تمرّ العلاقة بين تيار "المستقبل" و"القوات اللبنانية" في هذه الايام في أسوأ مراحلها، فالشريكان في الحكومة والحياة السياسية، و"الحليفان" الدائمان يعيشان في هذه الأيام شبه قطيعة، نتيجة أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري والكلام عن دور لعبته "القوات" مع السعودية في مسألة احتجاز الحريري، ولم تنتهِ القصّة عند حدّ الخلاف السياسي بل ذهبت ابعد من ذلك بكثير الى حدّ التلويح برغبة لدى الحريري بإخراج "القوات" من الحكومة.
"الأزمة بين "القوات" و"المستقبل" هي أكبر أزمة تشهدها العلاقة بينهما منذ العام 2005 وتحديداً منذ خروج جعجع منذ السجن". هذا ما يؤكده الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي، لافتاً الى أن "الوساطة الأولى التي جرت لتأمين اللقاء بين جعجع والحريري كانت بين وزير الاعلام ملحم الرياشي ووزير الداخليّة نهاد المشنوق وكان جواب الحريري جازماً، لكنه بعث برسالة الى جعجع ذكّره فيها بمن أخرجه في العام 2005 من السجن والتعبير نفسه استعمله في رده على طلب القوات في اتصال اجراه النائب جورج عدوان بنادر الحريري".
يذهب بزي أبعد من ذلك ليشير الى أن "القوات" طلبت من المستقبل المشاركة في المهرجان الذي نظم لعودة رئيس الحكومة فكان جواب بيت الوسط رافضاً لأي مشاركة قواتيّة وكلّ ذلك لأن المستقبل يدرك جيدا حجم الدور الذي أدّاه جعجع في مسألة احتجاز الحريري".
أما الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين فيعتبر أن "العلاقة بين الطرفين تراجعت منذ تشكيل الحكومة، فجعجع ظنّ أن علاقته بعون ستقوّي وضعه داخل مجلس الوزراء، إلا أن التطوّر الذي حصل في العلاقة بين رئيس الجمهوريّة ميشال عون والحريري كان على حساب القوات"، مشددا على أن "هناك مجموعة ملفات أساسية منها النفط والكهرباء والمرافق التي لها علاقة بالغاز والقوات خارجها".
"القوات نتيجة حالة الضعف والعزلة تفضّل البقاء داخل الحكومة والرئيس لن يقبل بالظهور أنه خرج من "القوات"، خصوصا وأنه يعرف حالة الحزب اليوم والحريري لا يريد أن يقطع شعرة معاوية مع السعوديّة وولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز، خصوصا وأنه يعرف أنّ رئيس حزب القوّات سمير جعجع هو رأس حربة بن سلمان في لبنان حاليا وبالتالي من المستبعد لجوء الحريري الى اقالة القوات". هذا ما يراه بزي، لكنه لا يستبعد في نفس الوقت أن "تطلب السعودية من القوات في أي لحظة الاستقالة ظنا منها أنه وبهذا الشكل يتم تفجير الوضع". في حين أن الأمين يلفت الى أن "القوات اصبحت خارج تركيبة السلطة والتلويح بإقالة وزراء القوات كبير ولكن قد لا يفعلها الحريري، ولكن بالتأكيد فإن "القوات" ستكون في عزلة إن بقيت وستكون المعارضة الوحيدة".
يرى بزي أن "الوقت المتبقي من عمر الحكومة محدود ولكنه زاخم سياسيا، وكل الافرقاء السياسيين سيحاولون الاستفادة منه علّه ينعكس في صناديق الاقتراع وعلى هذا الاساس هناك كلام عن تعديل وزراي هدفه تحسين التمثيل بالاشخاص فبعض الأحزاب شعرت أن البعض من أسماء وزرائها لم تأتِ بالحضور المطلوب وعلى سبيل المثال "التيار" الذي يجري الكلام عن تعديل يستثني وزير الخارجيّة جبران باسيل ووزير العدل سليم جريصاتي، أما "المستقبل" فيبدو جديا في استبدال كل من وزير الاتصالات جمال الجراح ووزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي لا سيّما وان هناك شكوكا بالتزامهما السياسي في معركة الحريري الاخيرة وخلاف الجراح ومدير عام اوجيرو عماد كريدية".
وصل الخلاف بين "المستقبل" و"القوات" الى حدّ ان الكلام بدأ يسري عن اخراج القوات من الحكومة وما يتبعها من خطوات... ليبقى السؤال: "هل يفعلها الحريري"؟.