فوجئ كثير من المراهنين على فشل المصالحة الفلسطينية بسرعة تنفيذ آليات التفاهم التي جرى التوقيع عليها بين حركتَيْ "فتح" و"حماس" في القاهرة، برعاية مصرية.
ويؤكد القياديون المعنيون في الحركتين على تنفيذ البنود التي تمّ التوافق عليها وفق الجدول الزمني، بما يؤدي إلى حسن التنفيذ، مع التقييم للمراحل، والعمل على حلحلة العُقَد والعراقيل التي قد تعترض أي بند من البنود.
في المقابل فإنّ المتضرّرين من المصالحة الفلسطينية يتوزّعون بين الإعلان بشكل مباشر وعلانية عن رفض الإعتراف بها، كما رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين المتطرّف، وبين مَنْ يسعى إلى وضع شروط على السلطة الفلسطينية لمشاركة "حماس" في الحكومة الفلسطينية، متغافلين عن قرارات الشرعية الدولية التي لا يلتزم بها الكيان الإسرائيلي، وهو ما عبّرت عنه الولايات المتحدة الأميركية، الذي يبدو أنّ "الكباش" السياسي مع روسيا ما زالت القضية
الفلسطينية تستحوذ على حيز منه.
فالموقف الروسي يدعم الحق الفلسطيني، وكانت هناك جهود من موسكو لعقد لقاءات بين حركتَيْ "فتح" و"حماس" والفصائل الفلسطينية، من أجل إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة.
كما عاد بريق القضية الفلسطينية إلى الصدارة من خلال المكتسبات التي تحقّقها فلسطين في المحافل الدولية لمحاصرة الكيان الإسرائيلي، ولعل ما جرى خلال اجتماعات اتحاد البرلمانيين الدوليين، الذي عُقِدَ في سانت بطرسبرغ في روسيا، وطلب رئيس الوفد الكويتي مرزوق الغانم من الوفد الإسرائيلي مغادرة القاعة، خير دليل على محاصرة عضوية الكيان الإسرائيلي في أكثر من محفل دولي.
ورأى المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام جيسون غرينبلات أنّ "كافة الأطراف تتفق على أنّه من الضروري أنْ تتمكّن السلطة الوطنية الفلسطينية من تسلّم زمام مسؤولياتها المدنية والأمنية الكاملة، وبشكل حقيقي دون معوّقات في قطاع غزّة، وأنْ يتم العمل مع السلطة لتحسين الحالة الإنسانية للفلسطينيين في القطاع".
وأكدت الولايات المتحدة الأميركية من جديد - حسب بيان غريبنلات - "أهمية التقيّد بمبادئ اللجنة الرباعية، ألا وهي أنّ أي حكومة فلسطينية يجب أنْ تلتزم التزاماً لا لبس فيه بنبذ العنف والإعتراف بدولة إسرائيل، وقبول الإتفاقات والإلتزامات
السابقة الموقّعة بين الطرفين، بما في ذلك نزع سلاح (الإرهابيين) والإلتزام بالمفاوضات السلمية، وإذا كانت "حماس" معنية بأي دور في حكومة فلسطينية، فيجب عليها أن تقبل هذه المتطلبات الأساسية".
ووزع تصريح غرينبلات بيان من القنصلية الأميركية في القدس، تعقيباً على جهود المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام بين الضفة وغزّة.
وجاء الرد سريعاً من حركة "حماس" التي عبّرت عن رفضها لتصريحات غرينبلات، واصفة إياها بـ"محاولات ابتزاز وانحياز أميركي لصالح المواقف الإسرائيلية".
واعتبرت "حماس" أنّ "الموقف الأميركي يمثّل تدخّلاً سافراً في الشؤون الفلسطينية الداخلية ويهدف إلى وضع العصي في دواليب المصالحة"، مشيرة إلى "أنّ حركة "حماس" تؤكد مضيّها قُدُماً في تطبيق خطوات المصالحة كافة، ولن تلتفت لأي محاولة لتخريب هذا المسار أو تعطيله".
ودعا رئيس حركة "حماس" في قطاع غزّة يحيى السنوار "اللجنة المركزية لحركة "فتح" واللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" برئاسة الرئيس محمود عباس إلى عقد اجتماعتهما المقبلة في غزة".
وقال السنوار: "إنّ "حماس" قرّرت قراراًً لا رجعة عنه بالمطلق، أنها لن
تعود أحد أطراف الانقسام، وأنا شخصياً سأسهر على سلامة وراحة الرئيس عباس في حال زيارته إلى غزّة".
وتعهّد بـ"ألا يرى جنود الإحتلال الأسرى النور، قبل أن يراه الأسرى الفلسطينيون في سجونه"، مشدّداً على أنّه "لا أحد له القدرة على انتزاع اعترافهم بالاحتلال وأنهم "مقاتلو حرية وثوار من أجل حرية الشعب الفلسطيني، ويقاتلوا الاحتلال وفق قواعد القانون الدولي الإنساني".
من جهته، أطلع عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ورئيس الوفد المفاوض للمصالحة الفلسطينية عزام الأحمد، مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ونائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، على رؤيا الرئيس الفلسطيني وموقف القيادة الفلسطينية من الخطوات العملية التي بدأت لإنهاء الإنقسام.
والتقى الأحمد بالمسؤول الروسي في مقر وزارة الخارجية في العاصمة الروسية موسكو، بحضور سفير دولة فلسطين في روسيا الإتحادية عبد الحفيظ نوفل وأمين عام المجلس التشريعي إبراهيم خريشة.
وأكد بوغدانوف "دعم الموقف الروسي لموقف القيادة الفلسطينية تجاه المصالحة الفلسطينية"، مشدِّداً على "ضرورة تحقيقها على أساس البرنامج السياسي لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وكذلك تأييد موسكو
لنهج القيادة الفلسطينية تجاه عملية السلام، وبما يضمن تجسيد تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وإحقاق حقوقه المشروعة، وفي مطلعها قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين".
وقال الأحمد: "إن اجتماعات اتحاد البرلمان الدولي والردود على سياسة الإحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا واستمرار اعتقال النواب الفلسطينيين، كان هذه المرة قوياً وكشف الوجه الحقيقي لسياسة الاحتلال الإسرائيلي".
وأشار إلى أنّ "الوفد الإسرائيلي خلال اجتماعات اتحاد البرلمانيين، حاول تشويه صورة النواب الفلسطينيين الأسرى ووصفهم بالإرهابيين، ورداً على ذلك تعالت صرخات عشرات النواب من مختلف الدول الرافضة لمثل هذه التصريحات، ومطالبتهم بمغادرة قاعة الاجتماعات".
وبيّن أنّ "انسحاب الوفد الإسرائيلي، هو الثالث من نوعه لمثل هذه الاجتماعات"، لافتاً إلى أنّ "رئيس الوفد الكويتي مرزوق الغانم، سبق وأن قدم اقتراحات أكثر من مرة بتجميد عضوية "إسرائيل" في اتحاد البرلمانيين الدوليين".
وقال: "إن المطلوب تعزيز بعض مواد الأنظمة في عمل البرلمان الدولي، والمحاولات التي تجري داخل البرلمان لم تستكمل إلى نهايتها"، معرباً عن اعتقاده
بأنّ "عضوية "إسرائيل" ستحاصر في البرلمان الدولي مما سيضطرهم إلى مغادرته في النهاية".
واستعداداً لإحياء الذكرى المئوية لـ"وعد بلفور" المشؤوم، أكدت الفصائل الفلسطينية على ضرورة اعتماد يوم الثاني من تشرين الثاني المقبل كيوم وطني غاضب وأليم في حياة الشعب الفلسطيني بمناسبة الذكرى المئوية لـ"وعد بلفور".
جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقد بحضور كافة ممثلي فصائل العمل الوطني في مكتب نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول.
وتم التأكيد على أهمية "التحضير الجيد للمناسبة في كافة المدن والقرى والمخيّمات في الضفة الغربية وقطاع غزّة وداخل الأراضي المحتلة في العام 1948، بواقع أنّ الوعد المشؤوم أوقع الضرر بكافة قطاعات أبناء الشعب الفلسطيني حيثما كانوا".
وتطرّق "الحضور للاستعدادات في مدينة القدس لرمزيتها من خلال فعاليات ستصل لمقر القنصلية البريطانية للتعبير عن الاحتجاج المزدوج على ذلك الوعد وعلى موقف الحكومة البريطانية الحالية المطالبة اصلا بالاعتذار والتكفير عن جريمة بلفور".
وشدّدوا على "ضرورة توحيد كافة الجهود بينهم وبين مؤسسات المجتمع
المدني، وكل الطاقات الفاعلة مجتمعياً ووطنياً من أجل انجاز حملة واسعة شعبياً واعلامياً وثقافياً وفكرياً تحت شعارات موحدة، وخطاب موحد، في ظل الأعلام الفلسطينية والرايات السوداء".