يبدو ان الرياح في تشكيلات قوى الامن الداخلي باتت تسير بما تشتهي السفن، اذ وبعد أن كان الخلاف مستعراً بين المدير العام للأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والثنائي الشيعي على خلفية تعيين الرائد ربيع فقيه رئيساً لفرع الأمن العسكري في "المعلومات" ليكون بديلاً عن العميد سعيد فواز الذي تم تعيينه في مجلس الوزراء رئيساً للادارة المركزية في قوى الأمن الداخلي، وتعيين العقيد علي سكينة قائداً لمنطقة الشمال في وحدة الدرك الاقليمي، وبعد ان رأى الثنائي المذكور ان اللواء عثمان تفرد باتخاذ قرار التعيينات في المراكز المحسوبة عليهما في مقابل الاستماع الى كل المكونات السياسية الأخرى، بدأت الامور تأخذ منحى مغايراً وهو ما كشفته "النشرة" قبل نحو 15 يوماً حيث اشارت الى أن التشكيلات في قوى الأمن الداخلي باتت قريبة جداً. واليوم، تكشف مصادر مطلعة، عبر "النشرة" ايضاً، عن أن طبخة التعيينات باتت على نار حامية جداً، لكنها تتحدث عن تزامنها مع جملة واسعة من التساؤلات، الأمر الذي بات يتناقله بعض الضباط بشكل علني.
وفي حين تشير هذه المصادر إلى أن جلسة مجلس قيادة المديرية، بعد عودة المدير العام من زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة في 11 تشرين الثاني، ستكون "مفصلية" لجهة اتخاذ خيارين: تمديد قرارات نقل الضباط الى اماكن اخرى وهو ما يعرف بـ"الفصل" وفق المصطلح العسكري، أو إجراء تشكيلات عامة، تؤكد المصادر أن الأجواء ترجح الذهاب إلى الخيار الثاني، نظراً إلى أن الخيار الأول لا يعتبره الكثيرون قانونياً، لانه يقضي أن يكون إجراءً مؤقتا لا أن يتم العمل به على مدى سنوات طويلة، وتضيف: "الضباط يعتبرون أن التشكيلات تؤمّن لهم الإستمرارية كونها تكون لمدة أربع سنوات، في حين أن قرارات "الفصل" تكون لمدة 3 أشهر فقط".
معايير المحاسبة
ولكن اجواء التفاؤل حول قرب ابصار التشكيلات النور، لم تنسحب على الوضع العام في المديرية، اذ تنقل المصادر نفسها وجود نوع من التململ بسبب ما يعتبره البعض تحول مجلس القيادة إلى "مجلس تتمثل فيه كل طائفة بشخص او شخصين"، وشعور بعض الضباط بأن زملاءهم في فرع المعلومات هم الفئة المُرضى عنها فقط، حيث يحاسَب بعض الضباط ويعفى آخرون من ذلك، سائلة عن مصير قضية الضباط الذين تم الحديث عن تورطهم بعلاقات مع تاجر مخدرات، في حين تمت محاسبة ضابط قبل أيام بسبب "تصليح" سيارته على حساب مجلس بلدي لبلدة تقع في قضاء صيدا، وفق ما نقلته المصادر.
في المقابل، تجدد مصادر مطلعة على موقف الثنائي الشيعي، عبر "النشرة"، تأكيدها أن الأجواء باتت أفضل من السابق، لكنها تشير إلى أن المطلوب تطبيق مبدأ عام على الجميع، أي أخذ رأي جميع القوى السياسية بالتشكيلات أو عدم الأخذ برأي أي فريق، وتؤكد أن لا مشكلة لدى الثنائي في الذهاب إلى الخيار الثاني، وتضيف: "في الأصل كان هذا الثنائي مع مبدأ فصل السياسة عن التشكيلات"، وتشدد على أن اعتراضهما لم يكن على إسم الضابطين فقيه أو سكينة على الإطلاق، رغم أنهما من الضباط الممتازين، بل على المبدأ.
وتوضح هذه المصادر أن هناك أكثر من مشروع في المديرية اليوم، لكنها تشدد على ان الحسم سيكون بعد عودة اللواء عثمان إلى لبنان، فإما اللجوء الى التشكيلات الشاملة او اعتماد التشكيلات الجزئية، لكنها تؤكد بأن ما يقارب 90% من المشكلة مع الثنائي الشيعي تم حلها.
صراع الوطني الحر والقوات
ولكن، وسط هذه الاجواء الايجابية، ظهرت غيمة اخرى تمثلت بالتعيينات على الساحتين المسيحية والدرزية، فقد سجلت إعتراضات من قبل ضباط على الإسم المقترح من قبل رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط، لخلافة العميد ناجي المصري في قيادة الشرطة القضائية، بينما دار الحديث عن ضغوطات تمارس على الضباط المسيحيين لأسباب سياسية.
وتكشف مصادر مطلعة على هذا الملف، عبر "النشرة"، أن حصة الأسد في التشكيلات الجديدة ستكون لـ"التيار الوطني الحر"، ولا تتردد في الحديث عن إتصالات أجريت مع بعض الضباط المحسوبين على أحزاب أخرى جعلتهم يتحدثون بشكل علني عن أنهم أصبحوا "مقربين من التيار".
وتعطي هذه المصادر مثالاً على هذا الواقع، فالتشكيلات المتعلقة بمنطقة جبل لبنان، ستشهد 3 مراكز لـ"القوات اللبنانية" والباقي سيكون لمحسوبين على "الوطني الحر"، في حين أن حزب "الكتائب" ووفق ما ذكرت مصادر قريبة منه لـ "النشرة" لم يطلب "في الأصل اي شيء من اللواء عثمان، وتوجيهات رئيس الحزب عدم التعاطي بأي امر أمني، وما يريده الحزب هو أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب، وهناك ملء الثقة باللواء عثمان".