في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في بعبدا أمس برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قررت الحكومة التي بحثت ملف مناقصة «بواخر الكهرباء» تمديد المهل أسبوعاً لاستكمال الشركات المستندات المطلوبة لدى إدارة المناقصات التي ترفع تقريرها إلى لجنة وزارية برئاسة الرئيس سعد الحريري وعضوية وزراء الطاقة والمالية والشباب والرياضة والأشغال العامة، والوزيرين أيمن شقير وعلي قانصوه، مهمتها درس العروض وتقديم النتيجة الى مجلس الوزراء. وقد اعترض وزراء القوات اللبنانية على القرار. خطوة الحكومة فتحت الباب أمام نقاش قانوني، بعد أن اعتبرت جهات دستورية «القرار مخالفة لقانون المحاسبة العمومية»، فهل خالفت الحكومة القانون؟
بحسب مصادر إدارة المناقصات «لا يجوز إدخال أي مستند جديد بعد إقفال المحضر من قبل لجنة فتح المظاريف»، وما القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء باستكمال الأوراق سوى «مخالفة صارخة للقانون، يُمكن أن تستدرج طعناً في مضمون النتائج»، إذ إن محضر لجنة المناقصات بشأن «استدراج عروض لاستقدام معامل توليد الكهرباء، وفق إطار أعمال تحويل الطاقة» الذي حصلت عليه «الأخبار»، قد رفض العروض الثلاثة المقدّمة من «OEM Authorization form»، بسبب عدم إرفاق نموذج صادر عن غرفة التجارة يفيد بأن الشخص المذيّل توقيعه على المستند مفوّض بالتوقيع عن الشركة المصنعة. كذلك رفضت العرض المقدم من تحالف شركة «stx heavy industries و younes bros» لعدم تضمين أي مستندات أصلية، وأيضاً العرض المقدم من شركة «Tuszla» لأن «رسالة التقدم الى المناقصة مذيّلة فقط بتوقيع الشخص المفوض من قبل التحالف وغير ممهور بختم الشركات المتحالفة خلافاً لدفتر الشروط، كما أن الكتاب المصرفي لا يغطي فترة الـ180 يوماً المطلوبة». وبناءً عليه، ومع بقاء شركة واحدة العائدة لتحالف «bb energy وelsewedy electric»، تقرر عدم السير بالتلزيم وإعادة كامل الملف الى إدارة المناقصات لاتخاذ الإجراء المناسب.
وتقول المصادر إنه «من الناحية القانونية ليس لمجلس الوزراء طلب استكمال المستندات، بل هذا يدخل من صلاحيات إدارة المناقصات. فهي من تطلب من الشركات ذلك، وليس الحكومة». فبموجب المادة 37 من نظام المناقصات «لا يجوز للجنة أن تقبل المناقص الذي هو في حال إفلاس ولا العرض المخالف للشروط المفروضة في القوانين والأنظمة في دفاتر الشروط العائدة للصفقة، غير أنه يجوز للجنة أن ترخّص علناً للمناقصين قبل الشروع بفض بيانات الأسعار، بأن يستدركوا أمامها ما قد يكون في عروضهم من نواقص لا صفة جوهرية لها». وهذا يعني بحسب المصادر أن «كل طلب استكمال لا يستوفي شروط هذه المادة المحال إليها من قانون المحاسبة العمومية يعتبر مخالفاً لقانون المحاسبة العمومية ولقواعد الاختصاص التي كرّسها القضاء الإداري، فلا تملك أية سلطة عليا حق الحلول محل سلطة دنيا واتخاذ القرار عنها بديلاً عنها». ومن الناحية القانونية، فإن «قرار مجلس الوزراء ليس في موقعه الصحيح، وهو خارج إطار القواعد القانونية المألوفة»، لأن «لجنة التلزيم رفعت يدها عن الملف وأعادته إلى دائرة المناقصات التي حوّل رئيسها جان عليّه بدوره الملف الى الوزير المعني ليحيله إلى مجلس الوزراء، الأمر الذي يستوجب إجراء مناقصة جديدة لاستدراج عروض أخرى، لا الطلب من الشركات التي رفضت عروضها استكمال مستنداتها، إذ لا يجوز استكمال العروض أو تعديلها». مع ذلك، «سوف تنفّذ إدارة المناقصات قرار الحكومة، لكنها ستطلب من اللجنة في نفس الوقت تنفيذ القانون، بحيث إن كل مستند غير مطابق للشروط سيرفض». في المقابل، لفتت مصادر وزارية إلى أن «القرار ليس مخالفة، لكنه يفتح المجال أمام عروض جديدة حتى لا يكون هناك شركة واحدة». وقالت المصادر إن «الشركات طلبت مهلة جديدة لأنها لم تتمكّن سابقاً من تأمين كل المستندات نظراً إلى ضيق الوقت». وأكّدت مصادر أن «العيوب شكلية، كما عدم وجود ختم أو نقص وثيقة غير جوهريين. ولهذا السبب، قرر مجلس الوزراء، بهدف كسب الوقت، إمهال الشركات لاستكمال مستنداتها، بدل تنظيم مناقصة جديدة».
من جهة أخرى، دعا الرئيس عون خلال الجلسة الى «تفعيل عمل اللجنة الوزارية الخاصة بالنازحين واتخاذ المزيد من الإجراءات لضبط الحدود»، مشيراً الى أن «تداعيات أزمة النازحين تتفاقم، وأن اللقاء الذي عقده مع السفراء هدف الى استنهاض المجتمع الدولي والأمم المتحدة للبدء بمعالجة الأزمة».
وفي سياق آخر، أعلن النائبان الجمهوريان في مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي وإد رويس أن «المجلس سيصوّت خلال أيام على فرض عقوبات جديدة على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وحزب الله». وأوضح النائبان في بيان مشترك أن «التحرك الفوري باتجاه هذا الهدف سيأتي من المجلس الأسبوع المقبل، حيث سنصوّت على تشريع يزيد العقوبات على حزب الله وانتشار الصواريخ الإيرانية».
أزمات الحريري تصل إلى تركيا
على صعيد آخر، وبعد القضاء على شركة «سعودي أوجيه» المملوكة من قبل الرئيس سعد الحريري، يظهر أن سلسلة من الشركات التي ارتبطت بها تواجه خطر المصير نفسه. فقد أشارت وكالة «رويترز» أمس إلى أن «الخزانة التركية لن توافق على طلب من مساهمين سعوديين في شركة «ترك تليكوم»، بتمديد الموعد النهائي لمحادثات جارية بشأن الديون». ونقلت الوكالة عن مصدرين مطّلعين أن «الخزانة تعتزم أيضاً القيام بتعيينات فى مجلس الإدارة واللجنة التنفيذية لـ«ترك تليكوم»، في الوقت الذي تسعى فيه إلى فرض سيطرة أكبر على الكيان الحكومي السابق الذي تعرض المساهم الرئيسي فيه لمشاكل جرّاء أزمة ديون». وكانت «رويترز» قد قالت إن «شركة الاتصالات السعودية تقدمت بطلب بخصوص تمديد موعد سداد مستحقات بعد أن تخلّفت شركة «أوجيه تليكوم»، المساهِمة بحصة أغلبية في ترك تليكوم، عن سداد مدفوعات قرض مشترك قيمته 4.75 مليارات دولار للمرة الثالثة على التوالي». وتملك الاتصالات السعودية 35% من «أوجيه تليكوم»، ما يجعلها مساهماً غير مباشر فى «ترك تليكوم». وتملك الحكومة التركية نحو 32% من ترك تليكوم أكبر شركة لتقديم خدمات الهاتف الثابت فى البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أن أبرز استثمارات «أوجيه تليكوم»، المملوكة من شركة سعودي أوجيه ومن شركة الاتصالات السعودية، موجودة في تركيا، حيث كانت تملك «أوجيه» 55 في المئة من شركة «تورك تليكوم» المشغلة لخطوط الهاتف الثابت والمالكة بدورها لـ81 في المئة من ثالث أكبر مشغل للخطوط الخلوية في تركيا. كذلك تملك 75 في المئة من ثالث أكبر مشغل للهاتف الخلوي في جنوب أفريقيا، إضافة إلى شركة «سيبيريا» التي تقدم خدمات الإنترنت في لبنان والسعودية والأردن. وقد باع الحريري عام 2008 نحو 35 في المئة من أسهم أوجيه تليكوم لشركة الاتصالات السعودية (STC)، مقابل أكثر من مليارين ونصف مليار دولار.