أنجز تنظيم "القاعدة" إعادة تشكيل هيكليته الإدارية التي تتمحور حول 3 أذرع: الجهادي، السياسي والشرعي.
وكشفت مصادر مطلعة عن أنّه سيتم الإعلان قريباً عن تسلّم حمزة بن لادن (نجل مؤسِّس تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن) لقيادة التنظيم، على رأس الذراع الجهادي، نظراً إلى الخبرة القتالية والعسكرية التي جرى تدريبه عليها، وبعدما أنجز تأهيله لغوياً وفقهياً، بحيث يكون صورة شبيهة عن والده، من خلال استخدامه كلمات وعبارات كان يستخدمها، وتقليده في لفظها، ولأنّه الإبن المفضّل لوالده فإنّ متشدّدي "القاعدة" سيتقبّلونه.
أما الذراع السياسي فيتولّى قيادته أيمن الظواهري، بينما الذراع الشرعي يتولاه شرعيون سلفيون تحت إشراف عبدالله المحيسن.
ومهمة الهيكلية الجديدة إعادة تجميع واستيعاب كافة الفصائل والتيارات التي تحمل الأفكار ذاتها، مع إنهاء الاقتتال والانقسام في ما بينها، مستغلين تقهقر "داعش" و"جبهة النصرة"، وحالة التمزّق التي تعيشها هذه المجموعات، والعمل على استغلال المظلومية الإسلامية، مع التركيز على قضية القدس بما تشكّله من عنوان واستجلاب للشباب المندفع.
ومن ضمن المخطّط، أنْ يكون التركيز في مسرح عمل هذه المجموعات، في بلاد الشام - أي سوريا والعراق وفلسطين، وشبه جزيرة سيناء، والمملكة العربية السعودية، ودول الخليج العربي وليبيا، وباكستان والسودان واليمن، فضلاً عن دول أجنبية وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية.
استهدافات بطرق غير مسبوقة
وكشفت معلومات بالغة الدقة عن إعادة وضع مخطّطات للتنفيذ تتجاوز التفجيرات واغتيال شخصيات، إلى عمليات انتحارية وأمنية، بطريقة غير مسبوقة، تستهدف معالم دينية إسلامية ومسيحية، ومنشآت ومرافق حيوية وسياحية وتجمّعات شعبية، ومنها على الساحة اللبنانية كرد فعل على هزيمة "داعش" و"النصرة" في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، والخسائر التي ألمّت بهم في سوريا والعراق، فضلاً عن العمل على إثارة النعرات المذهبية والطائفية والتوتيرات التي تساهم في تغذية هذه الغرائز.
ويركّز المخطّط على تكثيف العمل الأمني في شبه جزيرة سيناء ضد السلطات المصرية، مع الدور الذي تقوم به بقيادة الرئيس عبد الفتاح السياسي كدور محوري على الصعيد المصري، وبإنجاز المصالحة الفلسطينية بين حركتَيْ "فتح" و"حماس" وعلى الصعيد العربي والإقليمي.
وكذلك تنفيذ أعمال أمنية من تفجيرات واغتيالات وخطف شخصيات في قطاع غزّة والضفّة الغربية، بهدف إيجاد فتنة خاصة بين حركتَيْ "فتح" و"حماس" للتوتير.
أما إحدى أبرز النقاط فهي العمل على خطف جنود أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، ما يعطي ذريعة للإحتلال الإسرائيلي بزيادة ممارساته التعسّفية، وتأجيج التحريض ضد القيادة الفلسطينية أمام المجتمع الدولي، في محاولة لتغطية أي خطوة يُقدِم عليها الإحتلال، الذي يضرب بعرض الحائط تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، بحيث تركت الإنجازات والمكتسبات التي حقّقتها فلسطين في أكثر من محفل تردّدات سلبية داخل الكيان الإسرائيلي الذي يستعد لإجراء الانتخابات العامة للكنيست في آذار 2018، مع تنامي دور اليمين المتطرّف بقيادة بنيامين نتنياهو والهادف إلى نزع اعتراف بدولة يهودية، في ظل العمل على وجود "كانتونات" و"كونفدراليات" عرقية ومذهبية في المنطقة العربية.
مبايعة حمزة
وحمزة، الذي يُطلِق عليه مبايعو "القاعدة" إسم "الأمير" معروف بـ"أبي معاذ" ومدرج على لائحة تصنيف الإرهابيين الدوليين، بعدما تعزّزت مكانته في أوساطهم.
وكان أسامة بن لادن يُعدُّ نجله لخلافته في زعامة تنظيم "القاعدة"، محاولاً إبعاده عن الميدان العسكري، والتركيز على الخطابة والفقه، فيما كان حمزة يُصرُّ على التدريب العسكري.
وكُشِفَ النقاب عن أنّ حمزة، الذي كان الأحب إلى قلب والده، قد أنهى فترة التدريب والتأهيل باستخدام السلاح والخطابة على أيدي أحد المقرّبين من والده عطية الله الليبي (جمال إبراهيم إشيبتوي) من التابعية الليبية ويُعرَف بإسم "محمود".
وترتيب حمزة هو الـ15 بين إخوته الـ20، وهو الثمرة الوحيدة من زواج أسامة الثالث من الدكتورة خيرية صابر، من بين زوجاته الخمس، والذي تمَّ في العام 1987 بعد طلاق بن لادن لزوجته الثانية خديجة شريف - بناء لطلبها - بعدما أنجبت له 3 أولاد.
وقد رشّحت الزوجة الأولى نجوى الغانم، الدكتورة خيرية ليتزوّجها أسامة بن لادن، وهي حاصلة على دكتوراه في الشريعة الإسلامية والنفسية.
وكان حمزة مع والده في أفغانستان قبل هجمات 11 أيلول 2001، حيث انتقل ووالدته وبعض أفراد الأسرة، وأقاموا في جلال أباد في إيران، وذُكِرَ أنّه غادرها بداية شهر كانون الثاني 2011، وفيما لم يحدد المكان الذي قصده حمزة، التحقت والدته خيرية بزوجها أسامة، حيث كانت متواجدة معه لحظة الهجوم الذي تعرّض له على أيدي فريق النخبة في البحرية الأميركية فجر 2 أيّار 2011 أثناء تواجده في "مجمع أبوت أباد" - شمال غرب باكستان، ما أدّى إلى مقتله مع عدد من أفراد عائلته وجرح آخرين واعتقال عدد منهم.
توعّد بالإنتقام
منذ فترة ظهر الشاب حمزة في تسجيل صوتي متوعّداً بإنزال حسابٍ قاسٍ على مَنْ قتل والده، قائلاً: "لا تظنّوا أنّ جريمتكم في أبوت أباد مرّت بغير حساب، حسابكم عسير".
وأكد الشاب في رسائل موجّهة إلى والده حصلت القوّات الأميركية المهاجمة عليها أنّه "بُنِيَ من معدن صلب كالفولاذ، وماضٍ في طريق النصر أو الشهادة".
وكان ظهور حمزة الأوّل في العام 2005 في أوّل مقطع مرئي ضمن مجموعة خاصة من مقاتلي "طالبان" استهدفت جنوداً باكستانيين في وزيرستان الجنوبية.
فيما كانت أوّل رسالة صوتية بُثّت له عبر أحد المواقع التابعة لـ"القاعدة" يدعو فيها أتباع التنظيم في كابول وبغداد وغزّة إلى "إعلان الجهاد ضد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا".
بينما ظهر أوّل شريط فيديو في العام 2008، وكان عمره (17 عاماً) يدعو فيه إلى "إزالة بريطانيا وحلفائها من الوجود ومهاجمة الولايات المتحدة الأميركية والدانمارك وفرنسا".
وفي آب 2015، رُصِدَتْ رسالة صوتية نُسِبَتْ إلى حمزة بعنوان "تحية سلام لأهل الإسلام"، دعا فيها إلى شن هجمات ضد أميركا و"إسرائيل"، مبايعاً الملا عمر زعيم حركة "طالبان" - آنذاك - ومشيداً بجهود زعيم "القاعدة" في جزيرة العرب ناصر الوحيشي "أبو بصير"، الذي كان يشغل منصب السكرتير الخاص لأسامة بن لادن، وقُتِلَ بغارة طيارة من دون طيّار في مدينة مكلا - شرق اليمن بتاريخ 12 حزيران 2015.
ونُشِرَ تسجيل صوتي لحمزة في 9 أيّار 2016 عبر "مؤسّسة السحاب" الذراع الإعلامية لتنظيم "القاعدة"، بعنوان "ما القدس إلا عروس مهرها دمنا".
وكانت ولادة لتنظيم "القاعدة"، جرت إثر عدّة اجتماعات بين أسامة بن لادن ومجموعة من أبرز قادة "الجهاد الإسلامي المصري" مثل سيد إمام الشريف وأيمن الظواهري وعبدالله عزام، حيث اتُّفِقَ على توظيف أموال بن لادن مع خبرة "منظّمة الجهاد الإسلامي"، ومواصلة الجهاد في مكان آخر، بعدما انسحب السوفيات من أفغانستان.
وبتاريخ 20 آب 1988 تمَّ التوافق على أنْ تكون "القاعدة"، الجماعة الرسمية التي تجمع الفصائل الإسلامية التي هدفها "رفع كلمة الله والانتصار لدينه"، وذلك وفق قائمة شروط للعضوية، مثل: السمع والطاعة وحسن الخلق والتعهّد بطاعة القادة.
وفي نيسان 2002، أصبح إسم المجموعة "قاعدة الجهاد".