تعلم رئيسة الوزراء البريطانية ​تيريزا ماي​، أنّ «​وعد بلفور​» بإنشاء وطن قومي لليهود في ​فلسطين​، وعد بريطاني أطلقه وزير الخارجية البريطاني الأسبق آرثر جيمس بلفور، وأنّ هذا الوعد شكّل أساس قيام كيان يهودي على أرض فلسطين المنتزعة من أصحابها بالاحتلال والعدوان.

وتعلم أيضاً، أنّ هذا الوعد المشؤوم، كان سبباً في قتل مئات آلاف الفلسطينيين وتهجيرهم، واحتلال أرضهم وتهويدها وإقامة المستوطنات عليها.. لكنها رغم ذلك تريد من البريطانيين أن يحتفلوا بـ «فخر»!

هذه الدعوة من تيريزا ماي للاحتفال بـ «فخر» بمئوية وعد بلفور، لا تأتي من فراغ، بل نتيجة مواكبة للمراحل التي مرّ بها «الوعد المشؤوم»، واستشعار وصوله غايته، بعد أن حقق وعوداً عربية بالجملة، بإيصاله الى خط النهاية، و«البصم» على القبول بوطن قومي لليهود على أرض فلسطين، وتصفية المسألة الفلسطينية بشكل تامّ وشامل.

قول تيريزا ماي بأنّ بريطانيا ستحتفل بـ «فخر» بالذكرى المئوية لصدور «وعد بلفور»، مرّ على الأنظمة العربية كالنسيم العليل، خصوصاً تلك التي تقيم علاقات تطبيع مع «إسرائيل»، وتتحضّر للكشف عنها تزامناً مع مئوية الوعد المشؤوم. والأمر ليس مجرد تكهّنات، بل مثبت بالوقائع، وقد تمّ الكشف مؤخراً عن لقاءات عدّة جمعت مسؤولين «إسرائيليين» وعرباً، وليس آخرها زيارة مسؤول سعودي رفيع إلى فلسطين المحتلة ولقائه مسؤولين صهاينة، بحسب ما كشفت الصحافة «الإسرائيلية».

بالطبع لا تستطيع الأنظمة العميلة والمتآمرة، أن تنفي تآمرها على فلسطين والفلسطينيين، فمَن تجرّأ منها، ونقل المعركة مع العدو الصهيوني إلى معركة ضدّ الدول المقاومة التي تقاوم هذا العدو، متورّط حتى النخاع ضدّ فلسطين والعالم العربي. وهذا التورّط هو الأساس الذي يدفع رئيسة وزراء بريطانيا وغيرها، إلى أن يوجّهوا الدعوات للاحتفال بـ«فخر» بمئوية وعد بلفور!

أنظمة عربية بعينها أزالت كلّ حواجز التطبيع مع العدو، لا بل موّلت حروب ​الإرهاب​ والتطرف ضدّ الدول التي تحمل راية تحرير فلسطين. وسورية استُهدفت لأنها قالت بحزم، لا للتطبيع، ولا للتفريط بالثوابت القومية، ولا لتصفية المسألة الفلسطينية، ولهذا السبب تُستهدَف المقاومة وتُستهدَف ​إيران​.

الحرب على سورية جاءت في هذا السياق، ورأينا كيف كان ينقل الإعلام العربي المتأسرل رسائل عناصر سورية منخرطة في الإرهاب «تفخر» بالإرهابي شارون و«إسرائيل»!

وفي وقت تحتفل بريطانيا بمرور مئة عام على «وعد بلفور»، فإنّ الأنظمة العربية العميلة والخائنة تواصل تثبيت دعائم الوعد المشؤوم، فهي لم تكتفِ تشفياً بقتل الفلسطينيين وتشريدهم وتهويد أرضهم… بل تستمتع بقتل اليمنيين، وبما حصل ويحصل في سورية و​العراق​ و​ليبيا​.

معظم الأنظمة العربية تحتفل بمئوية «وعد بلفور» على طريقتها، إذ إنها تواصل حرب الإبادة ضدّ سائر الشعوب العربية. إنه التطبيق العملي لوعد بلفور بنسخته العربية.

إنّ التصدي لنتائج «وعد بلفور» لا يتمّ عن طريق طلب اعتذار من بريطانيا، بل بمواجهة نتائج هذا الوعد ومفاعيله. وهذا لن يحصل قبل النصر النهائي على الإرهاب والتطرف في سورية والعراق، وإعادة المعركة مجدّداً مع العدو الصهيوني مباشرة.