– يلفت الانتباه عدم التناسب بين الاهتمام الذي أولاه محللون ينتسبون لخطوط سياسية متعاكسة لحدث انفصال كردستان وحجم اهتمامهم بالفشل الذي أصيب به بفعل خطة معاكسة لا يُضاء عليها كانتصار تاريخي لافت.
– لم يبخل أحد على وصف حركة رئيس إقليم كردستان للانفصال بصفته تهديداً للخرائط الموحدة لدول المنطقة يتم وفقاً لخطة تدعمها واشنطن وتقف وراءها «إسرائيل» وتموّلها السعودية.
– لم يُخفِ الثلاثي الأميركي السعودي «الإسرائيلي» عرقلته لكلّ مسعى يستهدف الانفصال تحت شعار الدعوة لحوار غير مشروط ووقف التصعيد. والمقصود كان بعدما تمّ الاستفتاء وقف الخطوات التي تستهدفه.
– لم يكن الانفصال نزوة.
– لم يكن الانفصال الكردي تجربة اختبارية.
– لم يكن عملاً فردياً.
– كان خطة.
– الخطة قابلتها خطة أفشلت الانفصال.
– الخطة المعاكسة قادتها إيران ببراعة ورشاقة، ووقف خلفها جنرال عبقري هو قاسم سليماني، عمل بصمت وسرعة بتحشيد حلف مع تركيا وسورية وشدّ العصب العراقي وتهدئة التوتر الروسي وصولاً للضربة القاضية باسترداد كركوك بسلاسة من جماعة الانفصال.
– كثيرون وضعوا أيديهم على قلوبهم يوم أصرّ مسعود البرزاني على الانفصال وتخيّلوا سيناريوات كارثية. فالنجاح يعني ولادة «إسرائيل» جديدة تغير موازين القوى في المنطقة وتنشئ إرباكاً استراتيجياً لإيران وقوى المقاومة وتهدّد بتقسيم المزيد من الكيانات، وإفشال الانفصال دونه حرب دموية مؤلمة وحصار لاإنساني مخجل، يصعب التعايش معهما كما يستحيل تبريرهما.
– انتصرت خطة سليماني خلال يومين، وقبل مرور شهر على الاستفتاء كان كلّ شيء قد تغيّر.
– لم تلقَ النتيجة ما تستحق من التقييم والتحليل وكأن الانفصال كان خطراً عابراً، والثقة كانت مطلقة بإفشاله بينما الحقيقة أنه كان الضربة الحاسمة التي خبّأتها أميركا لخلط الأوراق لما بعد داعش.
– ما حدث يعادل النصر في حرب لم تقع قبل أن تقع.
– هرع الأميركي بوزير خارجيته ريكس تيلرسون إلى المنطقة، متذرّعاً بجولة زيارات والهدف لقاء مشترك مع الملك السعودي ورئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي لتقديم إغراءات الصديق الذي لم يجده العراق وقت الضيق، وتفادي وقوع العراق كلياً في الضفة الإيرانية بعد عظمة الإنجاز والوقفة النادرة لحماية العراق من الخطر المحدق الذي تشارك في صناعته مَنْ يدعون الحرص عليه. وكان الجواب العراقي حازماً خصوصاً ما يتصل بالحشد الشعبي ومستقبله الذي وصفه الأميركيون والسعوديون بالظاهرة الشاذة التي انتهت مهمّتها بنهاية الحرب على داعش والخطر الإيراني للتمدّد في النسيج العراقي على حساب الدولة ومؤسساتها.
– فشل الانفصال وفشل محاولات احتواء الفشل دفعا إلى الواجهة مهندس الخطة مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال هيربرت ماكماستر للخروج للعلن، متهماً إيران بزعزعة استقرار المنطقة وحجّته عذر أقبح من ذنب.
– قال ماكماستر مفسّراً ما جرى في كركوك كدليل على نيات إيران التخريبية «إنّ إيران استغلت الانقسام داخل حكومة إقليم كردستان وداخل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بعد وفاة الرئيس السابق جلال طالباني، وإنّ الإيرانيين لعبوا دوراً مهماً غداة الاستفتاء داخل حكومة الإقليم واستخدموا هذه الانقسامات في تمرير مصالحهم». وأضاف أنّ الإيرانيين تسللوا أيضاً إلى مؤسسات الدولة العراقية وتمكنوا من اختراقها، فضلاً عن إنشاء الميليشيات لتعمل خارج سيطرة الحكومة العراقية، معرباً عن اعتقاده أنّ «ما ينوي الإيرانيون القيام به هو استخدام هذه الميليشيات عندما تحين الفرصة للدفع بمصالح إيران».
– صفّق العراقيون طويلاً لإيران والشهادة الأميركية. وقالوا شكراً للجنرال سليماني ولشهادة الجنرال ماكماستر… عاش التخريب.