لفت النائب والوزير السابق إدمون رزق، إلى "أنّنا في أجواء عيد الإستقلال الّذي لا نريده ذكرى بل نريده عيدًا. الإستقلال هو ذكرى لأحداث حصلت في سياق نضال طويل في سبيل الحرية"، مشيراً إلى أنّ "لبنان مرّ بظروف رهيبة وراعبة منذ الإستعمار العثماني وعهد الأمويّين، ولو لم تكن لديه القدرة على التماسك الداخليّ لكان انتهى منذ زمن"، مركّزاً على أنّ "مطلب لبنان كان وما يزال الحرية، وكلّ الّذين جاؤوا إلى لبنان، إضافة إلى أبنائه الأصليّين، جاؤوا طلبًا للحرية وهرباً من إضطهاد ديني أو عرقي أو طبقي وفي ظلّ غياب شرعة حقوق الإنسان الّتي ساهم لبنان بوضعها عبر أحد كبارنا الراحل الدكتور شارل مالك".
ونوّه رزق، في لقاء حوار مع طلاب سيّدة الناصرة لمناسبة العيد الرابع والسبعين لاستقلال لبنان، إلى "أنّني حرصت في دستورنا بعد الطائف، على الرغم من كلّ شيء، أن نضع فيه التزام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الّذي يساوي الناس بعضهم ببعض بعيداً عن التمييز العرقي والطبقي والديني. الدستور الوحيد في الشرق وفي آسيا كلّها الّذي وضع نصّاً يلتزم فيه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو دستورنا"، مؤكّداً أنّ "لدينا دستوراً يجب أن يُطبّق، ولكنّه لم يُطبّق بعد، وهذا يحتاج إلى تصويب وإلى رفض للأمر الواقع والإصرار على الإنتقال إلى الدولة المدنيّة الحقيقيّة الّتي وضعنا أُسسها في المادة 95 من الدستور، عندما أوردنا ضرورة تأليف هيئة وطنيّة لإلغاء الطائفيّة، ليس على أساس التنكّر للأديان بل على أساس كون الدين لله والوطن للجميع"، موضحاً "أنّنا أردنا القول في دستورنا، إنّ لبنان يجب أن يكون نموذجاً في الشرق، ولبنان وحده في هذا الشرق يعطي أبناءه أن يكونوا مواطنين. نحن نحرص في لبنان على المساواة المطلقة، وجاء في الدستور أنّه لا تُخصّص أيّة وظيفة لأيّة طائفة، ويُعتمد الإختصاص والكفاءة".
وأشار إلى أنّ "كان لبنان يتألّم من ضغط الغرباء على أرضه. كان طغيان على الشعب اللبنانيّ، بحيث أصبح لبنان عاجزاً عن بسط سلطته على أرضه، وهذا أدّى إلى الحرب فيه وكان مصدرها خارجيًّا أكثر ممّا هو داخليّ، فأنتج انقسام اللبنانيّين، تفتّتاً وذبحاً على الهوّيّة وقتلًا وتهجيراً"، مبيّناً أنّ "من ثمّ ذهبنا إلى الطائف مدّة 23 يوماً، ليتّفق اللبنانيّون بقرار من القمة العربية على نبذ خلافاتهم والخروج من حالة الحرب، وللعبور إلى تطوير الدولة"، مركّزاً على أنّ "إتفاق الطائف، الّذي وعلى الرغم من شرحنا إيجابيّاته، ما يزال موضع التباسات في لبنان. هذا الإتفاق كان اتّفاق استرجاع السيادة وتأكيد الإستقلال والعبور إلى دولة المواطن بدلًا من دولة المذهبيّات".
وشدّد رزق، على أنّ "الإستقلال كلمة ضائعة في لبنان، في ظلّ المرجعيّات الخارجيّة لسياسيّيه. كلّ السلطة اليوم والسلطات المتعاقبة، مرجعيّتها في الخارج، أي هناك ضغوط خارجيّة عليها"، مؤكّداً أنّ "المطلوب اليوم هو التحرّر من هذه الضغوط"، لافتاً إلى أنّه "ليتمّ التأسيس الثاني للإستقلال الثاني، علينا استرجاع استقلالنا بعيداً عمّا يُقال في عواصم العالم الغربي والعربي"، منوّهاً إلى "أنّني أمام طلّاب جئت لأتحدّث معهم عن مبادىء وطنيّة أساسيّة وليس سياسيّة."، متوجّهاً إليهم بالقول: "لا تكونوا جيلاً متفرّجاً، بل كونوا الجيل الواعد الّذي يحمل رسالة بفضل علمه وثقافته وفكره وقيمه الّتي عاشها في منزله ومدرسته ومن خلال أهله ومعلّميه. وأنا أعرف مدى تأثير المربّي في تلاميذه، تأثيراً بنّاءً وإيجابيّاً، يعلّم الطموح وسعة الأفق والتطلّع إلى الأفضل".
وركّز على "أنّنا اليوم بحاجة إلى استرجاع استقلالنا، والخارج لن يعطينا الإستقلال. هذا أثبتته أحداث تعديل الدستور الّذي أنهى الإنتداب الفرنسي على لبنان عام 1943 ومن جهة واحدة هي لبنان، حيث قامت ثورة رأي عام وليس ثورة مسلّحة، فالإنتصار لا يكون دائمًا بالسلاح، بل سلاح الموقف الّذي ينتصر والقرار الشعبيّ الّذي ينتصر"، موضحاً أنّه "ليس على المدفع أن يقرّر حياة الشعوب والدول. القرار يبقى للكلمة والفكر".