أكّد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّه لا يزال متمسّكاً بالمعلومات التي كشفها عن تجنيد الممثل المسرحي زياد عيتاني من قبل الموساد الإسرائيلي، والاعترافات التي أدلى بها الأخير إثر توقيفه من قبل جهاز أمن الدولة، نافيًا ما يُحكى عن عدم دقّة الحديث عن تخطيط إسرائيل لاغتيالات، لافتاً إلى أنّ مجرّد الطلب من عيتاني جمع معلومات عن شخصيات سياسية على رأسها وزير الداخلية نهاد المشنوق والوزير السابق عبد الرحيم مراد يدلّ على وجود نوايا لاستهدافهما.
وفي حديث إلى تلفزيون "الجديد" ضمن برنامج "للنشر" أدارته الإعلامية ريما كركي، تحدّث أبو فاضل عن استهداف إسرائيلي دائم للبنان، موضحًا أنّ الموساد الإسرائيلي يسعى دائمًا وبشتّى الوسائل الممكنة إلى خرق لبنان تمامًا كما يسعى إلى زعزعة الاستقرار في لبنان وفي المنطقة، مشيراً إلى أنّ تجنيد عيتاني وغيره من اللبنانيين في مراحل مختلفة هو جزءٌ من هذا الاستهداف الإسرائيلي.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس سوف يدّعي على عيتاني خلال الساعات المقبلة، وسيتبيّن عندها ما هي المواد القانونية التي سيستند إليها في ادّعائه، أعرب عن اعتقاده بأنّ الموضوع يتعلق بالتجسس وبتقديم الخدمات والتسهيلات للعدو.
التسوية فشلت وسقطت
وفي سياق متصل، قال أبو فاضل: "أنا أشعر أنّ هناك ترابطاً بضرب لبنان، فنحن نعيش في ظل تسوية، ولكن هذه التسوية فشلت وسقطت، وعلى أنقاضها إما تكون هناك تسوية أخرى على أنقاضها، وإما تبدأ الفتنة في البلد لا سمح الله".
وفيما أعرب أبو فاضل عن تقديره للجهد الذي يقوم به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري لاحتواء أيّ تداعيات ممكنة لما حصل، شدّد على أنّ هناك استهدافاً للبنان، ويجب على اللبنانيين أن يعوا ما ينتظرهم من مخاطر، "فإذا لم تحصل اغتيالات، أنا برأيي أنّ هناك عملية استهداف للبلد، وتجنيد أشخاص بشكل دائم".
كل التقدير لآل عيتاني
ولفت أبو فاضل إلى أنّ الموساد ينجح بخرق اللبنانيين من خلال الاغراء إما بالمال وإما بالنساء، وبهذه الطريقة يتمّ استدراج الناس، وقال: "نحن كنّا أمام مشهد خطير لو استمرّ زياد عيتاني بالدرب الذي كان يسير به"، مشدّداً على أنّ الأخير كان متورّطاً، "وكلّ الفلسفات التي تقول إنّه لم يكن هناك استهداف ولا شيء من هذا القبيل غير صحيحة، فجمع المعلومات عن أشخاص محددين يحصل لسبب وهدف معينين، وليس لارسال باقة ورد لهم".
وأعرب أبو فاضل عن كامل تقديره لعائلة آل عيتاني، هذه العائلة السنية الكريمة، علمًا أنّ عمّ زياد عيتاني، الأستاذ فؤاد عيتاني، هو أستاذ في المقاومة والوطنية، وقال: "أنا أتوجّه له بالتحية، وهو يعلّمنا جميعًا العروبة والوطنية والمقاومة، ولذلك أنا أشعر بما يشعرون به اليوم".
الأجهزة الأمنية كانت في الجو
ورفض أبو فاضل اتهامه بأنّ المعلومات التي كشفها في قضية عيتاني أتى بها من الشام، أو محاولات لفلفة هذه القضية من قبل البعض لحساباتٍ سياسيّة بشكل أو بآخر، مشدّدًا على أنّ كل الأجهزة الأمنية من جهاز أمن الدولة الذي أوقف عيتاني إلى مخابرات الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام كلّها كانت بجوّ ما حدث والاعترافات التي أدلى بها الموقوف، داعيًا لمراجعة الوزير نهاد المشنوق للتحقق من ذلك.
واستغرب أبو فاضل حديث البعض عن خرق سرية التحقيقات من خلال التسريبات التي تحصل في قضية عيتاني، مذكّراً بما كان يحصل في قضايا أخرى، من بينها قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، حيث كانت المحاكمات تحصل عبر الإعلام، الذي كان يسرّب كلّ التحقيقات، التي تبيّن أنّها كانت خنفشارية بشكل كبير.
التعامل وجهة نظر؟!
واستهجن أبو فاضل ذهاب البعض لحدّ الدفاع عن قضية خطيرة بحجم التعامل مع العدو الإسرائيلي، ومحاولات تسخيف الموضوع كما يحصل، ورفض الكشف عن المصادر التي استند إليها في المعلومات التي كشفها، مشيراً إلى أنّ الجهاز الأمني ليس بالضرورة هو المسرّب، باعتبار أنّ القادة السياسيين وُضِعوا أيضًا في جوّ ما حصل، وكذلك الشخصيات السياسية المستهدَفة.
وفيما أكد أبو فاضل أنّ مجرّد التواصل مع العدو الإسرائيلي هو عمالة، من وجهة النظر القانونية، قال أنّه بمجرّد تقديم معلومات للعدو الإسرائيلي، فإنّ من يفعل ذلك يقدّم معلومات للعدو، وهذا اسمه تعامل مع العدو الإسرائيلي ومع الموساد، وقال: "إذا أصبحت قضية التعامل مع إسرائيل وجهة نظر، يصبح الشهداء الذي سقطوا في المقاومة بلا قيمة، وهذا غير مقبول".
لتشديد العقوبات
وأسف أبو فاضل كذلك لمحاولات التشكيك بجهاز أمني هو جهاز أمن الدولة نتيجة الإنجاز الذي حققه في هذا الملف من خلال توقيف عيتاني بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي، لافتاً إلى أنّ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية أشرف شخصيًا على التحقيقات.
ورأى أبو فاضل أنّ جهاز أمن الدولة بدأ يأخذ مكانه في لبنان شأنه شأن سائر الأجهزة الأمنية، بما فيها الأمن العام بقيادة اللواء عباس إبراهيم، الذي وجّه له التحية، مجدّداً وصفه بلواء الأمن والأمان في لبنان.
وشدّد أبو فاضل على وجوب تشديد العقوبات في قضية التعامل مع إسرائيل، لافتاً إلى أنّه بموجب القانون اللبناني فإنّ الدخول إلى الكيان الإسرائيلي جنحة عقوبتها بالحدّ الأقصى السجن لمدّة سنة.
ماذا عن الضباط الأربعة؟
وتعليقاً على حماسة البعض المفرطة بالدفاع عن زياد عيتاني، ورفض التشهير به بهذا الشكل طالما أنّه لا يزال مشتبهاً به ولم تتمّ إدانته، ذكّر أبو فاضل بقضية الضباط الأربعة الذين تمّ توقيفهم لأربع سنوات، ونسجت الروايات الكثيرة حولهم، قبل أن تتمّ تبرئتهم من قبل المحكمة الدولية التي أطلقتهم بموجب ذلك.
وشدّد أبو فاضل، رداً على سؤال، على أنّ الاعتراف هو سيّد الأدلة أينما كان، باستثناء عند قوى 14 آذار، وأشار إلى أنّه ليس محامي جهاز أمن الدولة ولا مستشاراً لدى الجهاز، إلا أنّه رفض الحديث عن حقوق الانسان في هذا الموضوع، لافتاً إلى عدم جواز استسخاف موضوع بهذا الحجم.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ البلد الآن يعيش على الأوكسيجين الخارجي وعلى تسوية تترنّح، منبّهاً إلى أنّ أيّ اغتيال، ممّا كان يخطّط له، لو حصل لا سمح الله، لكان أخذ البلاد نحو الفتنة.