أكّد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ بيان وزراء الخارجية العرب أتى لصبّ الزيت على النار، ولكنّه شدّد على أنّ لا حرب على لبنان، مشيراً إلى أنّ ما يردّده بعض المحللين من تهويلٍ من حربٍ قادمة من شأنه إضعاف المعنويات والإساءة للبلد.
وفي حديث إلى تلفزيون "NBN" ضمن برنامج "آخر كلام" أداره الإعلامي عباس ضاهر، وجمعه مع وزير الخارجية السابق عدنان منصور، رأى أبو فاضل أنّ القرار الذي صدر عن الجامعة العربية في هذا الصدد هو لزوم ما لا يلزم، لافتاً إلى أنّ ما حصل هو استباق لقدوم الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، وذلك لزيادة الخلاف السني الشيعي في المنطقة وكذلك الخلاف السعودي الإيراني.
واعتبر أبو فاضل أنّ من اجتمعوا يعتبرون أنّهم يجب أن يتّحدوا لمواجهة إيران، مشدّداً على أنّ إيران دولة كبيرة وقوية ومناصرة للقضايا والشعوب والشرعية الدولية وهي تلتزم بالقرارات الدولية، لافتاً إلى أنّهم بدأوا يلمسون تراجعهم رغم كلّ الأموال التي دفعوها في سوريا وغيرها.
التسوية الرئاسية سقطت
وفيما جدّد أبو فاضل القول أنّ الإسلام السياسي أضرّ المنطقة والدول العربية، متحدّثاً عن حقدٍ دفين لدى البعض تمظهر في الساحة السورية وغيرها، أشار إلى أنّ التسوية الرئاسية في لبنان انتهى مفعولها سعوديًا، علمًا أنّها لم تبرم في ظلّ قيادة وليّ العهد الحالي محمد بن سلمان، بل قبل ذلك، معتبراً أنّ هناك ثلاثة ركائز لهذه التسوية هم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري والتحالف الشيعي الممثل بحزب الله وحركة أمل.
وإذ لفت إلى أنّ هذه التسوية سقطت بشكلٍ أو بآخر، شدّد على وجوب البناء عليها في المرحلة المقبلة، منبّهاً في الوقت عينه إلى أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري لن يعود مرتاحاً كما يتصوّر البعض، خصوصاً أنّ أبناءه لا يزالون في السعودية، مشيراً إلى أنّه عائد بفكرٍ جديد وبالتالي نهج مختلف عن السابق.
لا يمكن المساومة على إيران
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ مجلس الأمن الدولي ينظر بتهديد السلم الأهلي والسلم العالمي، مشيراً إلى أنّه بوجود اللاعبين الروسي والصيني لن يكون من السهولة النيل من إيران، متحدّثاً عن تحالف ونهج في المنطقة لا يمكن نكرانه، لافتا إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان في طهران قبل فترة.
وشدّد أبو فاضل على أنّه لا يمكن المساومة على إيران، موضحًا أنّ إيران هي الرأس، وبالتالي ما كُتِب في الجامعة العربية محلي، ومن الصعب الذهاب به إلى مجلس الأمن الدولي، لافتاً إلى أنّ الأوروبي غير الأميركي، شارحًا أنّ للأوروبي تطلعات نحو إيران مختلفة عن تطلعات الأميركي.
الجامعة العربية لا تعنيني
وأشار أبو فاضل إلى أنّ الأميركي لديه حسابات مرتبطة بإسرائيل وإنقاذها وتمددها بالمنطقة والسماح لها بالتحكم في المنطقة، لافتاً في هذا السياق إلى ما كشفه وزير الطاقة الإسرائيلي عن تعاون حاصل مع السعودية، وقال: "إذا كانت الدول العربية ترغب بالتعاون مع إسرائيل، فلتعلن ذلك في العلن".
وإذ اعتبر أبو فاضل أنّ الجامعة العربية لا تعنيه، استغرب كيف أنّ الجامعة العربية تجتمع بتحريض مالي ومذهبي من أجل طرد سوريا، مشدّداً على أنّ من غير المقبول أن تقوم جامعة عربية بطرد دول مؤسسة، متسائلاً عمّا إذا كان المطلوب أن تبقى موريتانيا وجيبوتي وجزر القمر فقط.
مرحلة مفروضة على الحريري
ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الرئيس سعد الحريري لن يكون سهلاً وليّنًا بعد عودته كما في الماضي لا مع الرئيس عون ولا مع المقاومة، متحدّثاً عن أمور مفروضة عليه بحكم أنّه كان موقوفاً، مشيراً إلى أنّنا اليوم أمام مرحلة جديدة فُرِضت على الرئيس الحريري، وقال: "نحن في الساحة الداخلية منتصرون، وهذا يجب أن يُقال، فهناك اليوم رابح وهناك خاسر".
وشدّد أبو فاضل على أنّ مراهنات الجامعة العربية لن تربح في لبنان، لافتاً إلى ما حصل في سوريا من انتصار على المؤامرة الكونية التي شُنّت عليها، وكذلك في العراق لجهة الانتصار الذي حصل في القائم والبو كمال، وقال: "الرئيس الحريري على رأسنا وعيننا، والرجل ممتاز، وكان محتضناً من مختلف قوى 8 آذار، في حين أنّه كان مغضوباً عليه من بعض القوى كالكتائب والقوات".
كلام للاستيعاب
ورأى أبو فاضل أننا مقدمون على مرحلة غير سهلة، ولفت في هذا السياق إلى خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالأمس، الذي وصفه بالتهدوي، مشيراً إلى أنّه نفى أيّ صلة لحزب الله بقضية الصاروخ الذي سقط في الرياض، وأشار كذلك إلى الكلام التهدوي للرئيس نبيه بري، وكذلك الرئيس العماد ميشال عون، معتبراً أنّ الكلام المسؤول اللبناني هو كلام للاستيعاب.
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّه إذا كان الرئيس الحريري سيأتي مغلوباً على أمره، فإنّ الآخرين سيعملون على استيعابه، وإذا لم يستوعبوه، عندها يمكن أن نعود إلى الجو الذي كان سائداً في 2007 و2008، لجهة الانقسام العمودي والاصطفافات السياسية، وتحدّث عن تحرّك معيّن بهذا الاتجاه من الجانب السعودي، موضحاً أنّ هناك تغييراً للنمط المعتاد عليه في السعودية.
لا حرب على لبنان
وفيما رأى أبو فاضل أننا مرحلة جديدة تتطلب الكثير من الروية والحكمة، اعتبر أنّ البعض هالتهم الانتصارات التي تحصل في لبنان، متوجّهاً بالتحية عشية عيد الاستقلال إلى الجيش اللبناني بقيادة اللواء جوزيف عون إلى سائر الأجهزة الأمنية وقادتها من اللواء عباس إبراهيم إلى اللواء طوني صليبا وغيرهم، وتحدّث عن حركة في البلد، وقال: "الحمد لله أنّ التعيينات الأمنية تمّت قبل استقالة الحكومة".
وتوجّه أبو فاضل كذلك بالتحية إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قائلاً أنّ الحاكم يعرف كيف يدير اللعبة الاقتصادية واستطاع القيام بهندسة مالية، مشيراً إلى أنّه انطلاقاً من كلّ ذلك هو مطمئنّ أن لا حرب على لبنان لأنّ لبنان محصّن، نظراً لتلاحم الجيش والشعب والمقاومة، لافتاً إلى أنّ السعودية ضربت حصانها الذي هو الرئيس سعد الحريري.
موقف عون مشرّف
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ مشروع الأمير محمد بن سلمان في البداية كان بتكليف شخصية يرث رئيس الحكومة سعد الحريري وهو حيّ، وكان الاتجاه يميل نحو شقيق الرئيس الحريري بهاء الحريري، لكن عائلة الحريري رفضت ذلك، وقالها الوزير نهاد المشنوق صراحةً بأننا لسنا قطيع غنم ولا نبايع.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان مشرّفاً وواضحاً جداً في مرحلة اختطاف الرئيس الحريري، مشيراً إلى أنّ السلطة التنفيذية عملت على المحافظة على رئيس الحكومة بشكل لا مثيل له، مشيدًا في هذا الإطار بالتنسيق الذي كان حاصلاً بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري.
هل تنجح المساعي؟
وسأل أبو فاضل: "إذا قرّر الرئيس سعد الحريري أن يشكّل حكومة لا يكون فيها حزب الله ممثّلاً وتشرف على الانتخابات، هل هذا يرضي الأمير محمد بن سلمان ويرضي المملكة العربية السعودية؟"
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ أيّ مساعٍ فرنسية إيرانية مع السعودية يمكن أن تنجح، بشرط عدم دخول الأميركيين والإسرائيليين على الخط، لأنّ هؤلاء سيسعون لعرقلة أيّ اتفاق يمكن التوصّل إليه، واستغرب رداً على سؤال آخر كيف أنّ الأميركيين أنفسهم يتفهّمون الوضع في لبنان، في حين أنّ إخواننا في الخليج لا يريدون تفهّم الخصوصية اللبنانية.
بين السعودية وإيران
وإذ أقرّ أبو فاضل بأنّ هناك ارتباطاً عضويًا من تيار المستقبل بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج في مقابل ارتباط عضوي آخر من حزب الله بإيران، دعا للتمييز بين الأمرين، لجهة كيف تعاملت المملكة العربية السعودية مع الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل وكيف تتعامل إيران مع المقاومة، وقال: "ليحكم الناس وليروا كيف يتمّ التعامل بين الناس"، وأضاف: "هل يعقل أن يتمّ توقيف رئيس حكومة بهذا الشكل، وربما لبقي موقوفاً لولا صمود الموقف اللبناني والضغط الذي مورس على هذا الصعيد".
وأكد أبو فاضل أنّ أحدًا لن يصدّق رئيس الحكومة سعد الحريري في حال أصرّ على القول أنّه كان حراً وغير مقيَّد وغير محتجَز، مشيراً إلى أنّ المقابلة التلفزيونية التي أجراها في الرياض شكّلت دليلاً إضافياً على الظروف الصعبة التي كان يعيش في ظلّها، لافتاً إلى أنّه لم يكن ينقص إلا أن يتمّ وضع المسدّس في رأسه.
المقاومة يجب أن تُحمى
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ حزب الله ليس سبباً موجباً لتبرير أيّ تخلٍ دولي عن لبنان، مشيراً إلى أنّ انتصار المقاومة والجيش والشعب على التكفيريين لا يمكن أن يكون سبباً لمعاداة لبنان، متسائلاً هل هكذا تتمّ مكافأة المقاومة على ما حقّقته، مشدّداً على أنّ انتصارات المقاومة يجب أن ترفع الرأس وليس العكس.
ولفت أبو فاضل إلى أنّه لولا المقاومة والجيش والشعب قاتلوا بهذه المنطقة لكانت داعش وجبهة النصرة في معراب وبيت الوسط وبكفيا وأينما كان، ولكان وجه المنطقة تغيّر، وشدّد على أنّ موقف العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية على الصعيد المسيحي مع المقاومة كان موقفاً مشرّفاً جداً، وقال: "هذه المقاومة يجب أن تُحمى برموش العيون".
وشدّد أبو فاضل على وجوب عدم البحث بسلاح حزب الله اليوم، وأشار إلى أنّ هذا السلاح لا يُمَسّ وهو الآن مقدّس، مذكّراً بما قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أنّ البحث بسلاح حزب الله لا يمكن أن يحصل قبل أن يصبح الجيش مجهّزاً وقادراً على مقاتلة إسرائيل.
قانون اللهم نفسي
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ قانون الانتخاب اسمه قانون اللهم نفسي، بحيث ينتخب كلّ فريق نفسه، مشيراً إلى أنّ المطلوب أن يكون هناك وعي عند فريق 14 آذار ليدرك أنّ لبنان لا يستطيع أن يخرج من محيطه ومن جواره، وشدّد على أنّ منظر الرئيس الحريري عندما قدّم استقالته لن يفارقه، لافتاً إلى أنّه يؤيّده كشخص إنسان وهو لا ينمّ لا عن خبث ولا عن نجاسة ولا شيء من هذا القبيل.
وفيما اعتبر أبو فاضل أنّ من قاموا بالنميمة ضدّ الرئيس الحريري سيدفعون الثمن، وسينتهي دورهم ويصبحون هم خلفه، استبعد أن نعود لمشهد 8 و14 آذار، وأشار إلى أنّه يجب أن تحصل الانتخابات النيابية في موعدها، رافضاً التمديد للمجلس النيابي للمرة الرابعة.
العيد عيدان
وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ كلّ الجولة التي يقوم بها الرئيس الحريري قبل عودته إلى لبنان ترتبط بترتيب وضعه لا أكثر ولا أقلّ، ولفت إلى أنّ الاحتضان اللبناني مستمرّ له، سواء من جانب الرئيس ميشال عون أو من جانب الرئيس نبيه بري أو من جانب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وقال أنّ الأخير مستعدّ للبحث بقضية سرايا المقاومة بشكل أو بآخر إذا كان هذا الموضوع يرضي الفريق الآخر في لبنان.
وخلص أبو فاضل إلى أنّ الرئيس الحريري سيأتي على حصان أبيض بعد أن أنهى مدة توقيفه في المملكة العربية السعودية، ليكون عيد الاستقلال بمثابة عيدين، هما عيد تحرير لبنان وعيد تحرير الرئيس سعد الحريري.