توافقت فصائل العمل الوطني الفلسطيني، إثر الحوار الذي أجرته في القاهرة، برعاية مصرية، على أهمية العمل الجاد من أجل تذليل أي عقبات وعراقيل تعترض جهود «حكومة الوفاق الوطني» للقيام فوراً بواجباتها ومسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني.
وتقرّر عقد اجتماع بين «فتح» و«حماس» بداية شهر كانون الأول المقبل من أجل مناقشة ملف تمكين الحكومة في قطاع غزّة.
22 ساعة من الحوارات والنقاشات مناصفة على مدى يومَيْ الثلاثاء والأربعاء 21 و22 تشرين الثاني 2017 في مقر المخابرات العامة المصرية في القاهرة، كانت كفيلة بالتوافق على البنود الستة التي تضمّنتها محاور إنهاء الانقسام وآلية معالجتها من خلال ملفات: الحكومة، «منظّمة التحرير الفلسطينية»، الانتخابات العامة، المصالحة المجتمعية، الحريات العامة والمجلس التشريعي.
هذا فضلاً عن بحث التطوّرات المتعلّقة بالقضية الفلسطينية، في ظل الظروف التي تمر بها، خاصة مع استمرار الانحياز الأميركي لصالح الكيان الإسرائيلي، وممارسة الضغوطات على القيادة الفلسطينية بهدف تصفية القضية بفرض حل سلمي، انطلاقاً من مصلحة المحتل الإسرائيلي، وليس آخرها الإجراءات الأميركية، عدم تجديد عمل مكتب «منظّمة التحرير» في واشنطن، التي تترافق مع مواصلة الإحتلال بالإستيطان والتهديد، والقتل، والاعتقال والحصار.
دخلت فصائل وقوى العمل الوطني الفلسطيني إلى الحوارات، وهي تدرك تماماً أنّ توجّهات الرئيس الفلسطيني محمود عباس واضحة بالعمل على إنجاح المصالحة، وأنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتابع شخصياً ما يتعلّق بإنجاحها، عبر وزير المخابرات العامة اللواء خالد فوزي، والجهود التي يقوم بها وكيل الاستخبارات المصرية اللواء محمد مظهر عيسى.
وشارك 16 وفداً فلسطينياً يتوزّعون على 14 فصيلاً، فضلاً عن وفدين يمثّلان المستقلين في الضفة الغربية وقطاع غزّة، حيث توزّعت مناصب ومهام المسؤولين بين أمين عام أو نائبه أو مسؤول ملف المصالحة.
وترأس الوفود المشاركة في اجتماعات الفصائل الفلسطينية بالقاهرة: «فتح»: عزام الأحمد، «حماس»: صالح العاروري، «الجبهة الديمقرطية»: فهد سليمان، «الجبهة الشعبية»: أبو أحمد فؤاد، «الجهاد الإسلامي»: زياد النخالة، «جبهة النضال»: أحمد مجدلاني، «جبهة التحرير الفلسطينية»: واصل أبو يوسف، «الجبهة الشعبية – القيادة العامة»: طلال ناجي، «حزب الشعب»: بسام الصالحي، «فدا»: زهيرة كمال، «الجبهة العربية الفلسطينية»: سليم البرديني «أبو خالد»، «جبهة التحرير العربية»: ركاد سالم «أبو محمود»، «الصاعقة»: أبو عرب، «المبادرة الوطنية»: مصطفى البرغوثي، المستقلون في الضفة الغربية: منيب المصري، المستقلون في غزّة: مراد الريس، وسفير فلسطين الجديد في مصر دياب اللوح.
افتتح الجلسة اللواء عيسى، حيث أُلقيت كلمات ومداخلات، وسلّمت الفصائل مقترحاتها إلى القيادة المصرية، فجرت مناقشتها خلال اجتماع يوم الأربعاء.
وعلمت «اللـواء» بأنّ اللواء عيسى - الخبير بالملف الفلسطيني منذ سنوات - وفريق عمله، بذلوا جهوداً جبارة لنجاح جلسة الحوارات الأولى بين مختلف الفصائل التي تلتقي للمرّة الأولى منذ سنوات عدّة.
وقد وضع عنوان عريض «ممنوع الفشل»، حيث عمدت المخابرات المصرية القيام بإبطال مفاعيل فتائل التفجير للألغام المتعدّدة، التي تعترض طريق المصالحة، من خلال تبريد الأجواء، خاصة لدى التشنّج في الحوار وطرح الملفات، التي تقرّر أنْ تتم جدولتها زمنياً عبر تحديد ما يجب أنْ يتم، انطلاقاً من «اتفاق المصالحة» الموقّع بتاريخ 4 أيار 2011، والذي تشارك الفصائل الموقّعة عليه في هذه الحوارات.
وجرى تقييم الخطوات التي أُنجزت منذ التوقيع على ورقة التفاهمات بين حركتَيْ «فتح» و»حماس» في القاهرة بتاريخ 12 تشرين الأول 2017 وحتى الآن، واستعراض العقبات التي واجهت حسن التنفيذ، والمراحل التي قطعتها إدارة المؤسّسات والهيئات والمعابر، بحيث تحوّل الإتفاق الثنائي بين الحركتين إلى تبنٍّ من قِبل الفصائل المشاركة، بما يشكّل فرصة هامة لإنهاء الإنقسام وتحقيق المصالحة.
وكانت أبرز النقاط التي استحوذ بحثها على القسم الأكبر من الحوار، كيفية تمكين «حكومة الوفاق الوطني» من ممارسة مهامها كاملة في قطاع غزّة والملفات المرتبطة بها، لجهة قضية الموظّفين الذين وظّفتهم «حماس» بعد سيطرتها على القطاع بتاريخ 14 حزيران 2007 وفتح «معبر رفح» البري.
وبعد نقاشات حادّة، اقترح الراعي المصري أنْ تتولّى «لجنة رقابة مصرية» متابعة تمكين الحكومة من تسلّم مهامها كاملة في غزّة، وعدم ترك ذلك لحركتَيْ «فتح» و»حماس»، بما تشكّل تلك اللجنة من ضمانة ضغط على الجميع للإلتزام بحسن تنفيذ ما اتفق عليه.
وستصل «لجنة الرقابة المصرية إلى رام الله قبل الإنتقال إلى قطاع غزّة، وقد أوكلت إليها مراقبة ما تمَّ تنفيذه من خطوات، ومراجعة ما إذا كانت هناك عراقيل تعترض حسن التنفيذ، على أنْ تُعلن عن الجهة التي تعطّل وتعرقل تنفيذ آليات المصالحة.
وفي ضوء نتائج زيارة الوفد تلتقي حركتا «فتح» و»حماس» مجدّداً بداية شهر كانون الأوّل المقبل، لتقييم ومتابعة باقي الخطوات.
وفي ختام الاجتماعات أصدرت الفصائل بياناً رحّبت فيه بالإتفاق الذي تمَّ بين «فتح» و»حماس» يوم 12-10-2017 برعاية مصرية، معتبرة أنّه بداية عملية لإنهاء الانقسام بجميع جوانبه.
وعبّر الجميع عن دعمهم لهذا الإتفاق، شاكرين الرعاية المصرية والدعم الذي تقدّمه مصر وقيادتها وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتناول البيان البنود الستة التي جرى طرحها، فأكدوا:
- ضرورة ممارسة الحكومة لصلاحياتها في غزّة، والقيام بمسؤولياتها وتنفيذ اتفاق 12/10، بين حركتَيْ «فتح» و»حماس» بهذا الخصوص ومناقشة تعزيز وضعها.
- ضرورة الإسراع بخطوات تطوير وتفعيل «منظّمة التحرير» وفقاً لـ»إعلان القاهرة» عام 2005، ودعوة لجنة تفعيل وتطوير المنظّمة للاجتماع لتحقيق ذلك.
- دعوة لجنة الانتخابات المركزية والجهات المعنية لإنجاز كافة أعمالها التحضيرية لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني المتزامنة في موعد أقصاه نهاية 2018، وتخويل الرئيس محمود عباس لتحديد موعد الانتخابات بعد التشاور مع كافة القوى والفاعليات الوطنية والسياسية.
- دعوة لجنة المصالحة المجتمعية لاستئناف عملها، والعمل على تقديم التسهيلات والمتطلّبات المادية والمعنوية والقانونية لإنجاز مهامها.
- دعوة لجنة الحريات التي شُكّلت وفق «اتفاق المصالحة» عام 2011 لاستئناف عملها فوراً في غزّة والضفة، وتأكيد ضمان الحريات والحقوق وفقاً للقانون، مع سيادة القانون وحفظ الأمن والاستقرار بما يصون أمن الوطن والمواطن، وفقاً لـ»اتفاق المصالحة» عام 2011، والمباشرة فوراً بتنفيذ ذلك وفق ما تمَّ الإتفاق عليه في 12-10-2017.
- دعوة الكتل والقوائم البرلمانية في المجلس التشريعي لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بشأن تفعيل المجلس التشريعي واستئناف أعماله الاعتيادية.
هذا، وشدّد المجتمعون على دعم خطوات الرئيس عباس والقيادة بالإنضمام للمؤسّسات والمواثيق الدولية لمتابعة جرائم الإحتلال في «المحكمة الجنائية الدولية» وقرارها الإستمرار برعاية أُسَر الشهداء والأسرى البواسل.
كما ناشد المجتمعون الأقطار العربية والإسلامية والصديقة ومؤسّساتها لمساندة نضال شعبنا والإلتزام بتعهّداتها المالية وفقاً لقرارات مؤتمر إعادة الإعمار الذي عُقِدَ في القاهرة عام 2011 وبالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية.
وأدان المجتمعون قرار الإدارة الأميركية الأخير بعدم تجديد عمل مكتب «منظّمة التحرير الفلسطينية» في واشنطن بهدف ممارسة الضغوط على القيادة الفلسطينية للرضوخ للمطالب الأميركية، خاصة تجاه ما يتم تسريبه من محاولات فرض حل إقليمي يستجيب لمخطّطات الإحتلال الهادفة إلى تصفية الحقوق الفلسطينية بمنع قيام دولته المستقلة ذات السيادة.
من جهته، أشار الأحمد إلى أنّ «فتح معبر رفح بشكل كامل، يتطلّب شروطاً لم تتحقّق بعد، علماً بأنّ بداية شهر كانون الأول المقبل، هو الموعد النهائي لتمكين «حكومة الوفاق الوطني» واستلامها القطاع بشكل كامل، حتى تستطيع تقديم خدماتها كاملة، كما تسيطر أي حكومة شرعية في أي دولة بالعالم».
وأكد الأحمد أنّ «تنفيذ الخطوات، هو وفق الجدولة الزمنية، ومع التأكد من الإنجاز، قبل أنْ يتم الإنتقال إلى الخطوة التالية، لضمان حسن تنفيذ بنود المصالحة إنهاءً للإنقسام».