الغارة «الإسرائيلية» على مصنع تجاري سوري في حسياء بريف حمص الجنوبي، لا يمكن فصلها عن سياق المواجهات الكبرى الحاصلة في عموم المنطقة. فـ «إسرائيل» طرف أساسي في المواجهات الدائرة، ودورها لا يقتصر على ما تقوم به من أعمال عدوانية، بل هي تقدّم كلّ أشكال الدعم والمؤازرة للمجموعات الإرهابية المتطرّفة والتنظيمات الانفصالية. وأمام هذا الدور «الإسرائيلي» الموغِل في العدوانية، فإنّ السؤال، هل ستنجو «إسرائيل» من تبعات وتداعيات ما تقوم به؟
يؤشر إطلاق الدفاعات الجوية السورية للصواريخ على الطائرات «الإسرائيلية»، إلى أنّ هناك قراراً سورياً متخذاً، يقضي بالردّ على أيّ عدوان يستهدف الأراضي السورية، وأنّ لدى سورية القدرات الكافية، وما التشغيل الجزئي لمنظومة الصواريخ السورية منذ آذار المنصرم، سوى رسائل ردع كبيرة، على قادة العدو الصهيوني فهمها جيداً.
رسائل الردع السورية، كانت على مدى الأشهر الماضية، محلّ رصد ومتابعة وتحليل من قبل صحافة العدو، التي توصّلت إلى خلاصات، مفادها أنّ تكرار إطلاق الصواريخ السورية باتجاه الطائرات «الإسرائيلية»، يؤكد أنّ سورية تمتلك قدرة الردّ، وأنّ التطورات على الساحة السورية وما يحققه الجيش السوري وحلفاؤه في المعركة ضدّ الإرهاب، يعزز الاحتمال بأن يكون الردّ السوري أكبر حجماً وأوسع نطاقاً، ومنسّقاً مع الحلفاء. وهذا ما يشكل كسراً لقواعد الاشتباك التي يحاول قادة العدو تثبيتها.
الواضح أنّ سورية كسرت قواعد الاشتباك «الإسرائيلية»، بحيث باتت طائرات العدو تستخدم الأجواء اللبنانية لتوجيه ضربات جوية إلى مناطق ومواقع سورية، في انتهاك سافر للسيادة اللبنانية، بما يضع لبنان في دائرة الخطر إنْ حصلت مواجهة كبيرة.
لا شك في أنّ لبنان معنيّ بأن يردّ على الانتهاكات الصهيونية المتواصلة للسيادة اللبنانية، بدءاً بتقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي، وهذا يجب أن يكون تحصيل حاصل، وصولاً إلى وضع الخيارات كلّها على الطاولة، عاجلاً وليس آجلاً، خصوصاً أنّ لبنان، بجيشه وشعبه ومقاومته، يمتلك قدرات ردعية كبيرة تُضاف إلى توازن الرعب الذي حققته المقاومة.
والسؤال، هل يصعّد لبنان موقفه الرافض للانتهاكات الصهيونية ويقدّم شكوى في مجلس الأمن، للضغط على «إسرائيل» من خلال حلفائها الدوليين، أم أنه سينأى بنفسه، لاعتبارات مرتبطة بمناخ التصعيد ضدّ قوى المقاومة؟
في الخلاصة، الغارة الصهيونية على حسياء السورية نتيجتها صفر، في حين أنّ الصواريخ السورية تشكل رسائل ردع للعدو، ليس في المدى اللبناني وحسب، بل في المديات كلّها…