ليس جديداً أن يطلق الوزير السعودي ثامر السبهان المزيد من تغريداته التصعيدية والتحريضية باتجاه الساحة اللبنانية، لكن اللافت توسيع دائرة استهدافاته نحو الحكومة تزامنا مع زيارة الرئيس سعد الحريري التي جاءت على عجل بناء لطلب القيادة السعودية.
ومن الطبيعي ان يثير هذا التزامن بين تصعيد سبهان وزيارة الحريري بعض القلق لدى المسؤولين والقيادات اللبنانية. لكن ما ورد على لسان الوزير السعودي بعد لقائه رئيس الحكومة لم يتضمن عبارات نارية من قاموسه المعهود، وربما يكون ذلك لأسباب تكتيكية او حرصا على عدم احراج الحريري.
ويقول مصدر بارز في 8 اذار «صحيح ان تصريحات السبهان الاخيرة ارتفع منسوبها وطاولت هذه المرة الشعب والحكومة اللبنانيين، الاّ اننا ننظر اليها على انها ليست استثنائية، وهي جزء من الحملة السياسية والاعلامية التي يتولاها في اطار التهويل وممارسة الضغوط على الأصدقاء والحلفاء قبل الخصوم والاعدا».
ويضيف المصدر «لا شك ان السبهان ليس فاتحاً لحسابه الخاص في اطلاق مثل هذه التهديدات، وهو يعبر بشكل او بآخر عن توجهات القيادة السعودية، لكنه اذا ما فشلت هذه المحاولات التحريضية تستطيع الرياض ان تتنّصل منها في الوقت الذي تراه مناسبا كما فعلت في السابق ومنها حال ما قام به من «مغامرات وشيطنات» في العراق.
وعما اذا كان هذا التصعيد السعودي الأخير سيؤثر على الحكومة يجيب المصدر «ان الجواب الحاسم مرتبط بما سيعود به الحريري من السعودية، وعلينا ان نرصد اداءه في الايام والاسابيع المقبلة. لكن تطيير الحكومة أمر صعب بل انه ينعكس سلبا على الحريري اولاً قبل غيره، ولن يحقق اية مكاسب له او للبلد. مع العلم ان الوضع اليوم يختلف عن السابق، فهناك رئيس جمهورية وهناك مجلس نيابي، وهناك رأي عام لبناني غالب لصالح مسيرة انتظام عمل المؤسسات التي بدأت مع انتخاب الرئيس عون وتشكيل الحكومة واستعادة دور الدولة الحيوي».
وينقل احد الزوار عن مرجع بارز قوله ان تصريحات السبهان مستغربة ومستهجنة، وان تخريب الحكومة يعني محاولة تخريب البلد، وهذا أمر لا يريده ولا يحبذه كل اللبنانيين».
لذلك يعتقد المرجع «ان لا أحد باستطاعته ان يتحمل السير في هذا المسلك التخريبي، ولا أحد يعتقد انه بامكانه ان يحقق اية مكاسب سياسية او غيرها من هذه المحاولات التي يمكن وصفها بانها غير عقلانية».
وقبل عودة الحريري من السعودية رشحت معلومات امس مفادها ان الاجواء لا تؤشر الى انه سيخرج عن معادلة التسوية التي جاءت به الى رئاسة الحكومة، وانه يدرك جيدا اهمية الحفاظ على هذا المسار التسووي التوافقي الذي يسود البلاد.
ووفقاً للمعلومات فان رئيس الحكومة ربما يستخدم الضغط او التهويل السعودي ورقة لتعزيز موقفه من التسوية القائمة لاغراض سياسية آنية واخرى انتخابية خصوصاً ان البلاد ذاهبة الى الانتخابات في موعدها ولا مجال لاي تأجيل او تعديل للقانون الجديد كما عبّر الرئيس بري امس امام زواره، وكما جزم الرئيس عون اول امس في لقائه الاعلامي المباشر بمناسبة مرور سنة على انتخابه.
واذا ما صدقت النوايا وما ورد عبر الاثير امس من تطمينات فان تغريدات السبهان الاخيرة تبقى في اطار محاولات الضغط والتهويل على الساحة اللبنانية، ولن تؤدي الى احداث اي تغيير دراماتيكي على مستوى المسار السياسي اللبناني القائم.
ويصح القول كما يقول احد السياسيين اللبنانيين ان خلفيات التصعيد السعودي تنطلق من السنياريو الذي تحاول دوائر الادارة الاميركية والكيان الاسرائيلي ايضاً تسريبه وتسويقه، ومفاده ان التحالف الذي تقوده واشنطن بالتعاون مع اسرائيل وجهات عربية يعمل على فتح المعركة ضد ايران واستهداف حزب الله في لبنان.
غير ان هذا السيناريو سيواجه او سيصطدم بالواقع نفسه الذي اصطدم به في سوريا والعراق، وسيكون مصيره الفشل مثلما حصل ويحصل في السنوات الاخيرة.