سجّل لبنان خلال الأيام القليلة الماضية، موقفاً مهمّاً ومتقدّماً في التعامل مع المستجدّ الذي تمثل بإعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من السعودية، وبدا واضحاً أنّ هناك حرصاً من معظم القيادات الرسمية والسياسية اللبنانية على معالجة ما استجدّ، وعلى تحصين الوحدة والاستقرار والسلم الأهلي، وتفويت الفرص على العدو الصهيوني الذي يتربّص بلبنان شراً.
هذا الموقف اللبناني عبّر عن أعلى درجات الحكمة والوعي، وشكّل حزام أمان مرحلياً تلافياً لكلّ ما يهدّد الاستقرار. وعلى هذا الموقف يجب البناء ومواصلة الجهد لتعزيز التماسك وتحصين الوحدة ومواجهة ما يرسم للبنان.
التعاطي بحكمة ورصانة ومسؤولية، والتشديد على التحصين الداخلي، هو ما يجب على القيادات فعله عند كلّ مستجدّ. وهذا ما حصل. لكن ما نشهده من ارتفاع في وتائر التصعيد والتهديد الخارجي، يشي بأنّ هناك سيناريوات تُحضّر للبنان، ما يحتّم جهوداً مضاعفة، لتعطيل تنفيذ هذه السيناريوات، لا سيما الإسرائيلية منها، وتجنيب لبنان واللبنانيين تداعياتها.
الواضح أنّ هناك ضغوطاً كبيرة تمارس على لبنان. فالشغل الشاغل للوزير السعودي ثامر السبهان، هو إطلاق المواقف التصعيدية ضدّ لبنان، وقد أعلن بالأمس أنّ كلّ الإجراءات المتخذة تباعاً في تصاعد مستمرّ ومتشدّد . وجاء موقفه إثر بيان أصدرته وزارة الخارجية السعودية طلبت فيه من رعاياها الزائرين والمقيمين في لبنان مغادرة البلاد فوراً، وناصحة رعاياها بـ عدم السفر إلى لبنان من أيّ وجهة دولية .
موقف السبهان هذا، وبيان وزارة الخارجية السعودية، وما سبق ذلك من مواقف سبهانية، لا سيما التهديد الذي أطلقه ضدّ حكومة لبنان، واعتبارها حكومة إعلان حرب ، كلّ هذا يؤشر إلى أنّ السعودية تريد أن تتعامل مع لبنان واللبنانيين، بالطريقة ذاتها التي تعامل بها رعاياها الذين تحتجز حريتهم بالاعتقال والإقامة الجبرية بتهم الفساد. وهذا أمر يرفضه اللبنانيون رفضاً قاطعاً، لأنّ اللبنانيين أحرار قاوموا أعتى قوة عنصرية وانتصروا عليها.
وعليه، فإنّ الضرورات الوطنية اللبنانية، تملي بأن يشكل الموقف اللبناني الذي اتّسم بالحكمة والوعي والمسؤولية، منصة لمضاعفة الجهود من أجل تحصين الداخل، وتعزيز الوحدة، وحماية الاستقرار. فهذه من أهمّ عناصر الردّ على التهديدات السعودية التي يتعرّض لها لبنان.