يؤكد قطب سياسي بارز لـ "البناء" أن رئيس الحكومة سعد الحريري بات يملك، منذ عودته من الرياض، هامشاً من التحرّك بمعزل عن المملكة العربية السعودية. ويعود ذلك إلى المظلة الفرنسية – المصرية المحيطة به. فتصريحاته اليومية المترافقة مع تغريدات ومواقف مستشاريه تعكس ذلك.
التصعيد ضد حزب الله ليس مؤاتياً في لحظة أوروبية ودولية تريد المحافظة على ستاتيكو الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، وتحييد الواقع اللبناني عن تعقيدات الإقليم وانقساماته؛ هذا ما يراه الحريري، بحسب القطب نفسه.
لقد مرّ مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يوم أمس، مرور الكرام في لبنان. لم يغرّد الحريري. كذلك فعل حزب الله. سلّف الشيخ سعد الالتزام بالصمت، بمعزل عن غمز بعض الفرقاء بأن حوادث تصفية الصراعات في اليمن قد تنسف النأي بالنفس. بيد أن آخرين رأوا في بواطن الأمور مقدّمة لتسوية الالتزام بالنأي بالنفس وإبعاد لبنان عن الأزمات في المنطقة.
هذه السياسة الزرقاء المستجدّة لا تخوّل الرئيس الحريري الجلوس مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في القريب العاجل. فاجتماع كهذا قد يحصل في السياق الطبيعي للأحداث، إذا ترتبت الأمور، يقول القطب نفسه. أما الآن فاللقاء ليس حاجة. والظروف ليست مبرّرة أو مقنعة في ضوء اضطرام الصراعات في الإقليم المشتعل والتعقيدات المرافقة.
وبالتالي من غير الطبيعي أن يجلس الحريري في أحضان حزب الله علناً، علماً أن التقارب موجود والقنوات ناشطة بين بيت الوسط وحارة حريك على أعلى المستويات عبر المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل ومدير مكتب رئيس تيار المستقبل نادر الحريري.
ويشير القطب السياسي إلى أن رفيق درب رئيس الحكومة نادر الحريري يدرك ما قام به حزب الله ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون للمساعدة على تخطي أزمة الاستقالة، على عكس الكثيرين من أهل البيت الأزرق و14 آذار الذين يصفهم الحريري بـ "الطاعنين بالظهر".
من هذا المنطلق يجري الحديث، بحسب القطب نفسه، عن أن الحريري توعّد بمحاسبة مَن تدور حوله الشبهات من كتلة "لبنان أولاً"، ومَن يدور في فلك أعضائها من مستشارين. ويستعدّ لإجراء تغييرات داخلية في تياره قبل موعد الانتخابات النيابية. وتهمس مصادر "المستقبل" من بوابة الرئيس فؤاد السنيورة، النائب أحمد فتفت، والوزيرين معين المرعبي وجمال الجراح.
وليس بعيداً، يقول الحريري، بحسب مصادر "المستقبل" أن عقارب الساعة لن تعود مع القوات إلى ما كانت عليه سابقاً. فالمجالس الضيّقة تشي بأن القوات لم تنقلب على الحريري فحسب، إنما انقلبت على العهد ككل بهدف تطويقه. وعلى هذا الأساس بدأت التلميحات في دوائر قرار فريق 8 آذار عن إمكانية نسج تحالف خماسي في انتخابات أيار 2018، عبر إحياء التحالف الرباعي (حزب الله - حركة أمل - تيار المستقبل - الحزب التقدمي الاشتراكي) مطعماً بالتيار البرتقالي.
فبسبب ما حصل (أزمة الحريري) سيشهد لبنان، بحسب ما اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم خلال لقاء سياسي، بعض التعديلات في الاصطفافات السياسية، والتي ستنعكس على الانتخابات النيابية وعلى نتائجها، وذلك بسبب انكشاف بعض دعاة الفتنة وطموحاتهم التي تهاوت في أجواء الوحدة الوطنية التي يرعاها رئيس الجمهورية ويدعمها رئيس مجلس النواب ويؤكدها حزب الله وعدد من القوى الوطنية الفاعلة.