بإستثناء تصريحه الوحيد الداعي الى إجراء إستشارات نيابية ملزمة والذي جاء بعد ساعات قليلة على إستقالة سعد الحريري الملتبسة من الرياض، يجمع العارفون بكواليس البيت "المستقبلي" الداخلي أن رئيس الكتلة النيابية الزرقاء فؤاد السنيورة عرف هذه المرة وعلى عكس المرات السابقة، كيف يقف الى جانب الحريري في أزمته، الأمر الذي لم يدفع رئيس الحكومة الى ضمّه الى خانة المغضوب على أمرهم داخل تياره بتهمة الإنقلاب عليه، والمشاركة بطريقة أو بأخرى بمحاولة شطبه من الحياة السياسية اللبنانية ومبايعة شقيقه بهاء بمباركة سعودية.
وفي هذا السياق تكشف المعلومات أنه في الزمن الذي يحكى فيه عن نية الحريري معاقبة جميع الذين تورطوا في الإنقلاب ضده، ومن بينهم وزيرا الاتصالات جمال الجراح والدولة لشؤون النازحين معين المرعبي والنائبان أحمد فتفت وعقاب صقر إضافة الى نديم قطيش وغيرهم من الشخصيات التي يتهمها يالتحريض ضده، ما من أحد يأتي على ذكر إسم السنيورة بينهم والسبب هو أن رئيس الكتلة الزرقاء حرص على الوقوف الى جانب الحريري خلال أزمته من دون تبني الخطاب السعودي القائل بأن الحريري حرّ وغير موضوع في الإقامة الجبرية، وكان يركز في تصريحاته وفي بيانات الكتلة التي يرأسها على نقطتين أساسيتين: الأولى تشدد على أن الأولوية في هذه المرحلة هي لعودة الحريري الى لبنان، والثانية تكرر أن مرشح كتلة المستقبل لرئاسة الحكومة إذا أصر الحريري على إستقالته هو سعد الحريري نفسه.
وفي تفسير لهذا الموقف المستغرب للسنيورة وهو الذي لطالما عرف بدوره الإنقلابي على الحريري من خلال ما سُمّي بمجموعة العشرين التي عقدت أكثر من إجتماع لها في بيت الوسط لإنتقاد سياسة رئيس الحكومة ونهجه من داخل تيار المستقبل، يرى قيادي مستقبلي أن السنيورة وقف الى جانب الحريري لسببين: إما لأنه قرأ هذه المرة جيداً متوقعاً سقوط المخطط السعودي المرسوم لإزاحة الحريري من اللعبة السياسية فقرر بيعه موقفاً تاريخياً وتحييد نفسه عن مجموعة الخاسرين والمراهنين على طروحات وزير الدولة لشؤون الخليج السعودي ثامر السبهان، وإما بسبب المعلومات التي ترددت في الآونة الأخيرة عن نية جدية لدى الحريري بإزاحة السنيورة عن رئاسة الكتلة وحتى عن مقعده النيابي في صيدا وذلك عبر ترشيح مسؤول مستقبلي صيداوي عن أحد المقعدين السنيين في المدينة، فيما المقعد الثاني محسوم إما للنائب بهية الحريري وإما لنجلها أحمد الذي يشغل اليوم منصب أمين عام تيار المستقبل. وفي هذا السياق يرى المتابعون أن السنيورة حاول بموقفه الأخير الداعم للحريري تغيير رأيه فيما خصّ إنتخابات صيدا وذلك بهدف البقاء في اللعبة النيابية والسياسية.
إذاً، من موقع المتفرج لا المتهم يراقب السنيورة اليوم ما يحصل مع زملائه المغضوب على أمرهم داخل تيار المستقبل. من موقع المتفرج ينزل الى بيت الوسط ويشارك في إجتماعات الكتلة مقللاً قدر الإمكان من تصريحاته ومقابلاته. المرحلة هي مرحلة تريّث، وحتى لو كان موقفه خلال الأزمة الى جانب الحريري فما من أحد يعرف أي مفاجأة تنتظره في المرحلة المقبلة.