نقيب الصيادلة جورج صيلي يشير عبر "النشرة" الى أنها "ليست المرّة الأولى التي يحدث فيها إنقطاع للأدوية خصوصاً لمن يعانون من أمراض مزمنة وفي نهاية العام تحديداً"، لافتاً الى أن "هذا الانقطاع حدث في العام الماضي ويتكرّر هذا العام ربما لأن وزارة الصحّة استنفذت كلّ الأموال المخصصة لتغطية نفقات هذا الدواء قبل نهاية العام وتنتظر أن تحول لها الاموال من جديد".
هذه الأدوية شبه المجانية للأمراض المستعصية، والتي يحتاج المريض الى تناولها بإستمرار كانت في السابق متوفرة في الصيدليات أما اليوم فيختلف الوضع. فبحسب ما يشرح صيلي فإنه "وفي السابق كانت الصيدلية تأخذ حوالي 18 % كنسبة ارباح على الدواء الذي تفوق تكلفته 600 الف ليرة، وفي العام 2013 صدر قرار اعتبره الصيادلة مُجْحفاً بحقهم إذ تمت اضافة شطر جديد وحدد نسبة 86$ على كل دواء يفوق 600 الف ليرة وتم الغاء النسبة المئوية في هذا الخصوص من هنا لم تعد الصيدليات تحضر هذه الأدوية الا بنسبة قليلة جداً وعلى الطلب"، ومضيفاً: "في السابق وعندما كنا نأخذ نسبة مئوية كأرباح على الدواء، كنا ننتظر على المريض شهر أو شهرين ليدفع ثمنها، بعد أن يكون استردّ المبلغ من الضمان أما اليوم فقد بتنا نقع في خسارة ما دفعنا بسبب عدم بيع هذه الأدوية في الصيدليات".
رغم هذا الكلام إلا أن الأدوية الخاصة بالامراض المستعصية موجودة وغير متوفّرة بسبب تضارب المعلومات حول هذا الأمر إذ تؤكّد بعض الصيدليات أنّ الأدوية موجودة والتغطية غير متوفّرة تتحدّث المصادر بأنّها ليست كذلك، وتأمل وزارة الصحة عبر مصادرها أن "تؤمن الاعتمادات بعد اقرار الموازنة بأسرع وقت لتغطية الطلب المتزايد"، مؤكدة في نفس الوقت أن "وزارة الصحة لا يمكنها ان تؤمن الدواء للمرضى الذين تغطيهم جهات ضامنة أخرى لأن الأولوية للذين لا تغطية لهم إطلاقا وللذين لا قدرة مادية لديهم لشراء الأدوية للأمراض المزمنة والمستعصية".
إذاً تنتظر وزارة الصحّة أن يقر مجلس النواب الموازنة حتى تحول الاعتمادات اللازمة لتغطية نفقات الأدوية خصوصا للأمراض المستعصية، وحتى ذلك الحين على المواطن الانتظار لإكمال العلاج، ليبقى السؤال: "ألم يحن الوقت أن تعمل الحكومة على امداد وزارة الصحة بنفقات هذه الأدوية بالكامل ودون تأخير، أم أن الفقير في لبنان حُكم عليه إما بالعيش مذلولاً إذا مرض أو الموت؟!.