– يتداول اللبنانيون كلّ وعد مؤجّل وقابل للتأجيل بتكرار ما سمعوه في الإعلان الترويجي لسحب اللوتو اللبناني، وقوامه جملة تقول لكلّ صاحب حلم أو أمل بتحقيق حلم، أن ينتظر نتائج السحب كلّ إثنين وخميس، فإذا لم يُصب حظه الإثنين فربما يصيب الخميس، وإلا عليه الانتقال للإثنين الذي يلي والخميس الذي يلي، وهكذا دواليك. وهذا هو حال اللبنانيين اليوم مع مواعيد عودة رئيس حكومتهم المخطوف سعد الحريري، فبعد بيان استقالته يوم السبت قبل أحد عشر يوماً، فهم اللبنانيون أنّ «هاليومين» التي وردت عن عودة الحريري لبيروت تعني يوم الإثنين، وصار الإثنين خميساً مع «هاليومين» مرة جديدة، وصار الخميس إثنيناً وعاد الإثنين خميساً، والحريري لم يعُد، وهو عائد «هاليومين»، وقد يستقرّ في بيروت بين خميس وإثنين عائداً من باريس بعد السماح بسفره إليها، وتعود حكاية «إذا مش التنين الخميس»، فيما تخرج أصوات من صف الحريري تقول إنّ الحديث عن الاحتجاز هو بروباغندا وافتراء.
– في فيديو علني على مواقع التواصل تقول المتحدثة بلسان الخارجية الأميركية عن لقاء القائم بالأعمال الأميركي بالحريري حرفياً، «لقد رأيناه في مكان احتجازه»، وعندما يسألها صحافي عن معنى قولها تجيب، لن أعيد استعمال هذا التوصيف، لكن أنتم تعلمون أنّ الوضع حساس ولا أستطيع إعطاء تفاصيل، فهل الناطقة بلسان الخارجية الأميركية تعمل ضمن شبكة بروباغندا يقول السعوديون إنّ حزب الله وراءها؟
– تختبئ السعودية وراء ادّعاء ممارسة الحريري نشاطه، وهو لم يُسمح له بلقاء الرئيس الفرنسي، وأيّ نشاط أهمّ من لقاء رئيس فرنسا، ثم يعلن عن تفاهم فرنسي سعودي «على ترتيبات لسفر الحريري وعائلته»، بعد جولة أوروبية لوزير خارجية لبنان أسفرت عن تحديد مهلة تنتهي الأحد المقبل سيتمّ التوجّه بعدها لمجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يُلزم السعودية بالإفراج عن الحريري، وتضامنت معه أوروبا كلها، والتزمت له فرنسا بالدعم، لذلك فإنّ الترتيبات هنا لا تعني إلا شيئاً واحداً، ضمانة فرنسية لالتزام الحريري بالتعليمات السعودية، مقابل ضمان حياته وعودته بعد باريس إلى بيروت لترجمة التوجّهات السعودية الفرنسية، التي هزم فيها السعوديون في خطة تفجير لبنان، وفي خطة استعمال لبنان للتصعيد على حزب الله وإيران، وصار سقفهم ستر فضيحتهم، ومنع الحريري من الانقلاب بعد الذي جرى به ومعه، والمقابل هو التعهّد الفرنسي بوقف الحركة اللبنانية نحو التدويل.
– نتيجتان مهمّتان هنا، أبعد من عودة الحريري بعد نقاهة وإعادة التأهيل في باريس، وهو يحتاجهما، وأبعد مما سيفعله بعد عودته إلى بيروت «إذا مش التنين الخميس»، الأولى أنّ لبنان ربح المعركة بشقيها، إلزام السعودية بالإفراج عن رئيس حكومة لبنان بغضّ النظر عن الخصومة والتفاهم معه، والثانية أنّ السقف السياسي انتقل من محاصرة حزب الله سياسياً وطائفياً، بالتهديد السعودي بالحرب المالية والعسكرية، وصار السقف هو فتح حوار لبناني لبناني لا يؤذي الاستقرار الداخلي، كما أبلغ الفرنسيون للبنانيين.
– سؤال طرحته فضيحة اختطاف الحريري الإبن، وقد لقي هذا العقاب أياً كانت التهمة الموجهة له، وهو لم يتمرّد على المشيئة السعودية بمستوى ما فعل الحريري الأب، عندما سار بالتمديد للرئيس السابق إميل لحّود عكس التعليمات السعودية التي تعامل معها كتمنّيات، «هل يبقى محظوراً التساؤل عن الدور السعودي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟».