رأى مطارنة الانتشار في كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك ان "اقتلاع عدد كبير من مسيحيي المشرق العربي من بيوتهم وأرزاقهم وأراضيهم وبيئاتهم، بسبب أعمال العنف الوحشية التي شهدتها مجتمعات المشرق، كان له تأثيرات عميقة على بنية هذه المجتمعات وعلى نسيجها الاجتماعي وعلى العلاقة بين مكوناتها الدينية والعرقية حاضرا ومستقبلا"، ودعوا دول الانتشار التي استقبلت المهجرين "إلى بذل الجهود الصادقة لإيقاف دورة العنف ووضع حد للنزاعات المشتعلة، حفاظا على منطقة عرفناها مهدا للديانات والحضارات والثقافات".
وفي البيان الختامي لمؤتمرهم التاسع الذي عقد في مدينة مونتريال- كندا، برعاية بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، أكدوا ان كنيسة الروم الكاثوليك تقيم "علاقات حوار وتفاهم مع الكنائس الشقيقة وتسعى إلى إقامة علاقات مثيلة مع الإخوة المسلمين، معتبرة أن إعادة الاعتبار لصورة الإسلام هي مسؤولية المسلمين في الدرجة الأولى، كما أن كنيستنا الملكية في الانتشار منفتحة على الثقافات والحضارات".
نص البيان: "برعاية ومباركة وحضور غبطة البطريرك يوسف العبسي وتحت عنوان "الكنيسة الملكية: كنيسة شرقية في الغرب - التحديات"، عقد مطارنة الانتشار في كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك مؤتمرهم التاسع في مدينة مونتريال- كندا بين 23 و31 تشرين الأول 2017. شارك في المؤتمر المطارنة إيسيدور بطيخة (فنزويلا)،إبراهيم إبراهيم (كندا)روبير رباط (أوستراليا ونيوزيلاندا)، جوزف جبارة (البرازيل). وشارك في أعمال المؤتمر راعي أبرشية الفرزل وزحلة وسائر البقاع المطران يوحنا عصام درويش (لبنان) وراعي أبرشية جبل العرب وبصرى وحوران المطران نيقولا أنتيبا (سورية) والرئيس العام للرهبنة الباسيلية المخلصية الأرشمندريت أنطوان ديب. وتغيب لأسباب صوابية كل من المطارنة نيقولا سمرا (الولايات المتحدة)، جورج زهيراتي (فنزويلا) وإبراهيم سلامة (الأرجنتين).
1- قدم المطارنة تقارير عن معظم أبرشيات الانتشار واستعرضوا التحديات الإيمانية والرعوية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها كنائسنا في أبرشياتهم. وعلى الرغم من كثرة التحديات وعمقها نظر الآباء بأمل إلى مستقبل الكنيسة الملكية في بلاد الانتشار، مؤكدين على أهمية دعم الوجود الملكي خارج الرقعة البطريركية بكل الوسائل وتشجيع الكهنة والرهبان والمرسلين على الانطلاق باتجاه أبنائهم لتصبح الكنيسة الملكية شاهدة أكثر فأكثر للحي القائم من بين الأموات.
2- تطرق الآباء إلى موجة الهجرة الكثيفة لمسيحيي المشرق العربي التي شهدتها دول الانتشار في السنوات الأخيرة، وفرضت على الكنيسة الملكية تحديات كثيرة ومتنوعة عملت على مواجهتها والتصدي لها. فاقتلاع عدد كبير من المسيحيين من بيوتهم وأرزاقهم وأراضيهم وبيئاتهم بسبب أعمال العنف الوحشية التي شهدتها مجتمعات المشرق، كان له تأثيرات عميقة على بنية هذه المجتمعات وعلى نسيجها الاجتماعي وعلى العلاقة بين مكوناتها الدينية والعرقية حاضرا ومستقبلا. فإذا كانت دول الانتشار قد بادرت مشكورة إلى استقبال أعداد من المهجرين المسيحيين المهددين في حياتهم ووجودهم، فإنها مدعوة اليوم بإلحاح إلى بذل الجهود الصادقة لإيقاف دورة العنف ووضع حد للنزاعات المشتعلة حفاظا على منطقة عرفناها مهدا للديانات والحضارات والثقافات.
3- إذا كانت الهجرة من بلدان المشرق العربي تعود إلى القرن التاسع عشر بحثا عن الحياة الأفضل ولأسباب سياسية واقتصادية وأمنية، فإن موجات الهجرة الأخيرة تميزت بترافقها مع أعمال عنف وإجرام قل نظيرهما عرفها العراق وسورية ومصر على يد المنظمات التكفيرية الإرهابية، مما ترك جروحا نفسية عميقة عند المهاجرين على اختلاف أعمارهم. وقد عملت الكنيسة الملكية في الانتشار على استقبال واحتضان ورعاية أبنائها الذين غادروا الأهل والأوطان ففتحت أبوابها وقدمت كل المساعدات الممكنة. وإذا كانت الحاجات أكبر بكثير من الإمكانات، فإن تضافر الجهود والتضامن والاحتضان الذي أظهره أبناء الطائفة بعضهم تجاه بعض قد ساهم في بلسمة الجراح وتخفيف الآلام.
4- لقد عملت كنائسنا الملكية على جمع المهاجرين الوافدين من أوطان وثقافات مختلفة من خلال تنظيم النشاطات المشتركة التي تسعى للمحافظة على الجذور وعلى العلاقات مع الأوطان الأم من جهة وكذلك للاندماج في المجتمعات الجديدة من جهة أخرى، بإيمانهم وبعاداتهم وبتقاليدهم الأصيلة نموذجا يحتذى به في المجتمعات الغربية.
5- لقد حرصت كنائسنا الملكية على احتضان المهاجرين المشرقيين من كل الكنائس، ولم تقفل أبوابها أمام طالب خدمة أو محتاج. فكنيستنا الملكية في كندا على سبيل المثال خدمت على مدى 80 عاما كل المنتمين إلى الطوائف الكاثوليكية الشرقية. ومن هذا المنطلق كان سعينا الدائم لإقامة أفضل وأمتن العلاقات وللتعاون المثمر مع كل الكنائس الشرقية ومع الكنائس المحلية لمواجهة التحديات والصعوبات المشتركة وهي كثيرة ومتنوعة. إن تبادل الخبرات يساهم في حل الكثير من الإشكالات التي تواجه أبناءنا في مجتمعاتهم الجديدة.
6- تقيم كنيستنا علاقات حوار وتفاهم مع الكنائس الشقيقة وتسعى إلى إقامة علاقات مثيلة مع الإخوة المسلمين، معتبرة أن إعادة الاعتبار لصورة الإسلام هي مسؤولية المسلمين في الدرجة الأولى، كما أن كنيستنا الملكية في الانتشار منفتحة على الثقافات والحضارات.
7- يهنئ الأساقفة المشاركون في المؤتمر الكنيسة الملكية في كندا باليوبيل ال125 لتأسيسها، وينوهون بالدور الذي لعبته الرهبانية الباسيلية المخلصية مع أبنائنا في نشأتها وتطويرها ورعايتها ودعمها بكل ما تحتاج إليه.
8- يثمن أساقفة الانتشار زيارة صاحب الغبطة البطريرك يوسف العبسي وترؤسه هذا المؤتمر متمنين لغبطته التوفيق في عمله ورسالته.
9- شكر الآباء سيادة المطران إبراهيم إبراهيم على ترؤسه مؤتمر مطارنة الاغتراب لمدة 7 سنوات وتم انتخاب خلف له المطران جوزيف جبارة راعي أبرشية البرازيل.
10- اتخذ الأساقفة مجموعة من التوصيات سيتم رفعها إلى السينودس المقدس".