عملا بقاعدة «العين بالعين والسن بالسنّ والبادي أظلم» يتسع السجال بين التيار الوطني الحر وبين القوات اللبنانية حول ملفات خلافية عدة خرجت الى العلن وجعلت اتفاق معراب من الماضي دون سقوط المصالحة التي عقدها الجانبين، ذلك أن المصالحة والحفاظ على مصلحة المسيحيين على ما هو الكلام لدى أوساط رفيعة في التيار الوطني الحر فهمتها القوات اللبنانية بأنها محاصصة ورغبة بتقاسم المسيحيين مع التيار الوطني والغاء سائر القوى حيث كانت خلفية رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع سلطوية تهدف الى اكتساح الجميع واستئثار بالتعيينات المسيحية بالدولة وهو الأمر الذي لم يلق تجاوبا لدى رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.
وحسب الأوساط ان القوات أرادت مدّ يدها الى حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومقاسمته بهدف اضعاف الرئيس القوي الذي يشكل حاجة وطنية ومسيحية، فتوقعت معراب تجاوز العرف الذي يعطي رئيس البلاد حق التعيين الحصري في عدد من المواقع أسوة بقائد الجيش ومدير تلفزيون لبنان وغيرها من المناصب التي كانت من حق رئيس كل جمهورية، وهي الرغبة التي لم تلق تحقيقا.
وقد بدا من مطالب القوات اللبنانية بأن هدفها كان الاستئثار بالحصص المسيحية وعدم حصول رئيس الجمهورية عليها رغم أنها نالت كل مطالبها اسوة بالتعيينات القضائية التي لم تكن ظالمة في حقها لكنهم طالبوا بتعيين قضاة في أماكن لا يمكن تبوؤها في حين أنهم نالوا في التعيينات الديبلوماسية مطلبهم بتعيين خمسة أسماء ثم تحاملوا عليها نظرا لتعيين السيدة تريسي داني شمعون سفيرة لبنان في الأردن وهو حق لرئيس الجمهورية وبذلك تأتي حملتهم بهدف اضعافه واظهار كل ما يقدم عليه العهد وكأنه مخالف للقانون.
فيما يبقى تعاطي القوات مع ملف الكهرباء بوتيرة غير واضحة اذ من جهة يؤكد جعجع لوزير الطاقة سيزار أبي خليل بعد زيارته له في معراب عن تفهمه للخطة ثم تنقض القوات وزاريا ونيابيا وسياسيا واعلاميا اعتراضا عليها من دون تقديم أي مشروع بديل، حتى أن وزراء القوات يعتمدون في كل مكان خطاب لأن ما يقولونه داخل الجلسات الحكومية هو غير ما يعلن خارجها وهو التصرف الذي انزعج منه رئيس الحكومة سعد الحريري لعدم تحديدهم مطالب واضحة ومدروسة، وأن المناقصات التي تجريها شركة الكهرباء لم تحال أبدا الى ادارة المناقصات ومع ذلك تستمر القوات في انقضاضها على التيار الوطني الحرّ، فمن جهة باسيل تتابع الأوساط هو ملتزم بالمصالحة لكنم يريدونها على قاعدة الحصص في كل مكان وعلى كافة الأصعدة، وتشدد الاوساط على ان وزراء القوات لا يعملون ابداً وتساءلت هل يعمل الوزير حاصباني كما يجب في وزارته؟
أما حيال الانتخابات النيابية تجيب الأوساط الرفيعة بأن التيار يرغب بالتحالف والتفاهم مع القوات اللبنانية اما وفق قاعدة موازين القوى لكل فريق وأخذ حجمه بعين الاعتبار، مشيرة الى أن لا داعي للقاء باسيل- جعجع لتذليل العقبات طالما أن قناة الاتصال قائمة مع وزير الاعلام ملحم الرياشي.
ومن جهتها ترى القوات اللبنانية بأن المشكلة مع التيار الوطني الحر حسب مسؤول قواتي في دائرة جعجع الضيقة تكمن في المخالصة المرتبطة بادارة الملفات والشفافية لمصلحة الناس والدولة وهي ليست في وارد شن حملة على التيار الوطني الحر ولا في وارد الحصول على حصص والا لكانت غادرت الحكومة منذ اليوم الأول، إنما ما تقدم عليه هو حملات ضد بعض الممارسات التي تأخذ الحكومة الى خارج المنحى الطبيعي للحكم الرشيد ولمحاصصات مشبوهة ترفضها القوات جملة وتفصيلا ورغم كل هذه الأجواء القائمة يصر الفريقان على عدم العودة في العلاقة الى قبل اتفاق معراب.