أكد الامين العام لـ"الحزب الشيوعي اللبناني" حنا غريب خلال افتتاح أولى جلسات الورشة الفكرية التي تعقد على مدى يومين في 27 و28 الحالي، في "دار النمر للفن والثقافة" في الحمرا أنه ""تندرج هذه الورشة الفكرية الأولى ضمن سلسلة من الورش التي أوصى المؤتمر الحادي عشر للحزب بتنظيمها، والتي سيتعاقب انعقادها على امتداد 2018. ويتناول موضوعها "طبيعة الصراع في المنطقة في أبعاده المتعددة"، وقد إرتأينا أستهلال برنامج الورش بهذا الموضوع نظرا الى أن حيثياته ومندرجاته ونتائجه ستؤثر بصورة حاسمة في مستقبل تطور مجمل اوضاع المنطقة، بما فيها لبنان".
وأشار غريب الى أن "ما حفز ويحفز قيادة الحزب الشيوعي اللبناني على إعداد برنامج الورش الفكرية، يعود في الأساس الى جملة إعتبارات، أهمها: الشعور المتزايد الذي تكون لدى الحزب بأن بعض الموضوعات المحورية الواردة في هذه الوثائق والمتصلة أساسا بمحددات التغيير الديمقراطي في لبنان، وبسياسة التحالفات في المنطقة وانعكاساتها الداخلية - يتطلب المزيد من النقاش والتباحث والتدقيق سواء داخل الحزب أو مع قوى سياسية وأصدقاء من خارجه"، لافتاً الى أنه " يقينا منا أن الحزب يدرك أهمية نقل النقاش الداخلي حول هذه الموضوعات الشائكة الى حيز الفضاء العام، الذي يتسع لتعدد الآراء، وهو مستعد للتفاعل الايجابي والندي مع ما قد يرتديه بعض هذه الآراء من بعد خلافي، ومن دون أن يرى في ذلك تعارضا مع تمسكه بنهج التحليل المادي واستقلالية قراره السياسي المبدئي".
وشدد على "اقتناع الحزب الراسخ بأن حجم الانشطار والانقسام الذي طاول في شكل غير مسبوق مجتمعاتنا العربية في السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد اندلاع الانتفاضات الشعبية في أكثر من بلد عربي، وتعاقب عمليات السطو على نتائجها وبخاصة، من قبل الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل، ومن أنظمة عربية رجعية أو متضررة وأدوات اصولية ظلامية، يستحثنا جميعا، كشيوعيين ويساريين وديمقراطيين في لبنان وفي البلدان العربية كافة، على محاولة إعادة التقاط البوصلة التي تساعدنا على بلورة فهم واضح ومشترك لطبيعة الصراع في المنطقة وما يترتب عنه من نتائج وتحديات تكاد تكتسب طابعا وجوديا بالنسبة الى كل من بلداننا وشعوبنا العربية"، مؤكداً "اعتراف الحزب، عبر هذا النوع من الورش الفكرية وعبر إنشائه مدرسة حزبية منتظمة وواعدة الى إعادة وصل ما إنقطع في علاقته مع عالم الثقافة والفكر بعدما إهتزت هذه العلاقة بفعل التبعات الثقيلة للحرب الأهلية والحقبة التي تلتها، وبخاصة بفعل إمعان القوى السياسية والطبقية المتنفدة في لبنان - بتشكيلاتها كافة - في توظيف الظاهرة الطائفية والدينية بصورة متمادية في الصراع المتفلت من أي ضوابط على تقاسم السلطة وتحاصص المصالح الزبائنية. هذا مع إدراك الحزب، بمرارة، أن هذا التوظيف السياسي للدين، كأداة للتحكم بالسلطة، قد خلف تصدعات عميقة في المجتمع، بما في ذلك في صفوف أهل الثقافة والفكر، لبنانيا وعربيا".
وأشار إلى "ازدياد القناعة لدى الحزب بأن ما يجري من تطورات وتغيرات عميقة في الوضع الدولي، كما في المسار الناظم للتوازات الدولية، وبخاصة بعد أزمة عام 2008 وما تبعها من تنامي التيارات الشعبوية واليمينية المتطرفة ومن تعديلات في بنية السلطة والقوى الحاكمة في دول المركز الرأسمالي، يتطلب، هو أيضا، إعمال الفكر من جانبنا، كقوى يسارية وديمقراطية عربية، لمحاولة إستخلاص أهم ما قد يترتب عن هذه التطورات والتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية من تبعات مباشرة على بلداننا وشعوبنا العربية".