أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور نقل "رسالة تطمين" من الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" الى نظيره اللبناني ميشال عون، خلال استقباله سفراء الدول العربية لإحتواء الأزمة السياسية المستجدة في لبنان، على ضوء إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض، أكد فيها بما لا يدعو مجالا للشك، أن الموقف الفلسطيني الرسمي سيبقى حاسما، في عدم التدخل بالشوون اللبنانية والعربية مهما إشتدت الخلافات، واننا في لبنان حريصون على حفظ أمن واستقرار المخيمات والسلم الاهلي".
رسالة السفير دبور "الشفهيّة"، جاءت في أعقاب لقاء جمع الرئيس عباس في مقر إقامته في عمان مع المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، بحضوره، حيث جرى بحث أوضاع المخيمات وتفاصيل الزيارة الى "المملكة العربية السعودية" وإتصاله بالحريري.
وأوضحت المصادر، أن اللقاء إكتسب أهمية خاصة مع تسريب معلومات أن السعودية طلبت من الرئيس عباس أن يكون في محورها لمواجهة إيران و"حزب الله"، وترجمة ذلك قطع علاقة السلطة الوطنية مع ايران، فك الإرتباط الفلسطيني بما فيها حركة "فتح" في لبنان بالتنسيق مع "حزب الله" وإبلاغ "حماس" بقطع زياراتها الى الجمهورية الاسلامية في ايران، في أعقاب المصالحة "الفتحاوية الحمساوية" بعد إستياء واضح من مسؤوليها لقيامهم مؤخرا بزيارة طهران، ثم لقاء الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، ثم تقديم التعازي بوفاة والد قاسم سليماني في إيران.
وفي معلومات "النشرة"، فان الرئيس عباس أعرب عن رغبته بالبقاء على سياسة "النأي بالنفس" وبالإبتعاد عن "المحاور"، وتأكيد الحرص على حفظ أمن وأستقرار المخيمات والسلم الاهلي في لبنان، في وقت تبقى فيه الأنظار شاخصة على الموالين للعقيد محمد دحلان في بعض المخيمات وسط إستبعاد من الإنجرار الى أي تدخل.
بينما أوضح السفير دبور، اننا قطعنا شوطا كبيرا في محاصرة الخطر في المخيمات وتجاوزنا أي محاولة لزج العنصر الفلسطيني في آتون الخلافات الدائرة في المنطقة، نحن اليوم نبحث في كيفية مساعدة الاخوة اللبنانيين للخروج من الأزمة السياسية، وهذا مو موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن"، وكافة القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية في لبنان.
واضاف السفير دبور، ان كل القوى الفلسطينية ومنها "الاسلامية" في عين الحلوة لديها ما يكفي من الوعي لدقة المرحلة وخطورتها والاستعداد الكامل للعمل سويا من أجل تحصين أمن وإستقرار المخيم والجوار اللبناني وقطع الطريق على أي محاولة للتوتير"، مضيفا "الحمد لله قطعنا مرحلة الخطر، بفضل الوعي وسرعة التحرك والحراك السياسي والاتصالات واللقاءات وعدم ترك الامور على غرابليها حتى لا تأخذ أي منحى آخر".
أزمات وشائعات
هذا الواقع المستجد على ضوء إستقالة الحريري وبدء السعودية مرحلة الإصطفاف السياسي في لبنان، أعادت الانظار مجددا الى المخيمات الفلسطينية، ولا سيما منها عين الحلوة، حيث لا تكد القوى السياسية الفلسطينية فيه تلتقط أنفاسها من معالجة أزمة حتى تدخل الى أخرى، اكثر تعقيدا وأشدّ خطرا، ومعها تعود الهواجس والمخاوف من إحتمال تحويلها الى منطلق لإستهداف الامن اللبناني، على الرغم من أن الموقف الفلسطيني برهن على أرض الواقع وفي محطّات عديدة وخلال فترات زمنية متعددة إلتزامه بسياسة "النأي بالنفس" وعدم التدخّل بالشؤون اللبنانية وخاصة في السنوات الثلاث الماضية أيّ في المرحلة التي كان فيها الاحتقان السياسي والمذهبي على أوجه.
اليوم يتكرر المشهد مع استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري بطريقتها وتوقيتها ومكانها من الرياض، وفي خضم عاصفة الخلافات، لاحظت أوساط فلسطينية مسؤولة، أن ثمة "إصرارا لافتا" على محاولة زج المخيمات الفلسطينية في آتون الخلافات على ضوء الاستقالة، حيث توقفت الأوساط عند سلسلة من "الشائعات"، أولها: تسريب موقف بأن حركة "حماس" رحبت بالإستقالة من الرياض، وقد سارع متحدث إعلامي بإسمها إلى نفيها جملة وتفصيلا والتأكيد على ان ذلك شأن لبناني بحت، ثانيها: تسريب خبر أن وزيرا سابقا طلب لقاء "القوى الاسلامية" في مخيم عين الحلوة، في اشارة الى وزير العدل اللبناني السابق أشرف ريفي، وانه إتصل بأمين سر القوى الاسلامية الفلسطينية، وأمير الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب مبديا رغبته في الاجتماع مع ممثلين عن "عصبة الأنصار الاسلامية"، وسارع الشيخ خطاب نفسه الى التأكيد بأن هذا الخبر عار من الصحة، وهو محاولة لاستعمال الوجود الفلسطيني ضمن الأزمة السياسية في لبنان، للزجّ بالعنصر الفلسطيني مع هذا الفريق أو ذاك، وأن "القوى الاسلامية" في لبنان وسائر الفصائل والقوى الفلسطينية في لبنان ليست طرفا في أي نزاع لبناني أو عربي، وهي حريصة على العلاقة الطيبة مع جميع الفرقاء وحريصة على السلم والاستقرار في لبنان، وثالثها: إلغاء قيادة حركة "فتح" في لبنان وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان، المهرجان المركزي الذي كانت تنوي إقامته في الذكرى الثالثة عشرة لرحيل ياسر عرفات "أبو عمار"، في قاعة مركز الأولي للمعارض في صيدا، في محاولة للإيحاء أن الاوضاع غير مستقرة، سارعت القيادة "الفتحاوية" الى التأكيد انه "نتيجة الظروف والأوضاع السائدة فقد قررت إحياء الذكرى داخل المخيّمات الفلسطينية في لبنان، بسلسلة من المهرجانات والنشاطات السياسية وإضاءة الشموع تعبيرا عن المكانة الكبيرة التي يحتلها "ابو عمار"، في قلوب أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف انتماءاته السياسية.
إحتواء وإرتياح
مقابل هذه الشائعات، رصدت مؤشرات عملية لإحتوائها وقطع الطريق على أي محاولة لجر العنصر الفلسطيني الى الخلافات الداخلية عبر الحفاظ على الموقف الفلسطيني الموحد وتحصين أمن وإستقرار المخيمات وبخاصة عين الحلوة:
1-من خلال اللقاء اللبناني الفلسطيني الذي عقد في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا والذي جمع مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد فوزي حمادة و"مسؤول الأمن القومي" العقيد سهيل حرب، ورئيس مكتب صيدا العميد ممدوح صعب مع لجنة "غرفة العمليات العسكرية الفلسطينية" برئاسة قائد الأمن الوطني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، وهي التي إنبثقت عن القوى الفلسطينية في لبنان لمواكبة أي تطور أمني يطرأ داخل المخيمات، حيث أبلغ اللواء ابو عرب، الجيش اللبناني مجددا الموقف الفلسطيني في إعتماد سياسة "النأي بالنفس" والحياد الايجابي والحفاظ على أمن وإستقرار المخيمات وخاصة عين الحلوة والجوار اللبناني، "واننا لن ننجر الى أي فتنة، فيما أعرب العميد حمادة عن إرتياحه للوضع الأمني في المخيم رغم الشائعات ومحاوىت التوتير"، مشيرا الى "أن الأجهزة الأمنية اللبنانية لم ترصد أي حركة غير طبيعية داخل المخيم أو منه إلى الخارج.
2-باللقاء الذي عقده سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور مع مسؤولي "القوى الاسلامية"، ضم عن "عصبة الانصار الاسلامية" الشيخين أبو طارق السعدي وأبو شريف عقل، وأمير "الحركة الاسلامية المجاهدة" الشيخ جمال خطاب، في مقر القيادي الفتحاوي العميد خالد الشايب، حيث جرى التأكيد على تحصين الموقف الفلسطيني وأمن وإستقرار المخيمات والجوار اللبناني ومسيرة السلم الاهلي، على ضوء التطورات السياسية الأخيرة باستقالة سعد الحريري.
ووضع السفير دبور "القوى الاسلامية" في أجواء الاجتماعين مع الرئيس عباس والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في عمان، ثم لقائه واللواء ابراهيم في بيروت، معتبرا أن اللواء ابراهيم له مكانة خاصة لدى الرئيس "أبو مازن"، وقد جاء اللقاء السريع في عمان لتبديد أي مخاوف لبنانية تجاه أي تدخل فلسطيني، مجددا "اننا ملتزمون العمل بالأطر الموحدة الفلسطينية الفلسطينية، وبالرؤية المشتركة الفلسطينية اللبنانية التي عبر عنها "أبو مازن" خلال زيارته الأخيرة الى لبنان.
3-اللقاءات المتلاحقة التي عقدت على مختلف المستويات الفلسطينية الوطنية والاسلامية الثنائية والجماعية والتي أكدت على وعي فلسطيني جامع لخطورة المرحلة، وضرورة حماية المخيمات وقد ابلغ هذا الموقف الموحد الى القوى السياسية اللبنانية الوطنية والاسلامية منها.
تضامن صيداوي
في المقلب الصيداوي السياسي، إستوعبت المدينة صدمة الإستقالة المفاجئة، وأعربت قواها السياسية عن تضامنها مع آل الحريري، ولفت الانتباه الإتصال الذي أجراه الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد مع النائب بهية الحريري بهدف الاطمئنان منها على سعد الحريري وعائلته.
وأكدت مصادر صيداوية لـ"النشرة"، أن قادة الأجهزة الأمنية في المدينة عمدوا منذ استقالة الحريري الى التواصل مع القوى السياسية للحفاظ على ضبط الخطاب السياسي لتفادي أي توتير على الأرض، في وقت رفعت فيه القوى الأمنية والعسكرية وتيرة مراقبتها لبعض المناطق التي يمكن أن تشكل "فتيل توتير"، ومنها المخيمات الفلسطينية وأماكن تجمع النازحين السوريين، إضافة الى بعض الأشخاص "المشبوهين"، تزامنا مع اجراءات أمنية إحترازية.