أطلق الرئيس ميشال عون العنان للمشاورات الثنائية في قصر بعبدا بعد أن تخلى عن فكرة طاولة الحوار التي تحتاج متى ما انعقدت لكثير من الوقت قبل أن تخرج بنتائج، خصوصا وأن الملفات المطروحة هي في قسم منها خلافية.
"لم تعد الامور في المنطقة بحاجة لتحليل من أجل معرفة الأطراف الفائزة وتلك الخاسرة، وانعكاس هذا الامر على لبنان ليس خافيا على أحد، لذلك يحاول المنتصرون اليوم مساعدة "المنكوبين" على تقبّل الهزيمة". هكذا تصف مصادر قيادية في فريق 8 آذار المشهد في لبنان، مشيرة عبر "النشرة" الى أنه بعد الوصول الى خواتيم الأزمة الإقليمية رمى الخاسرون كل أوراقهم على أمل تحصيل مكسب ولو صغير على الساحة السياسية اللبنانية.
في لقاء بعبدا الأول حمل ممثل حركة أمل، وزير المال علي حسن خليل موقف الحركة الذي يتلاقى مع موقف حزب الله وأطراف حلف 8 آذار الى الرئيس عون، فأكد خليل بحسب مصادر مطلعة أن حركة أمل متمسكة بالحكومة القائمة وعملها لحين إجراء انتخابات نيابية تعيد انتاج النظام السياسي في لبنان، فالانتخابات هي أولى الاولويات الى جانب الحفاظ على الاستقرارين الامني والإقتصادي. وتضيف المصادر: "إن حركة أمل منفتحة على أي حوار شرط أن يكون سقفه "مصلحة لبنان".
وتؤكد المصادر أن "تحديد السقف بمصلحة لبنان فقط يعني أن الحركة لن تقبل بأي حوار يهدف لمحاصرة المقاومة او إدانتها أو يؤثر على وجودها واستمرارها، مذكرة بموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد بيان وزراء الخارجية العرب منذ أيام"، لافتة النظر الى أن امكانية الوصول الى حل يرضي الجميع تحت هذا السقف هو امر ممكن خصوصا وأن الغة العربية فضفاضة وفيها من الكلمات والمعاني ما يكفي لإعداد موقف مقبول من جميع الأطراف.
لم يعد بالإمكان تغيير الواقع في سوريا او العراق، فالأمور باتت شبه محسومة، ولقاء الرئيسين بشار الأسد وفلاديمير بوتين هو ترجمة للواقع الجديد، وبالتالي فإن "ما يُطلب" من حزب الله هدفه أولا وأخيرا هو تحقيق أهداف اسرائيل، تقول المصادر، مشيرة الى أن "عودة الحزب من سوريا لن تغيّر المعادلات فيها، وخروج خبراء الحزب من العراق لن يقلب الطاولة على المنتصرين، ولذلك لا يتوهمن احد أن حلفاء الحزب سيقومون بالضغط عليه لأجل طمأنة العدو الاسرائيلي، بل سيكون الحوار لأجل تثبيت الاستقرار السياسي اللبناني حصرا".
"لا مشكلة لحزب الله بتحييد الدولة اللبنانية ومؤسساتها عن الصراعات الاقليمية"، تقول مصادر قريبة من "الحزب"، مشيرة الى أن الجميع يعلم بأنه "لا يمكن الضغط على حزب الله من أجل مغادرة سوريا لأن الموقف منذ البداية كان واضحا بأن الخروج منها رهن انتفاء الحاجة للبقاء فيها"، لافتة النظر الى أن الضغوطات السابقة إبّان المعارك المحتدمة والتفجيرات في لبنان لم تثن الحزب عن القيام بواجبه فكيف بالحري اليوم وقد شارفت الأمور على نهايتها". وتقول: "اطلب المستطاع كي تُطاع".
يسعى بري لإصدار بيان صغير اليوم بعد انتهاء مشاورات قصر بعبدا يشدد على تحييد الدولة ومبدأ النأي بالنفس من قبل جميع الأطراف الداخلية والخارجية، الأمر الذي يتيح للحكومة أن تلتئم مجددا، فهل نشهد ولادة يسيرة لاتفاق تثبيت التسوية؟
الصورة لدالتي ونهرا