استضافت جامعة الروح القدس - الكسليك، أكبر حدث فلكي بعنوان "مهرجان فلورانس الفلكي الثالث في لبنان"، الذي نظمته مع جمعية UniversCiel، برعاية السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، وبالتعاون مع مجموعة من الأكاديميين المهتمين بالفلك والعلوم والتربية الثقافية.
وقد جمع هذا الحدث بنسخته المميزة الثالثة إضافة إلى طلاب الجامعة، حوالي 1500 طالب وطالبة من مختلف المدارس اللبنانية الذين أمضوا نهارا كاملا برفقة الكواكب، فتعرفوا عن كثب على أسرارها وعلى تفاصيل علم الفلك، من خلال محترفات قاموا فيها بتجارب ملموسة ومشاهدات للشمس وعروض عن النجوم وزيارات إلى البلانيتاريوم ومحاضرات وحلقات نقاش.
حضر الافتتاح رئيس جامعة الروح القدس - الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة، والسيدة فيرونيك اولانيون ممثلة السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، والقى حبيقة كلمة أكد فيها "أن هذا المهرجان هو بمثابة عنصر محرّك، يسلط الضوء على الثقافة العلمية وعلى الفرنكوفونية في لبنان". ولفت إلى "أن الجامعة تبذل قصارى جهدها في سبيل خدمة الطالب خلال مسيرته التعليمية، وتوفّر له الفرص للمشاركة في نشاطات ثقافية وعلمية هامة، بهدف تطوير قدراته ومعارفه. وها هي تشرع أبوابها اليوم أمام أكثر من ألف طالب من المدارس، متيحة أمامهم فرصة اختبار تجربة الفضاء مع طلابنا".
كما استشهد الأب حبيقة بمقولة للفيلسوف اليوناني أفلاطون: "علم الفلك يجبر الروح للنظر إلى الأعلى، ليقودنا من هذا العالم إلى عالم آخر"، وبعدما شدد الأب حبيقة على "المكانة الخاصة التي يوليها اللبنانيون لعلم الفلك، استذكر مؤسس مدرسة الفلسفة وعالم الفلك، الفيلسوف الإغريقي طاليس، الذي توقع كسوفا للشمس قبل حصوله في القرن السادس، من خلال حساباته الرياضية، متطرقا إلى حادثة وقوعه في حفرة، بينما كان يراقب الكواكب، وقد كانت تشاهده إحدى النساء الظريفات التي علقت: "كان يعرف ما يجري في السماء، لكنه كان يجهل ما كان قريبا من قدميه". وقد ذكرت هذه الواقعة في كتب افلاطون.
ثم تناول الأب حبيقة مسألة مقومات النظرية العلمية، مستشهدا بالتحديد الذي أطلقه فيلسوف العلوم وعالم الرياضيات النمساوي كارل بوبر: "يقوم الطابع العلمي لنظرية علمية ما على إمكانية دحضها".
وفي ختام كلمته، أشاد بإنجازات اللبنانيين اللذين برزا دوليا في مجال علم الفلك واكتشاف الفضاء، وهما البروفسور جورج حلو إبن قرية وادي جزين، وهو حاليا، مسؤول عن برنامج المريخ في الوكالة الأميركية للفضاء، الناسا، والبروفسور شارل العشي إبن بلدة رياق. وسلَّط الضوء على التكريم الاستثنائي الذي قامت به الناسا تجاهه نظرا لاكتشافاته العظيمة في عالم الفضاء بإطلاقها الاسم التالي على غرفة قيادة الرحلات إلى الكواكب: "مركز شارل العشي للتحكم في الرحلات إلى الفضاء.وفي حرم المركز زرع البروفسور عشي أرزة من لبنان كتب تحتها: "بعد ألفي سنة، ستملأ هذه الأرزة الوافدة من لبنان رحاب هذه الساحة، شاهدة بأغصانها على الإنجازات العظيمة التي ستتحقق في الآتي من الأيام".
من جهتها، لفتت أولانيون إلى أنه "منذ العام 2015، دأبت السفارة الفرنسية في لبنان على دعم هذا الحدث لأنه يعزز الفرنكوفونية والتعاون العلمي بين فرنسا ولبنان ونشر العلوم وإيصالها إلى أكبر شريحة من المجتمع، وتحديدا الأجيال الطالعة".
وتوجهت إلى الطلاب المشاركين، بالقول:"ستعون من خلال المشاركة في المحترفات والمحاضرات والأنشطة ومراقبة العجائب التي تحيط بنا وفهمها المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الإنسان كي يحمي كوكبنا وسكانه من التغير المناخي، وعليكم نقل هذه الرسالة إلى أهلكم وأصدقائكم... عالمنا بحاجة، اليوم، إلى باحثين ومواطنين قادرين على تطوير العلم والحفاظ على كوكب الأرض في الوقت عينه".
هذا وأتاح المهرجان فرصة أمام الطلاب الوافدين ليتحاوروا مع بيريز ومونفلييه في المواضيع التي تهمهم حول علم الفلك. كما ألقى بيريز محاضرة بعنوان "لماذا نقول إن الكون في تمدد"، كما جرى إطلاق محترفات Astro-jeunes، وجلسات لمشاهدة الشمس، إضافة إلى عرض فيديو لمونفلييه بعنوان "هذا المساء، في مكان ما على الأرض"، تبعها محاضرة لبيريز عن سر الكواكب، ليختتم المهرجان بعرض مسائي تحت النجوم بعنوان "رحلة في الكون".