أثبت الجيش اللبناني أن وعوده لشهدائه لا يمر عليها الزمن، فكل من ساهم بإذية الوطن والجيش سينال عقابه ولو بعد حين. اليوم سقط رأس الارهاب في عرسال المدعو مصطفى الحجيري والملقب بأبو طاقية في قبضة مخابرات الجيش بعد رصد ومتابعة استمرت أكثر من 70 يوما.
اعلنت القيادة صباحا انه بنتيجة المتابعة والتقصّي، أوقفت قوة من مديرية المخابرات فجر اليوم في بلدة عرسال، المدعو مصطفى الحجيري الملقب بـ"أبو طاقية"، وقد بوشر التحقيق معه بإشراف القضاء المختص. وقد علمت "النشرة" من مصادر مطلعة أن مخابرات الجيش توصلت لمعلومات أكيدة تشير لوجود الحجيري في منزله الذي يضم الى جانبه مسجدا ويشكلان معا ما يشبه المجمع السكني. وتضيف المصادر عبر "النشرة": "على الفور توجهت دورية من المخابرات الى المكان وعثرت على أبو طاقية نائما في الطابق الثاني من منزله حيث توجد "المكتبة"، فأيقظته واعتقلته"، مشيرة الى أن عائلته كانت برفقته في نفس المنزل.
وتكشف المصادر أن أبو طاقية الذي كان يتنقل باستمرار لإخفاء مكان تواجده لم يكن يملك أي حماية مسلحة، ويعود هذا الأمر لكونه أصبح ضعيفا ومنبوذا من قبل أهل عرسال الذي تذوقوا منه الكثير من المرارة بسبب تصرفاته وكأنه أمير المنطقة وراعيها. وفي نفس السياق تشير المصادر الى أن أبو طاقية يعتبر كنزا ثمينا لما يحويه من معلومات أمنية حول عمل الجماعات الارهابية في لبنان وسوريا. وتضيف: "إن ملفاته الأمنية عديدة فهو يملك أسرارا تخص الازمة في سوريا وتورط الدول فيها لان عددا منها كانت تتعامل معه مباشرة عبر شخصيات من قبلها لدعم الارهابيين السوريين بالأموال، بالاضافة الى توليه شخصيا عمليات تهريب السلاح من عرسال الى سوريا والعكس، كذلك يملك الرجل المعلومات الكاملة عن احداث عرسال وخطف العسكريين".
وتكشف المصادر أن العمل الأبرز الذي كان يتولاه أبو طاقية هو "إشعال" الفتنة السنية الشيعية، فأوكلت اليه هذه المهمة بطلب خارجي، لافتة النظر الى أن إعدام "النصرة" للجندي محمد حمية كان بطلب وإلحاح من أبو طاقية، اذ هدد وقتها بأن عدم تنفيذ هذا الطلب سيجعله يسلّم عرسال للجيش اللبناني، وذلك ظنا منه أن قتل إبن عشيرة "حمية" سيشعل البقاع وسيطلق عمليات الأخذ بالثأر في تلك المنطقة التي تضم شرائح واسعة من السنة والشيعة.
بعد انتهاء معركة جرود عرسال انتهى دور مصطفى الحجيري واصبح المطلوب الأول في تلك المنطقة، ويوم اعتقل ولده عباده الحجيري في الأول من أيلول الماضي، علم أبو طاقية أن قرار اعتقاله قد اتخذ وأن شيئا لن يثني الجيش عن ذلك، فأصبح يتنقل من مكان لآخر تحت جنح الظلام ودخل مرات عديدة لمخيمات اللاجئين السوريين للاختباء، وانتهى عمله الأمني الارهابي، وأصبح كالفأر مختبئا الى أن حانت اللحظة المناسبة لتوقيفه. وهنا تشير مصادر عرسالية الى أن عملية التوقيف أرخت بظلالها على الوضع العام في البلدة فشكلت نوعا من الراحة والطمأنينة، مشيرة الى أن أبناء عرسال سئموا العيش بالخوف وعدم الاستقرار.
بعد توقيف رأس هرم الارهاب في عرسال أبو طاقية وزميله أبو عجينة، لم يبق في البلدة سوى البعض ممن شاركوا في اوقات سابقة بعمليات القتال، ولكنهم رموا السلاح وعادوا الى حياتهم الطبيعية منذ فترة، ولكن هذا لا يعني بحسب المصادر أن الجيش اللبناني سيرفع عينه عن تلك المنطقة ومخيماتها، فالاستقرار الموجود هناك ليس الا ثمرة جهد وتعب كبيرين لقيادة الجيش اللبناني وعناصره.