اعتبر وزير العدل سليم جريصاتي خلال تنظيم صندوق الصليب الأحمر الفرنسي ومعهد البحوث للتنمية والصليب الأحمر اللبناني وجامعة القديس يوسف، ندوة "تأمين الانتقال الإنساني والتفكير في الأخلاقيات في لبنان"، ان "لبنان لم يكف منذ استقلاله عن اختبار موجات نزوح بشرية متأتية ليس فقط من نسيجه المتعدد الطوائف ومن رسالته كبلد مضياف ومنفتح، ولكن ايضا بسبب موقعه الجغرافي والجيو سياسي، بما ان بلد الأرز يقع في منطقة مشتعلة تهزها الحروب العربية الأسرائيلية، وبما ان لبنان كما تعلمون هدف للإرهاب التكفيري الذي بعد ان نشر همجيته على الأراضي التي احتلها وفي الخارج بات يعيش اليوم ايامه الأخيرة".
ولفت إلى ان "عدم الأستقرار الأمني ادى الى موجات كبيرة من النزوح الداخلي او عبر الحدود وحتم ضرورة التدخل الإنساني من قبل اللاعبين الدوليين والإقليميين للحفاظ على حياة الأكثر تهميشا. وان الحجم الكبير لهذا التدخل الإنساني جعلنا اليوم نتحدث عن اقتصاد انساني له تأثير واضح على الوظائف والإقتصاد في البلدان المعنية، البعض يتحدث عن اثر ايجابي لهذا الإقتصاد ولكن الأوضاع تنطوي على نظرة سلبية خصوصا في بلد مثل لبنان حيث التوزيع الديموغرافي والطائفي مؤثر جدا في الحياة اليومية. لذلك، فإن مساعدة انسانية مستقلة ومتوازنة اصبحت ضرورية في لبنان، ويجب ايضا عدم اهمال مسألة السيادة الوطنية، فلبنان بلد منفتح لإستقبال التدخلات الإنسانية الدولية ولكن ضمن الإحترام الصارم لسيادته. فالدولة اللبنانية يجب ان توجه التدخلات الإنسانية وتقييم تأثيرها على الطابع الإنتقالي. فبلد استقبال ودود متمكن من السيطرة على اشارات العداء التي يمكن ان تنجم عن هذا الواقع، يعي القيود التي يمكن ان تصدر عنه هو بلد يدير بأحسن حال الأوجه المتعددة لهذا الإستقبال".
أضاف "لم يوقع لبنان على اتفاقيات جنيف عام 1951 ولكنه يطبقها بشكل وبآخر، فللبنان قيود بنيوية دستورية وتوافقية تمنعه من اعطاء الصفة الدائمة للنازح ولللاجىء ولبنان يحترم القانون الإنساني ونحن مضطرون لاستقبال النازحين، وعلى الدولة ان تحمي نفسها مما يمكنه ان يهدد الأنسان فيها، والسلام والقانون والعدالة هم الركائز الأساسية للأتفاقية الدولية لحقوق الأنسان، ويجب ان نضع نصب اعيننا بأن العمل الإنساني لا يمكن ان يحقق اهدافه الا اذا حقق تطور البلدان المضيفة. واذا اردنا ان يكون لدينا نظرة اخلاقية عن الإنتقال الأنساني في لبنان فيجب ان نأخذ في الإعتبار التحكيم بين احتياجيات النازحين واحتياجات المضيفين. واتمنى ان ينجح لبنان في هذا التحكيم الحساس".
بدوره، رأى ئيس جامعة القديس يوسف الأب سليم دكاش ان "موضوع هذه الندوة يعكس مهمة الجامعة اليسوعية في خدمة المجتمع اللبناني منذ العام 1875، فالجامعة لم تتوقف عن العمل الإنساني في لبنان ليبقى رسالة سلام وحرية لكل دول المنطقة"، مشيراً إلى "انتم في جامعة فرنكوفونية معروفة بإنتمائها الفرنكوفوني وعملها الإنساني وتأمين الإثر الجيد لاستدامة المجتمع وتطوره واحترام الجوانب الأخلاقية فيه".
ودعا الى "احترام اخلاقية النزوح"، مشيراً إلى أن "لبنان ارض استقبال للنازحين وهذا الإستقبال لا يمكن الا ان يكون انتقاليا ولا بد من ان نساعد النازحين على العودة الى ارضهم والغوص في جذورهم. ان نزوح السوريين كان بمثابة اقتلاع لهم من جذورهم وهذا امر غير اخلاقي".
واعتبر ان "المجتمع اللبناني يعاني كثيرا من تداعيات هذا النزوح واكثر من تأثرت منه هي الطبقة الوسطى التي لم تعد قادرة على تأمين العيش الكريم لها"، معلناً أن " 4000 طالب طلبوا المساعدة الإجتماعية من الجامعة هذه السنة بينما كان العدد عام 2011 نحو ألفين فقط، والأرقام هنا تبين ان المجتمع اللبناني لم يعد قادرا على تأمين اولوياته".