أكد رئيس جامعة الروح القدس - الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة خلال احتفال في الجامعة، لمناسبة عيد الاستقلال، في قاعة البابا يوحنا بولس الثاني في حضور وافراد والاساتذة والطلاب، "اننا لا نحتفل اليوم بوهم بل باستقلال حقيقي على الرغم من جميع الأزمات، علما أن الأزمة مفيدة والفشل مفيد أيضا، لأنه نقطة الانطلاق إلى نجاحات ثابتة ومستمرة في التاريخ. وما يضمن لنا استمرارية هذا الاستقلال العظيم الذي سيتضاعف قوة وزخما هو أنتم طلابنا لأنكم تجسدون الغد المشرق والطاقة المتجددة والتجديدية، أنتم الموجة الخضراء في هذا البلد، بلد الأرز. الأزمة ترافق الحياة. لبنان قدره أن يعيش أبدا في دائرة المخاطر لأنه بلد الحياة، والحياة لا تنمو إلا في المخاطر والأزمات. وكل لحظة لنا في الحياة هي انتصار على قوى الموت، والاستقلال هو انتصار في كل لحظة على الفشل في المحافظة على هذا الاستقلال".
ولفت حبيقة الى ان "لبنان هو البلد المدني الوحيد في جامعة الدول العربية وذلك بفضل نظامه الطائفي القائم على الطائفية البناءة، التي هي نظام إشراكي لكل مكونات المجتمع. لبنان هو البلد الوحيد الذي يحترم كل الأديان ولا يلتزم بأي دين، لبنان هو البلد الوحيد الذي يعرف تناوبا على السلطة من دون انقلابات عسكرية وسفك دماء، لبنان يحافظ على كرامة الإنسان وحرياته العامة، ولاسيما الحرية الفكرية والدينية وحرية الضمير. وعلى قدر ما هو بلد عاشق للحرية، بات بلد الفوضى بامتياز، بيد أنها فوضى صحية لأنها تعكس احترام خصوصيات الآخر وهواجسه. لبنان هو مرجع عالمي للدول المتعددة ثقافيا ودينيا وحضاريا، كما وصفه البابا القديس يوحنا بولس الثاني. لبنان هو رمز لإدارة التنوع ولإخصابه".
وشدد على اننا "نعيش حالات من التشكيك: هل يا ترى لبنان هو بلد مستقل؟ أم أننا نعيش الوهم؟ الجواب بسيط: حتى لو كان وهما سنحافظ عليه لأن الوهم جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان بما أنه يعطي طاقة إلى الأمام لأن معرفة الحقيقة ليست دائما مفيدة. إن التشكيك باستقلالنا هو أمر خطير لأننا بذلك نقول إن دماء شهدائنا ذهبت سدى وهو شيء مخيف تجاه تاريخنا وتاريخ شهدائنا. لا يجب أن نشكك لأن بلدنا هو مرجع للعالم في إدارة التنوع والتعددية، وإدارة الأزمات وتنفيس الاحتقان بين الهويات المتشنجة. بلدنا هو بلد جبار. لبنان لم يتعدَّ على أي بلد لا بل كان ضحية اعتداءات بلدان أخرى. بلدنا هو بلد الكرامة والضيافة، إذ إنه استقبل المهجرين والمظلومين والمشردين والضعفاء وساعدهم. هو واحة مميزة، هو رمز الحياة لأنه يحمل في داخله مناعة كبيرة تسمح له بأن يولد أبدا من رماده مثل طائر الفنيق، لبنان هو بلد غير مألوف، هو بلد التناقضات، هو بلد يخرج عن المعايير الدولية هو علاج للملل نظرا إلى تسارع الأحداث فيه، هو مرة أخرى بلد الحياة".
وختم حبيقة بالاشارة الى ان "لطالما كانت جامعة الروح القدس - الكسليك رأس حربة في الدفاع عن كرامة لبنان وسيادته، وستبقى كذلك، هي مساحة للفكر والعقل، وعندما ندافع عن لبنان الكيان ندافع عن رسولية الكيان اللبناني الذي هو بلد التلاقي الحضاري وبلد عنصرة الشعوب في هذا الشرق المعذب والمعذب".