قالت مصادر نيابية ان قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عدم البت باستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري حتى عودته الى لبنان خلال الايام الأربعة المقبلة، كما قال ذلك في اتصاله معه ليبلغه بالاستقالة، يحمل في طياته دلالات عدة، من بينها معرفة ما اذا كان الحريري مقتنع بما ورد في كل خطاب الاستقالة، وعما اذا كانت لديه النية في مواصلة العمل السياسي في لبنان وعلى اي أسس، كي يبنى على الشئ مقتضاه .
واشارت هذه المصادر، الى انه في الشكل هناك رأي لوزير العدل سليم جريصاتي يقول ان القرارات السيادية، مثل تشكيل الحكومة او الاستقالة منها، يجب ان تحصل ضمن الاراضي اللبنانية، وان اي خطوة مغايرة لا تعتبر قائمة أو سارية، وبالتالي فإن استقالة الحريري من خارج لبنان تعتبر ناقصة ويمكن التشكيك في مفاعيلها .
واضافت المصادر انه بعيدا عن الاجتهادات القانونية فإن الاستقالة حصلت، مشيرة الى انه من المفيد اليوم معرفة أهدافها والخطوات السياسية المقبلة لصاحبها .
ورأت المصادر ان مضمون الاستقالة يشير الى انها في سياق الصراع السعودي-الإيراني في المنطقة، وان المطلوب من رئيس حكومة لبنان عدم القبول بمشاركة حزب الله في حكومته، او في اي حكومة تترأسها شخصية سنيّة لبنانية.
ولفتت المصادر انه في حال عودة الحريري الى لبنان كما وعد، ستكون في اطار مواصلة التصدّي لحزب الله والعمل على عدم مشاركته في الحكم، واذا لم يعد فستكون هذه الاستقالة والطريقة التي تمت فيها بمثابة اغتيال سياسي للحريرية في لبنان.
ولم تستبعد المصادر في حال صحّت توقعات عودته، ان يعمل على احياء الأجواء التي كانت قائمة قبل التسوية السياسية، وعودة البلاد الى الانقسام العامودي الذي كان قائما في تلك الفترة.
ويمكن وبحسب المصادر ان يأخذ تحرك الحريري المقبل أشكالا لا يمكن وضعها في سياق التهدئة والحفاظ على الوحدة الوطنية والتماسك الداخلي، بل ستكون ضمن خطاب شعبوي، لشد العصب السني بشكل خاص، ولمّ شمل القوى الاخرى المعادية للحزب.
ولاحظت المصادر ان تحرك القائم بالاعمال السعودي في لبنان باتجاه دار الفتوى والكلام عن تشكيل المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى، ومؤتمر او لقاء للقيادات السنية في دار الفتوى لرسم معالم ورؤية هذا الفريق للمرحلة المقبلة، يشكل العنصر التالي من العناصر التي هي في يد المملكة العربية السعودية لمواصلة حربها ضد حزب الله وإيران في لبنان، والقضاء على المعادلة القائمة التي أفرزتها التسوية السياسية الاخيرة.
وشددت المصادر على انه في حال ثبتت مثل هذه التصورات ومثل هذا السيناريو، فإن فرص نجاحه في تحقيق أهدافه ضعيفة جدا، خاصة وان تشكيل اي حكومة في لبنان لا يمكن ان يحصل دون مشاركة مكون أساسي من المكونات اللبنانية الا وهي الطائفة الشيعيّة .
ولفتت المصادر نفسها الى ان عدم عودة الحريري وصدور مرسوم بتكليف الحكومة الحالية تصريف الاعمال والدعوة الى استشارات نيابية، لا بد وان يكون في اطار تشكيل حكومة تكنوقراط مهمّتها فقط اجراء الانتخابات النيابية المقبلة في أيار المقبل، اللهم الا اذا نجحت الرياض في اقناع اللقاء المرتقب في دار الفتوى بمقاطعة الانتخابات اذا لم يصدر أيّ موقف رسمي لبناني يعالج مضمون رسالة الاستقالة، خاصة المتعلقة بدور حزب الله وإيران على الساحة اللبنانية، وهنا يكون لبنان دخل فعليا في الصراعات الإقليمية التي لم يقحم نفسه فيها نظرا لما تشكل من مخاطر سياسية وأمنية واقتصادية على لبنان .