يشكل تقدم الجيش العراقي لاستعادة المناطق التي اعتبرت بعد الاستفتاء الكردي من ضمن الإقليم الذي يرأسه مسعود بارزاني، الذي اندفع نحو اجراء الاستفتاء، اشارة واضحة من جانب ايران وكذلك العراق تحت ظل التحرك الشرعي لجيشه، تاكيد واضح أن لا تأثير للتهديدات التي يطلقها الرئيس الاميركي دونالد ترامب والهادفة الى الحد من النفوذ الايراني، على ما تقول اوساط رفيعة في محور الممانعة، بخاصة ان الحسم العراقي جاء بعد اقل من اسبوع على خطاب حالة الاتحاد الذي اسهب خلاله الرئيس الاميركي في التعبير عن مواجهته لإيران وسعيه لتطويق دورها على ساحة المنطقة.
وفي منطق هذه الأوساط، فإن التحالف المميز القائم بين واشنطن واقليم كردستان، الى جانب علاقة الصداقة والتعاون العسكري مع اسرائيل، لم يؤخذ بعين الاعتبار من جانب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي المنفتح على الدول العربية، لأن بداية رسم حدود جديدة للكيانات سيدفع نحو ترسيخ الرغبة الاسرائيلية في تفتيت الدول العربية.
لذلك، لم يراع الجيش العراقي اي اعتبارات لإسقاط مخطط تقسيم العراق وانتقال العدوى منه الى سوريا غير دول في المنطقة ، وهي خطوة اقدم عليها العبادي وتحمل ابعادا اكبر من الحسابات النفطية ومكاسب الحقول التي كان يسيطر عليها العراق، بل هي اشارة واضحة الى ان ايران وحلفاءها الاقليميين سيبادرون في اي لخطة، كما عندما عمدوا الى مقاتلة الارهاب وبخاصة «داعش»، دون الاخذ بعين الاعتبار اي تهديدات تستهدف الامن القومي للجمهورية الاسلامية الايرانية.
وتقول الاوساط ذاتها ان تهديدات ترامب لا تؤخذ بعين الواقع، بعد موقفه قبيل خطابه الأخير حيث كان منتظرا منه ان يقلب الطاولة على الاتفاق النووي ويطيح التوافق الدولي حول هذا التفاهم واذ به يبدو متراجعا في كلمته، فبدا وكأنه لا امكانات لديه لنسفه هذا التفاهم. ولذلك قد يلجأ الى تصعيد العقوبات على ايران على ما تعطيه صلاحياته الرئاسية وفق خطوات غير مدروسة على غرار اجراءاته حيال روسيا بطابعيها العقابين الاقتصادي والدبلوماسي، وهي الدولة التي باتت تملك حضورا على ساحة الشرق الاوسط وقادرة على تحقيق التوازن معه الى جانب حلفائها في محور الممانعة.
ويشكل التحالف العراقي بعد ان كان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله تحدث عن مخاطر انفصال الاقليم الكردي عن العراق كامثولة ممكن ان يتعظ بها اصدقاء او حلفاء اميركا على الساحة اللبنانية من الذين ستسعى واشنطن لتحويلهم رأس حربة ضد حزب الله على الساحة اللبنانية بعد ان باشرت موقفها الهجومي الذي يعبر عنه ترامب بما يعني ان حلفاء اميركا على الساحة اللبنانية لن يلاقوها في مطلبها بعد الذي يرونه من تخليها عن حلفائها وعدم قدرتها على حمايتهم كما حصل في محطات سابقة رغم ان المواقف التي تصدر عن هذا الفريق المقابل سياسيا لمحور الممانعة وتحرك المقاومة تدل على عقلانية وعلى رغبة بعدم الانتحار على قاعدة انهم تعلموا واتعظوا من رهاناتهم الفاشلة عليها.