تناول البعض موضوع المحاكمات الجارية بحق الإرهابيين من موقع الدفاع عن عوائل الشهداء ومن موقع المهاجم للمحامين المتطوعين لهذه المهمة النبيلة.
وخاض في مجال ليس من اختصاصه ووجه سهام النقد والتجريح تلميحا وتصريحا ولا ندري ما هي مآربه التي غلفها بمصلحة اهالي الشهداء.
وأجد نفسي ملزما بالرد لكوني أحد المحامين عن عوائل شهداء الجيش في احداث عبرا ولكوني صرحت لأكثر من وسيلة اعلامية فضائية ومحلية، بوجوب احالة ملفات الإرهابيين امام القضاء العدلي ولنوضح للرأي العام الحقائق التالية :
اولا، لأن الهدف من انشاء المجلس العدلي (محكمة استثنائية) هو النظر بمجموعة الجرائم المنصوص عنها في قانون العقوبات اللبناني من المادة 270 الى المادة 336، والتي تصنف كجرائم كبرى تمس بالسلم والأمن الأهليين، وتحرض على الاقتتال الطائفي والمذهبي وغيرها من الجرائم التي تمس بالأمن القومي اللبناني، وبالتالي ومع احالة ملفات لجرائم أقل خطورة بكثير من الجرائم الإرهابية، خاصة تلك التي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى من الجيش اللبناني، مثل الملف المعروف بأسم ملف الزيادين، او ملف اغتيال اغتيال الشيخ نزار الحلبي، ومقتل الاخوين انطونيوس، ومع المطالبة من فريق سياسي بإحالة ملفات فردية مثل ملف الوزير السابق ميشال سماحة، او محاولة اغتيال رئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع وغيره الى هذا المجلس، باعتبارهم جرائم وطنية كبرى، في حين تعرقل ذات الجهة السياسية احالة ملف كجريمة أحمد الأسير الى المجلس العدلي يثير الكثير من علامات الإستفهام حول الاستنسابية في تكييف الجرائم .
ثانيا، ان احالة ملفات الإرهاب الى المجلس العدلي هو مطلب ملحّ لأهالي الشهداء، لكونهم بذلك يتمكنوا من اتخاذ صفة الإدعاء الشخصي ضد المتهمين، وبالتالي نتمكن كمحامين من تمثيلهم امام القضاء، لا كما يحصل امام المحكمة العسكرية بحيث يتحولون الى متفرجين ومحاميهم خارج نطاق الخدمة القانونية .
ثالثا، ان التذرع ببطء سير المحاكمات امام المجلس العدلي قياسا بسرعة اصدار الأحكام امام المحكمة العسكرية، هو سبب غير قانوني وغير منطقي لكون المجلس العدلي بإمكانه الإنعقاد اسبوعيا، وتكثيف الجلسات لحين اصدار الحكم، وبإمكان الأهالي التحلّي بالصبر طالما ان العدالة تأخذ مجراها، وهم ممثلون بالمحاكمة، والمتهم يحاكم باعتباره مرتكب لجريمة وطنية كبرى، لا أن تعتبر جريمته بحق ابنائهم مثل أي جريمة أخرى، والا فكيف لمدانين بأحداث عبرا ان تأتي معظم الأحكام بحقّهم بعقوبة الحبس لسنة او سنتين، ويتم اطلاق سراحهم، وهذا ما لا يمكن ان يحصل امام المجلس العدلي، باعتباره لا ينظر الا بالقضايا الجنائية الكبرى، ولا يمكن لمدان ان ينال مثل هذه العقوبة الهزيلة، وبالتالي فإن هذه الذريعة ساقطة، ولا محل لها من الصرف بالقانون، والا فلنطالب بالغاء المجلس العدلي، ولا ننتقي الملفّات التي تحال اليه ونصنّفها بما يتلاءم مع اهوائنا السياسية .
رابعا، ان من يطالب باحالة الجرائم الكبرى التي طالت بشكل خاص الجيش اللبناني، ينطلق من وازع وطني محض ولا يهدف الى تحقيق مآرب شخصية، كما ادّعى صاحب المقال لأنه ربما من مدرسة النفعيّة.
فيكفينا شرفا ان نكون ممثلين للحق ومدافعين عن أهله، في قضية لا تقبل القسمة على اثنين، لكونها تتعلق بالمؤسسة الوطنية الجامعة، ولا يمكن ادخالها في البازارات السياسية الرخيصة التي يجيدها البعض .
وأخيرا، الجاهل بالقانون هو من خبز بغير معجنه، فجاء خبزه غير صالح للأكل ورحم الله امرىء عرف حدّه فوقف عنده .
وكانت "النشرة" قد نشرت موضوعاً بعنوان "بين المحكمة العسكرية والمجلس العدلي... هنا مصلحة أهالي شهداء الجيش"، تناولت فيه موضوع العلاقة بين المحكمة العسكرية والمجلس العدلي.