أنْ يقول وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من القصر الجمهوري، وهو من أقرب المقربين الى رئيس الحكومة سعد الحريري، إن "الحريري سيلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ويكون لبنان بذلك قد تجاوز قطوعاً كبيراً"، فذلك يعني أن المشنوق أراد بطريقة أو بأخرى التأكيد على أن المملكة العربية السعودية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إحتجزت رئيس حكومة لبنان منذ أن قدّم إستقالته الملتبسة من الرياض في الرابع من تشرين الثاني الجاري وحتى اليوم. "هو رد مستقبلي من الفريق المصنّف ضمن الحلقة الضيّقة التي أثبتت وفاءها لرئيس الحكومة خلال أزمته، على قيادات ونواب التيار الأزرق الذين إنقلبوا عليه وراحوا يجزمون عبر وسائل الإعلام إن الحريري حرّ داخل المملكة، وعائلته أيضاً حرة، وما من أحد في السعودية تعرض لهم أو فرض عليهم أي شيء" يقول مصدر من دائرة الأوفياء لرئيس الحكومة. ويصيف "إذا إلتزمنا الصمت في المرحلة الماضية نظراً لدقة الموقف وحماية للحريري ولعائلته، ولأننا لا يمكننا مهاجمة المملكة لأكثر من إعتبار وإعتبار، فهذا لا يعني أبداً أننا كنا نؤيد التصاريح التي تصدر عن نواب وقياديين زملاء في التيار والتي تدافع عن المملكة بطريقة عمياء، وهذا لا يعني أبداً أيضاً أن الرأي العام ساذج لدرجة أنه سيصدق هذه الأقاويل التي تسوّق لنظرية الحريري حرّ".
وإذا كان الوضع بهذه الدقة فلماذا تجرأ المشنوق وقال ما قاله من القصر الجمهوري بعد لقائه الرئيس ميشال عون، يجيب المصدر المستقبلي، "لأن اللعبة كانت قد إنتهت وقد حسم الأمر بأن الحريري سينتقل مساء اليوم ذاته من الرياض الى باريس، وذلك بضغط فرنسي قاده الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وبجو ضاغط أوروبي وروسي أثمرته زيارة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، التي، جاءت بإيعاز رئاسي لبناني على بروكسيل وألمانيا ولندن وفرنسا وروسيا وتركيا. ضغط لم تعد السعودية قادرة على تحمله خصوصاً بعد المواقف العربيّة الرافضة لتصرفاتها من كل من مصر وقطر والأردن والكويت، وذلك عشية إجتماع وزراء الخارجية العرب غداً في القاهرة، والذي كان من المتوقع أن يشهد سجالاً عنيفاً بين الوزير باسيل ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير.
إذاً من إستقالة رئيس الحكومة والأزمة الناتجة عن إحتجازه في المملكة، إنطلق صراع الأجنحة داخل تيار المستقبل، بين فريق يمثله بشكل رئيسي المشنوق ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري وأمين عام التيار أحمد الحريري، وفريق آخر كان يميل بتصريحاته الى المملكة العربية السعودية بقيادة النائب عقاب صقر وغيرهم.
صراع سيرسم مشهداً جديداً داخل بيت الوسط بعد عودة الحريري الى لبنان، لكن معالم هذا المشهد ستبقى متروكة الى اللحظة التي سيقرر فيها رئيس الحكومة من سيترك الى جانبه من فريقه ومن سيكون مصيره الإبعاد عن دائرة القرار الأزرق.