عندما خرج وزير الدولة لشوون النازحين معين المرعبي من القاعة العامة لمجلس النواب معلناً إنسحابه من الوزارة والنيابة، كان ذلك مساء الأمس وفي الجلسة الأخيرة المخصصة للتصويت على بنود الموازنة العامة لعام 2017. أما حجة الإنسحاب التي أعلنها أمام النواب والإعلاميين الحاضرين، فإعتراضه على عدم تخصيص محافظتي بعلبك-الهرمل وعكار بإعتمادات للإستملاكات. وعندما عاد المرعبي الى الجلسة مقبّلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، لم يكن قد طرأ أي تغيير على الإستملاكات التي طالب بها إذ أن بري كان جازماً بقوله للمرعبي وهو يغادر، "إن المجلس لا يمكنه أن يضيف إعتمادات الى الموازنة". إذاً لم يكن السبب الحقيقي لإنسحاب المرعبي من الجلسة إستملاكات عكار، ولا حتى قبلاته التي رسمها على خدود بري والحريري، كما أن عملية تهدئة روعه بعد خروجه والتي قام بها كل من وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير شؤون المرأة جان اوغاسابيان والنائب كاظم الخير في أحد المطاعم المحيطة بساحة النجمة، لم تكن الهدف الذي يريد المرعبي الوصول اليه من مسرحيته هذه.
وعن سبب تصرف المرعبي غير المفهوم، يقول نائب مستقبلي، " إنها الإنتخابات النيابية في عكار التي دفعت المرعبي الى ردة فعله هذه، وإنه عدم حسم الحريري لمرشحيه بعد الذي جعل المرعبي يزايد على الجميع عكارياً وحتى على الحريري نفسه، بهدف القول أنا هنا، لدي جمهوري في عكار، وأعرف كيف أخوض المعارك لأجل هذا الجمهور، على الأرض عندما تقتضي الحاجة وفي مجلس النواب كنائب، إضافة الى ملعب الطاولة الوزارية بصفتي وزيراً في الحكومة". وفي شرح أكثر وضوحاً يرى النائب المستقبلي أن صراخ النائب خالد ضاهر داخل القاعة العامة وهو يطالب بمشاريع وإعتمادات لعكار، وبرفع وسائل الإتصال عن الشباب العكاري والطرابلسي المطلوب هو الذي جعل زميله المرعبي يخرج عن صمته برفعه سقف إعتراضه عالياً الى مستوى التهديد بالإنسحاب من الحكومة والنيابة". أضف الى ذلك جاء كلام النائب أحمد فتفت عن الإحباط السني بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل المرعبي دفاعاً عن أهل السنة في عكار وطرابلس، وكيف لا يقول المرعبي ما قاله وهو الذي لطالما كان مصنفاً من بين أبرز صقور تيار المستقبل قبل تسميته وزيراً وتركه المهمة الى فتفت وضاهر الذي خرج عن العباءة المستقبلية الزرقاء بعدما تأكد أن الحريري لن يوزره في حكومته.
تخلي المرعبي عن الوزارة والنيابة، كان يمكن أن يصدقه الرأي العام فيما لو لم تكن الإنتخابات النيابية بعد أشهر قليلة، ولو حاول الحريري تهدئته أثناء خروجه لكانت نسبة تصديق الإنسحاب إزدادت، أما أن تكون الإنتخابات بعد سبعة أشهر من اليوم، وهو نائب ووزير حالي مع ما تعنيه هاتان الصفتان من خدمات في حسابات الربح والخسارة الإنتخابية، وألا يتأثر الحريري بردة فعل وزيره ويحاول إقناعه بعدم ترك الجلسة، فهذا يعني أن ما قام المرعبي لا يمكن وصفه إلا بالمسرحية الإنتخابية التي لا تمر على أحد ، نائباً كان أم ناخباً عكارياً .