بعد مرور أيام على استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري الفجائية والتي شكلت "صدمة" للوسط السياسي اللبناني بشكل خاص وللوسط اللبناني بشكل عام، بدأ الحديث عن الحكومة المقبلة في ظلّ إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون تريّثه في البتّ في هذه الإستقالة ريثما يعود الحريري من السعودية. وبين هذا وذاك يبقى مصير الحكومة مرتبطاً بجلاء مصير الحريري.
"عندما يعلن رئيس حكومة إستقالته فهذا يعني أنها أصبحت سارية المفعول ودستورياً لم يعد هناك من مجال للبحث بها، ولكن الرئيس عون وعندما أكّد أنه يتريث بقبولها، قصد بذلك أنه لن يتخذ أي خيار قبل جلاء مصير الحريري ومعرفة حقيقة وضعه والمعلومات التي تتوارد عنه". هذا ما يراه الكاتب والمحلل السياسي نبيل بو منصف عبر "النشرة"، لافتاً الى أن "التريّث في إتخاذ القرار أقلّه هذا الاسبوع أو ربما أكثر لمعرفة إذا ما كنا سنذهب الى حكومة رئيسها غائب أو الى استشارات لتأليف حكومة جديدة". هذا ما يؤكده بدوره الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي، معتبراً أن "قرار التمهّل بالتعاطي مع المفاعيل الدستورية لما جرى ناتج عن رغبة سياسية بالتهدئة وتفويت الفرصة على من يرغب بدفع الأمور الى المزيد من الشحن".
"الحريري أطيح به من قبل السعودية التي أرادت ومن خلال هذا الاجراء، أن تقول ان التسوية التي انخرط بها الحريري لا تعجبها". يقول بزي عبر "النشرة" ويشير الى أن "السعوديين تعمّدوا عدم إظهار حقيقة غياب الحريري وتضييع المسألة، والدليل أن الاستقالة أتت مقرونة بسلسلة إجراءات في السعودية طالت وزراء وأمراء سعوديين". أما بو منصف فيلفت الى أن "كل الدول المعنية بلبنان قلقة على الوضع، وتحاول أن تتمبط اللثام عن مصير الحريري، خصوصاً وأن القلق زاد نتيجة انقطاع الإتصالات معه"، معتبراً أن "الساعات المقبلة كفيلة أن تبلور الصورة وتنجلي عندها حقيقة وضعه".
وفيما خص نص الإستقالة يرى بزي أن "الحريري وبالخطاب الذي كُتب له، تعمد إظهار وكأن هذه الاستقالة هي وقفة بوجه إيران". في حين أن بو منصف يشير الى أن "الأزمة التي نتجت عن الإستقالة طابعها مختلف، فنحن أمام صراع إقليمي في لبنان بإطار سياسي جديد حاد تُرجم عبر الاطاحة بالحكومة"، مؤكداً أن "الهجوم السعودي هذه المرّة على ايران غير تقليدي، وبوسائل جديدة مما يصعّب الحل لبنانيًّا إذا كان هناك من حلّ"، مؤكدا أنه "وفي المدى المنظور لن يقبل أي سنيّ أن يرأس الحكومة قبل كشف حقيقة مصير الحريري ولماذا أقدم على هذا الإجراء، وما الذي تريد السعودية أن تقوم به في لبنان بعد الإستقالة".
في المحصّلة وحتى أوائل الاسبوع المقبل لا جديد سيطرأ على الوضع اللبناني خصوصاً وأن الرئيس عون يقوم بإتصالات عربيّة لازالة الغموض الذي أحاط بالاستقالة ومعرفة حقيقة وضع رئيس الحكومة، لتبقى العين على الخطوات التي سيتخذها رئيس الجمهورية بعد توضيح كل شيء...