عندما بدأت الأزمة السورية عام 2011، أعلن غالبية الدروز وقوفهم الى جانب دولتهم، رغم محاولات إبعادهم عن الولاء للرئيس السوري بشار الأسد. خرجت يومها تظاهرات شبابية في عدد من القرى الدرزية للمطالبة بالاصلاح بمباركة رجال دين وشخصيات اجتماعية خالفوا يومها وصايا مشايخ العقل في السويداء، رافقتها دعوات الى اعلان الحياد الدرزي في الصراع القائم، أو حمل السلاح للدفاع عن الموحّدين الدروز فقط. لكن الدروز تظاهروا تضامنا مع بلادهم، يوم خرجت المسيرات الشعبية في معظم المحافظات السورية تأييدا للأسد.
تسارعت الأحداث الدموية، وظهرت الممارسات التكفيرية بحق الدروز في أماكن انتشارهم، وخصوصا في ريف ادلب، وعلى أطراف السويداء، وفي البلدات الحدودية التي صارت منذ عام 2013 هدفا لكل التنظيمات الإرهابية. صمد الدروز بدعم من الجيش السوري، وخصوصا في حضَر التي سجلت محطات بطولية في الدفاع عن أهلها. لم يستسلم الدروز عسكريا رغم الحصار والتضييق والتفجيرات والهجمات الانتحارية. رافقت الضغوطات محاولات اسرائيلية لضمهم الى شريط عازل تحسبه تل ابيب عمليا مع الجولان المحتل. رفضوا تلك العروض، وأعلنوا التمسك بسوريتهم وعروبتهم. كانت تل ابيب تراهن على فك ارتباط الدروز مع سوريا الدولة، وهي فوّضت وزراء دروز في الحكومة الاسرائيلية كأيوب قرّة وآخرين لإقناع الدروز بالمفرق او بالجملة بإلحاقهم بقرية مجدل شمس وأخواتها. لم يرضخ دروز سوريا رغم معاناتهم، فزادت اسرائيل الضغوط الميدانية عليهم والتي كان آخرها في الساعات الماضية بدفع وتسهيل مجموعات مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد الشام للتقدم نحو حضر، أرفقتها اسرائيل بعرض التدخل مرة جديدة، لحمايتهم وضم القرية الى شريط عازل، لكنهم أحبطوا المخطط الاسرائيلي مجددا، ونجحوا بدعم الجيش السوري بإستعادة مواقعهم وحماية البلدة من مجزرة كانت ستقدم عليها المجموعات الارهابية في حال سيطرت على حضَر. لا يقتصر الأمر عند هذا الحد، لو نجح المسلحون، كانت الجبهات جميعها ستُفتح على الدروز وعلى المساحات الحدودية بين لبنان وسوريا وصولا الى شبعا. تلك كانت فرصة اسرائيلية لفرض شريط حدودي عريض حاولت تل ابيب في الاشهر الماضية اقامته بتسوية سياسية برعاية دولية. في الاشهر الماضية وصل الى دمشق موفدون غربيون يطرحون منطقة منزوعة السلاح على مساحة 40 كلم، أي من الحدود الجنوبية الى مشارف الشام، لكن دمشق رفضت الطلب، واعلنت الاستعداد للعودة الى ما كان عليه الوضع قبل 2011، وكررت الأمر امام الروس الذين سعوا الى نشر شرطة عسكرية روسية لم تلب طموحات الاسرائيليين. كانت تل ابيب تتذرع امام الروس والاميركيين بعدم قبولها بتواجد إيراني على حدودها. هذا ما حمله بنيامين نتانياهو الى واشنطن وموسكو. لكن السوريين نفوا وجود عسكريين ايرانيين في تلك المساحة الجنوبية. أتت مواجهات حضَر تثبت أن الدروز هم من تقدموا صفوف المواجهة وحاربوا وجها لوجه المجموعات الارهابية ولم يهربوا او يقبلوا بالعروض الاسرائيلية، في وقت ظهر فيه منسوب الانتماء الوطني العروبي عند اهالي الجولان المحتل في وقفتهم ضد الارهابيين والمشاريع الاسرائيلية.
يُسجل للموحدين الدروز السوريين وقفتهم البطولية التاريخية في مواجهة الارهاب واسرائيل معا. هم ثبتوا معادلة ان الارهابيين لم يعد بإستطاعتهم لا اقتلاع ولا هزيمة أهل الارض. المرحلة تغيرت عن الاعوام الماضية، فحمى الدروز ببطولاتهم الميدانية كل القرى المحيطة بهم، ومنعوا امتداد الخطر على لبنان. والاهم انهم احبطوا مخطط فرض اسرائيل مساحات سورية موالية لها على في الجنوب السوري، رغم ان المجموعات الارهابية فتحت لاسرائيل مساحات أوسع للتدخل بسهولة.