آخر إبداعات الفكر الصهيوني العنصري الاستيطاني التهجيري لسكان البلاد وأصحابها الأصليين هو ما قدمه نائب رئيس الكنيست الصهيوني بتسلال سمورطيتش من اقتراحات عن مخطط جديد للتخلص من القسم الأكبر من أبناء الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين المحتلة واحتواء وتدجين وتذويب من يتبقى.
الخطة المقترحة تقوم على العناصر التالية:
العنصر الأول: ضم الضفة الغربية إلى دولة الكيان الصهيوني التي أقيمت على أرض فلسطين التي احتلت سنة 1948 بمساعدة المستعمر البريطاني.
العنصر الثاني: حل السلطة الفلسطينية بعد أن أدت وظيفتها في توفير الظروف المواتية لإضعاف
المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وإضفاء الشرعية على دولة الاحتلال الصهيوني. والشروع في طفرة استيطانية «تضمن جلب مئات الآلاف من اليهود للإقامة فيها». وبناء مدن استيطانية كبيرة على غرار معاليه اودميم. شمال شرق القدس المحتلة
العنصر الثالث: مواصلة عمليات مصادرة أراضي الفلسطينيين وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يطاق لإجبارهم على الهجرة القسرية عبر تدمير منازلهم في الضفة والقدس.
العنصر الرابع: تقديم الإغراءات للفلسطينيين لتشجيعهم على الهجرة إلى أي بلد يختارونه.
هذه عناصر الخطة التي شرع سمورطيتش العمل على الترويج لها لأخذ موافقة الكنيست الصهيوني إنما تندرج في سياق العديد الخطط الصهيونية التي تستهدف دفع الفلسطينيين إلى الهجرة وإحلال المستوطنين الصهاينة مكانهم وصولا إلى حسم الصراع على أرض فلسطين لمصلحة المشروع الصهيوني وتصفية قضية فلسطين.
لكن ما الذي يدفع المسؤولين الصهاينة إلى طرح مثل هذه الخطط؟.
وهل بالإمكان إجبار الفلسطينيين على الرحيل عن أرضهم بوساطة الإغراءات المالية بعد أن فشلت عمليات القمع والإرهاب في اجبارهم قسرا على هجرة أرضهم كما حصل عام 1948؟.
أولا: المتابع لمجريات الصراع على أرض فلسطين يلحظ بوضوح أن المسؤولين الصهاينة بات ينتابهم القلق على مستقبل المشروع الصهيوني نتيجة عاملين أساسيين:
العامل الأول: أن إعلان الدولة اليهودية العنصرية ومنع إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لن يقود إلى إنهاء الصراع وتصفية القضية الفلسطينية، بل على العكس سوف يؤدي ذلك إلى التأسيس لمرحلة جديدة من هذا الصراع في ظل وجود الشعب الفلسطيني على أرضه مما يجعل من الدولة اليهودية تتحول أما إلى دولة تمييز عنصري تواجه عزلة دولية. أو تتحول إلى دولة ثنائية القومية تصبح مع الوقت الأكثرية فيها عربية فلسطينية بسبب ان نسب الولادات لدى الفلسطينيين هي أعلى من نسبتها لدى اليهود المستوطنين لاسيما وأن أعداد الفلسطينيين حاليا متساوية مع أعداد اليهود المستوطنين.
العامل الثاني: أن المقاومة والانتفاضة الفلسطينية سوف تتنامى في ظل حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الوطنية وسياسة التمييز العنصري، وان هذه المقاومة سوف تتسع وتحظى بدعم كبير عربيا وإسلاميا ودوليا، وتجعل إسرائيل تواجه خيارا من الخيارين المذكورين آنفا، إما عزلة دولية وتضامنا مع مقاومة الشعب الفلسطيني تفضي إلى استنزاف إسرائيل ودفع المستوطنين اليهود غير المستعدين للموت دفاعا عن بلد ليس بلدهم وبالتالي يعودون إلى البلدان التي جاؤوا منها، وصولا إلى تقويض دولة الكيان الاحتلالي، أو الرضوخ للضغط الدولي بإنهاء دولة التمييز العنصري والقبول بإقامة دولة ثنائية القومية يسيطر عليها العرب الفلسطينيون عبر الانتخابات الديمقراطية على غرار ما حصل في جنوب أفريقيا إثر إنهاء نظام التمييز العنصري وإجراء الانتخابات الديمقراطية وفوز المؤتمر الوطني.
لهذين السببين يشعر القادة الصهاينة بالقلق على المستقبل وهو ما يدفعهم إلى طرح الخطط لتهجير الفلسطينيين بدلا من التسليم بحقوقهم الوطنية، خوفا من أن يجدوا أنفسهم أمام الخيارين المذكورين آنفا، مما يعني مأزقا كبيرا يقود إلى نهاية المشروع الصهيوني.
ثانيا: أن التجربة التي أعقبت قيام دولة الاحتلال الصهيوني عام 1948 تبرهن أن الشعب الفلسطيني في داخل فلسطين تمسك أكثر بالبقاء في أرضه ودياره ولم تنجح أساليب القمع والإرهاب والتنكيل والمجازر في دفعه إلى الهرب والهجرة عن بلاده بل صمد صعودا أسطوريا، وما حصل من اعتداءات صهيونية وحشية متكررة على قطاع غزة أكد هذه الحقيقة فلم تؤد الحروب الصهيونية الوحشية المدمرة على قطاع غزة إلى دفع الفلسطينيين إلى الهجرة عن القطاع. هذا يعني أن استخدام أساليب الإرهاب في المستقبل أو الإغراءات المادية لن تفلح في تحقيق ما يحلم به القادة الصهاينة، وسيبقى الصراع محتدما ومأزق الكيان الاحتلالي الغاصب يكبر ويزداد طالما الشعب فلسطين لم يستعد حقوقه الوطنية المشروعة على أرض فلسطين وعودة اللاجئين إليها.