وقع خبر إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وقع "الصاعقة" على الوسط السياسي اللبناني الذي لم يكن ينتظر هكذا إجراء، على إعتبار أن مفاعيل التسوية التي أدت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً للحكومة لازالت قائمة... فجاءت الاستقالة من السعودية وفي وقت غير متوقّع لتعيد خلط الاوراق من جديد، فما الذي دفع الحريري الى اتخاذ هذا الخيار، وماذا بعد الاستقالة؟.
"ليست إستقالة الحريري ومن السعودية تحديداً الا رسالة سعودية واضحة الى المجتمع السياسي اللبناني بأنني أنا من فعلها". هكذا يرى الكاتب والمحلل السياسي جوني منير، لافتاً الى أن "هذه الاستقالة تأتي في اطار التصعيد السعودي-الايراني وبطلب سعودي واضح وتريد منها السعودية الاشارة الى أنها لا تزال تتحكم بقيود اللعبة في لبنان". أما الكاتب والمحلل السياسي سيمون أبو فاضل فيرى عبر "النشرة" أن "الاستقالة جاءت بالتنسيق مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خصوصا وان الحريري سمع مؤخرا منه كلاماً واضحاً بأن لبنان لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه في ظل غياب التوازن فيه وهيمنة جهة على أخرى"، ومضيفاً: "مؤخرا عندما زار وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان لبنان أكد للحريري أنه يجب تحصين مفاعيل التسوية التي أدّت الى انتخاب ميشال عون رئيساً والاخير يبدو منحازاً بشكل واضح لـ"حزب الله".
وبعد استقالة الحريري توضع علامات استفهام حول مصير الحكومة. وهنا يرى منير أننا "دخلنا في أزمة حكومية طويلة الأمد طارت معها الانتخابات النيابية، ليبقى السؤال "من سيجرؤ على تولي رئاسة الحكومة بعد أن أعلن الاخير الاستقالة من السعودية"؟. هذا ما يشير اليه أبو فاضل، لافتا الى أنه "يجب انتظار ما سيقوم به الرئيس عون فهل سيدعو الى استشارات نيابية أم سيقوم بتطبيع العلاقات مع الحريري وتصحيح الوضع"، معتبرا في نفس الوقت أن "من المبكر التكهّن بمصير الانتخابات النيابيّة المقبلة لأنه وحتى أيار المقبل يمكن أن تكون تشكلت حكومة جديدة على قاعدة توازنات جديدة".
يلفت منير الى أن "استقالة الحريري كانت متوقعة مطلع العام الجديد ولكن ما سرعها هو موضوع التوقيع على تعيين سفير للبنان في سوريا والكلام الذي قاله الرئيس عون عن حزب الله وربطه بالتسوية الاقليمية". في حين أن أبو فاضل يعتبر أنه "عملياً فإن مفاعيل التسوية التي أدت الى إنتخاب عون رئيساً سقطت وبهذه الإستقالة ضرب عهده"، مؤكداً أننا "عندنا الى زمن المواجهة الشرسة بين "المستقبل" و"حزب الله" من جديد".
إذاً، تأتي استقالة الحريري من الحكومة لتعكس ارتفاع وتيرة الصراع السعودي-الايراني، ومع هذه الاستقالة سقطت كل التفاهمات ودخل لبنان عملياً في أزمة سياسية، لتبقى العين على ما سيقوم به رئيس الجمهورية في المقبل من الأيام!.