اشار السيد علي فضل الله الى ان لبنان غارق في السّجالات بين القوى السياسيّة فيه، فما أن يفرغوا من سجال حتى يفتحوا سجالاً آخر، لتبقى السجالات مفتوحة لا تأخذ بعين الاعتبار المخاطر الكبيرة التي تعصف بالبلد على المستوى الاقتصادي والمالي والأمني والاجتماعيّ، والتي تهدده بالانهيار، أو تلك التي يتعرض لها، نتيجة ما يجري في المنطقة من صراعات أو رسم خرائط أو عقوبات اقتصادية، فمن الصحيح أنها تهدّد فريقاً من اللبنانيين أو طائفة من الطوائف، لكنَّها ستنعكس على البلد كلّه، وخصوصاً أن السّجالات الحاصلة يغلب عليها البعد الطائفي والانتخابي أو المصالح الخاصة للمواقع السياسية، وإن كانت تُجمل بمصالح عامّة، وما أكثر مساحيق التجميل في هذا البلد.
واشار خلال خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، الى اننا إنَّنا أمام هذا الواقع، نعيد دعوة القوى السياسية إلى أن تكون أكثر جدية ومسؤولية في التعامل مع قضايا البلد، ولا سيما القضايا المصيرية التي تتعلق بمستقبله ومستقبل أبنائه، فلا يمكن إنقاذ الوضع الماليّ والاقتصادي اللبناني من الانهيار، أو معالجة قضية النازحين السوريين، أو علاقات لبنان الخارجية، أو الانتخابات والقضايا الاجتماعية، بالبرودة التي تعالج بها، أو بعقلية السجالات، بل بذهنية المؤسسات التي تدرس الأمور بعمق وبروح مسؤولة تلحظ مصلحة الوطن، وتعتبرها من الأولويات، أسوة بما يجري في العالم. اضاف إنَّ بلداً نريد له القوة والاستقرار، لا يمكن أن يبنى من دون خطة اقتصادية وإنمائية شاملة، أو من دون توافق على سياسة خارجية موحّدة، أو توافق على التمييز بين الأعداء والأصدقاء، أو انتخابات تحترم فيها المواعيد، ولا تكون خاضعة لمصالح الطبقة السياسية.
ولفت الى إنَّ على القوى السياسيَّة أن تعي جيداً أنَّ الناس تراقب وتحاسب، فالنّاس لم تعد تُدغدغ بالأحلام أو تُهدّأ بالمشاعر الطائفيَّة والمذهبيَّة أو بالتخويف، ولكن هؤلاء صاروا أكثر وعياً ووحدة، بعد أن وحدتهم أزماتهم الاجتماعية ومعاناتهم اليومية. ومن باب الواقع الاجتماعيّ، لا بدَّ من أن نطلّ على ما جرى أخيراً في الضاحية الجنوبيّة، وفي حيّ السلم بالخصوص، الذي كشف عن وجود تعدّيات تطال المرافق العامة، وتسيء إلى انتظام حياة المواطنين فيها.. ولكنه في الوقت نفسه، أظهر حجم الاحتقان وحجم الأزمات الاجتماعية التي تعانيها هذه المنطقة المكتظة سكانياً، والمهملة إنمائياً، والتي تختزن في داخلها الحرمان والإهمال.
اضاف "نحن في إطار ما جرى، وفي الوقت الَّذي نؤكّد احترام النّظام العام، ورفض أيّة تعديات على أملاك الدّولة أو المواطن، ونراه واجباً شرعياً ودينياً، فإننا ندعو الدولة والبلديات إلى أن تواكب هذا السّعي بوضع خطّة عملية لمعالجة المشاكل المزمنة في الضاحية بشكل عام، وحي السلم بشكل خاص، والتي لا تقف بالطّبع عند التعدّيات الَّتي أزيلت، لأنَّ المشكلات أكبر من ذلك بكثير، وإذا كان من معالجات، فلا ينبغي أن تكون بالمسكنات، بل بحلول جذرية وغير آنية وطويلة الأمد.
إنَّ حقَّ الضّاحية على الوطن كبير، فهي لم تبخل عليه، ولن تبخل، بتقديم أغلى التضحيات من أجل أن يكون قوياً بجيشه ومقاومته، وهي كانت، وستبقى، جزءاً أساسياً من هذا الوطن وليست خارجه.
واشار إلى تزايد أزمات السّير الّتي باتت توتّر أعصاب المواطنين، وتعطّل أعمالهم، وتهدر أموالهم، ولا بد من التفكير في حلول ناجعة لها. وهنا نتساءل في ظل وجود مصلحة سكك الحديد عن دورها، أسوة بدول العالم، وخصوصاً أن لها دوراً في علاج هذه المشكلة. وفي المجال نفسه، لا بدَّ من أن ننبّه إلى ازدياد حوادث السير بنسب مرتفعة، ما يستدعي من السائقين أن يحافظوا على النظام العام في قيادتهم لسياراتهم، سواء من ناحية السرعة أو استعمال الهاتف النقال خلال القيادة، إلى جانب تعزيز الدور الرقابي للدولة، ومعالجة مشاكل الطريق التي قد تكون سبباً أساسياً في هذه الحوادث، لجهة عدم الإنارة أو وجود الحواجز غير الظاهرة، وما أكثر الحوادث التي تحصل لهذا السبب.
ولفت الى إنَّ على الَّذين يقودون السّيارات أن يروها وسيلة للتنقل تؤمن لهم ولمن معهم الوصول إلى أماكن عملهم أو مدارسهم أو بيوتهم بأمان، وليست وسيلة لاستعراض قدراتهم في القيادة. وإذا كان البعض يفكّر في الوقت، فليأخذ بنصيحة ونستون تشرشل عندما قال لسائقه: قد على مهلك لأننا على عجلة من أمرنا.