لم يعد سراً وعلى لسان قائد المقاومة وامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله اعلان ان المقاومة كانت حاضرة وستبقى في كل الساحات من اليمن الى العراق ففلسطين فسوريا فلبنان فالبحرين. اما اشكال هذا التواجد فهي كثيرة مع التفريق بين التواجد السياسي والاعلامي والمعنوي والترابط الفكري والثقافي والديني والجهادي والايديولوجي والديني، وبين التواجد العسكري والامني. ففي اطلالته منذ يومين أكد السيد نصرالله ان لا تواجد ميدانياً لحزب الله في اليمن ولا خبراء ولا مستشارين عسكريين وامنيين او خبراء في التصنيع العسكري من قيادات المقاومة في اليمن وهذا امر بات محسوماً حتى عند الد اعداء حزب الله من الصهاينة وغيرهم. فحزب الله لا يخشى القول انه مشارك في عمل ما او انه الى جانب «الاخوة» في اليمن او الاصدقاء في «انصار الله» لكن هذا التأييد لم يتعد النصرة الاعلامية والسياسية والانسانية والدينية. ويصر حزب الله كما كل فريق 8 آذار على ان ما يجري في اليمن هو ابادة لشعب بكامله بايد عربية واسلامية وبتوجيه اميركي- اسرائيلي. هذه بعض من اجواء من نقاشات جرت في الايام الماضية بين قيادات في حزب الله واخرى من احزاب تحالف 8 آذار. وتطرقت النقاشات ايضاً الى ما اعلنه السيد نصرالله في اطلالته المتلفزة منذ يومين عن قرب انسحاب الخبراء العسكريين وقيادات الاشراف والتدريب اللوجستي في المقاومة مع اقتراب اعلان النصر النهائي على «داعش» في العراق وهزيمة «داعش» في آخر معاقله في البوكمال بين سوريا والعراق. وهذه الانتصارات هي التي تدفع من اليوم فصاعداً الى اعلان حزب الله على لسان امينه العام انسحابه تدريجياً من العراق على مستوى تواجده المحصور بالخبراء والمدربين ومن الساحة السورية وتباعاً وعلى دفعات على مستوى المجموعات الجهادية وكل «عناصر التعبئة» و»المرابطة» التي كانت تتبدل باستمرار لضمان الجهوزية القتالية المتواصلة.
وتؤكد اوساط قيادية في حزب الله ان ما بدأ السيد نصرالله الاعلان عنه هو حقيقة ما يجري فعلاً في الميدان. فمنذ العام 2011 وتاريخ بدء الازمات في المنطقة، حزب الله لا يخجل بالقول انه عمل جاهداً لتسليح المقاومة في غزة والمقاومة الفلسطينية ومدها بكل ما يلزم من خبرات منذ تأسيس حزب الله لكنه، وعلى عكس ما يسعى السعوديون لفعله ليس حزب الله مساهماً في اي عمل تسليحي او صاروخي او امني او عسكري في اليمن والبحرين وكل منطقة الخليج ولا علاقة مادية مباشرة بما يجري. فالمزاعم السعودية هي من اجل توريط لبنان وحكومته ورئيس الجمهورية بما يفعله حزب الله في المنطقة. لذلك يأتي اعلان حزب الله ما كان اعلنه مراراً وتكراراً بمثابة القاء الحجة لمرة اخيرة وتكذيب كل الاتهامات السعودية ونفيها حتى تصبح بلا قيمة حيث يسوقها السعوديون.
اما الاعلان عن انسحاب تدريجي من العراق ثم سوريا، فيأتي كنتيجة لسياق ميداني طبيعي منذ العام 2013 فعندما تدخل حزب الله في سوريا كان لحماية المقدسات ووقف الزحف التكفيري نحو لبنان واحتلال الجرود في عرسال ورأس بعلبك والقاع ومنع قطع طريق امدادات المقاومة من طهران الى دمشق فبيروت، ومنذ اشهر قليلة انتهى ملف الجرود بانتصار كبير للمقاومة والجيش والشعب وها هي سوريا تستعيد معظم اراضيها من التكفيرين و«داعش» وكذلك العراق. فالمهمة تكاد تكون منجزة وحزب الله يعود من هذه الساحات مطمئناً على ما قام به واميناً على كل التضحيات ودماء الشهداء الذين سقطوا.
في المقابل يؤكد مرجع بارز في 8 آذار ان خطوات حزب الله المتلاحقة ومنذ خطاب السيد نصرالله في «يوم الشهيد» منذ عشرة ايام والذي فتح فيه نافذة على الحلول وبدء التسوية في المنطقة هي في سياق متكامل فرضته الانتصارات الميدانية واسقاط كل اذناب المشروع التكفيري الصهيوني والاميركي والسعودي. ويشير المرجع الى ان رئيس الحكومة سعد الحريري سيعلن تثبيت استقالته اليوم بعد انتهاء احتفال عيد الاستقلال وتقبل الرؤساء الثلاثة التهاني بالاستقلال في بعبدا وهذه الاستقالة تنهي مرحلة احتجاز الحريري في السعودية. اذ يصر السعوديون على الاستقالة كي لا تـبدو الصورة ان السعودية خسرت شكلاً ومضموناً ولم تحقق شيء من وراء اعتقال الحريري واجباره على الاستقالة من الرياض. ويلمح القيادي الى ان بعد اعلان الاستقالة سيقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هذه الاستقالة وسيكلف الحريري تصريف الاعمال وسيدعو الى استشارات سريعاً. ويُتوقع اعادة تكليف الحريري بغالبية مريحة على ان تترافق مشاورات التأليف مع طاولة حوار يدعو اليها رئيس الجمهورية لتثبيت موقع لبنان واعادة تعريف مفهوم النأي بالنفس الحقيقي مع ما يتلائم مع عروبة لبنان ومقاومته وموقعه الطبيعي والمتقدم ضد العدو الصهيوني والتكفيريين وكل اتباعهما.