نظم تحالف "متحدون" اعتصاماً أمام قصر العدل في بيروت ظهر اليوم، تحت عنوان "محاسبة المختلسين والفاسدين في الضمان: ارفعوا أيديكم عن القضاء"، وذلك من سلسلة نشاطات يقوم بها التحالف الذي يضم أفراداً ومجموعات المجتمع المدني والذي يهدف إلى إعادة إنتاج حراك مدني جامع، صادق وفاعل ومعبّر عن أوجاع الناس، وبعيد كل البعد عن سياسات المحاور، متسلح بشعار أساسي: لا إصلاح ولا قيامة لوطن من دون قضاء مستقل ومحاسبة فاعلة.
وقد القى كلمة الاعتصام الناشطة المحامية فرانسواز كامل والتي ركزت مقدمتها على سؤال أساسي وهو: "كيف نبني وطناً إذا استغرق اللبنانيون في اللامبالاة ونسوا أمر السموم التي يتنفسون ويأكلون ويشربون كل يوم، إن لم نستذكر وطأة المرضى والموتى على أبواب المستشفيات وحرمانهم من أبسط حقوقهم من ماء وكهرباء وضمان سوي وغير ذلك من الأمور التي لا يمكن لعاقل أن يضعها إلا في خانة العيش الذليل؟" وتساءلت كامل كيف نبني وطناً إذا ما آثر اللبنانيون نبش القبور وإثارة الأحقاد وسفك الدماء والخنوع والمكوث على أبواب أمراء الحرب والدمار والفرقة على الاجتماع والاتحاد.
وشددت الكلمة على ضرورة إصلاح القضاء كخطوة أولى في بناء الوطن المرجو ورفض كون "المدعوم" فوق الناس والقانون، في وقت يقبع فيه مستزلموه وراء القضبان نتيجة لسرقاتهم، فيما يسرح هو ويمرح باستعلاء وطغيان، وكون القاضي الكفوء لا يرى نزاهته سبيلاً لمكافأته فيختار التزلف إلى من يُفترض به أن يقاضيهم من أجل نيل مركز أو ترقية، وكون حكومتنا تتقاسم خيرات الكادحين من الناس من خلال فرض ضرائب هي أقرب إلى السرقة من جيوب الفقراء والعاجزين منها إلى الضريبة التي تُدفع لقاء خدمة عامة.
ثم انتقلت المحامية كامل إلى "الضمان الاجتماعي" موضوع الاعتصام وكيف أوصلته إرادته الضاربة في الفساد إلى شفير الافلاس، تجاريها وزارة وصاية ضاربة في فساد أكبر وصفقات مشبوهة، ناهيك عن نيابات عامة تنوب عن جيوب الزعماء والأغنياء بدل أن تنوب عن شعب يدفع أجورها كي تخدمه لا كي تتآمرعليه، وقضاء يحكم باسمه زوراً.
وقد خرج المعتصمون بالمقررات التالية:
- توجيه الدعوة إلى كل المواطنين لتجاوز اختلافاتهم وللعمل مع التحالف على تحقيق مطالبهم الحياتية الملحة.
- الطلب إلى وزير العمل، وزير الوصاية على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، محمد كبارة كف يد رئيس اللجنة الفنية في الضمان سمير عون على الفور، بعد رد محكمة التمييز للطعن الذي تقدم به الأخير وبالتالي وجوب محاكمته أمام محكمة جنايات بيروت تبعاً للجنايات المحال بها أمامها، إلى حين ختام المحاكمة، كما والرجوع عن صفقة تعيين الـ 80 مياوماً من خارج المباراة وما اتصل بها من تعيينات. كما الطلب إلى القضاء إصدار القرار بتوقيف عون أسوة بتوقيف من أدينوا بجرائم مماثلة كونهم من المرتكبين غير "المدعومين"، وإلا سوف يكون للتحالف كلام آخر في هذا الشأن.
- دعوة النيابة العامة المالية، ومن خلفها النيابة العامة التمييزية، التحقيق أصولاً في ارتكابات بقية أعضاء إدارة الضمان (المدعومين) وإحالتهم أمام المحاكم المختصة بالنظر إلى فداحة تلك الارتكابات والوثائق والإثباتات التي تقدمت بها مجموعات التحالف إلى القضاء في هذا الشأن، وذلك بدل الرضوخ إلى ضغوطات السياسيين، كي لا يضطر المجتمع المدني إلى اتخاذ موقف صارخ من الأمر.
- مخاطبة أصحاب الضمائر الحية في قيادات الحزب القومي وحركة أمل وتيار المستقبل بألّا يلجأوا إلى تغطية المرتكبين بل إلى رفع الغطاء عنهم لتقديمهم إلى العدالة مهما علَوا، كون المبادىء الأساسية لهذه القوى تقوم على ما يدعو إليه التحالف.
- الاستنكار الشديد للطريقة التي جرت فيها المناقلات القضائية الأخيرة والتي يصفها المعتصمون بالمعيبة، والتي لا تمت إلى إصلاح القضاء بصلة. كما حييوا أصوات القضاة أصحاب الضمير الأوفياء لليمين التي حلفوها التي بدأت تعلو، وآملين أن يكونوا وإياهم الرافعة المرجوة من الحضيض القضائي الحالي. مع توجيه تحية للقضاة أماني سلامة وبلال بدر وغسان معطي لنزاهة مواقفهم وعدم تأثرها بالضغوطات السياسية.
- الرفض الساخط لفرض أية ضرائب تطال الطبقات غير الميسورة، كما ورد في القانون الأخير، مما لا يصب إلا في المزيد من الفساد والسرقات من جيوب المواطنين لتمويله.
- التأكيد على دور بقية المحامين ونقابتيهم في موازرة التحالف في مهمته التي تمثل الرسالة الفضلى للمحاماة، كما والتمني على وسائل الإعلام مشاركته في أنشطته بحضور وتغطية فاعلين.
أعلن التحالف أنه لن يتهاون بتاتاً في المضي قدماً في ما طرحه من قضايا أساسية لكل مواطن، كونه عقد العزم على بذل الجهود والتضحيات اللازمة من أجلها، ولن تكون له وقفة أخرى في ملفات قادمة تطال حياة الناس من دون تسمية الأمور بأسمائها، وحذار من الآتي، اذ أن القصة لم تعد قصة موقف سياسي بل أصبحت حياتنا وحياة أولادنا على المحك!