الاتهامات التي ساقها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ضدّ حزب الله، باستخدام المصارف اللبنانية لتهريب الأموال وتبييضها، وتجارة المخدرات، ليست قابلة للصرف، لكنها تكشف عن عمق المأزق السياسي والأخلاقي الذي يتخبّط به حكام المملكة الجدد… وعن داء الجنون الذي وصل إلى أخطر مستوياته.
اللافت أنّ الوزير السعودي عادل الجبير، الذي شَغَل سابقاً منصب سفير بلاده في الولايات المتحدة، لم يأخذ بعين الاعتبار أنّ حليفته الولايات المتحدة الأميركية، اتخذت الإجراءات كافة والخطوات إزاء المصارف اللبنانية وطالت الإجراءات حسابات اللبنانيين المصرفية، على الرغم من أنّ حزب الله أعلن مراراً وتكراراً أن ّأمواله لا تمرّ عبر المصارف.
واضح أنّ السعودية، لن تعدم أيّ وسيلة في سعيها للنيل من قوى المقاومة، وفي الطليعة حزب الله. لكنها في كلّ مرة تقع في شرّ أفعالها. وهي كما وقعت في شرّ فعلها، حين قرّرت أن تستقيل الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية كورقة لتفجير الساحة اللبنانية، ها هي تحوّل المصارف اللبنانية هدفاً من أهدافها، غير مكترثة بمصالح لبنان واللبنانيين ولا بالكنترول الأميركي!
التصعيد السعودي ضدّ لبنان ومقاومته إلى هذا الحدّ، يعني أنّ السعودية لا تمارس ضغطاً بهدف الوصول لعلاقات جيدة مع لبنان، كما تدّعي. بل تريد توسيع الفجوة لتصبح أكبر، ولكي تكون الفجوة مفتوحة على الاحتمالات كافة. وهذا له استهداف آخر، هو التحضير العملي لمرحلة التطبيع العلني بين السعودية وبعض دول الخليج من جهة وبين العدو الصهيوني من جهة أخرى.
مسار التطبيع أصبح معروفاً في الكثير من محطاته، والاتصالات بين الكيان الصهيوني والمملكة السعودية قائمة، كما أكد وزير الطاقة الصهيوني يوفال ستينيتز، وكما كشف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مايك بومبيو أمس الأول حين أكد أنّ التنسيق الاستخباري بين المملكة السعودية و«إسرائيل» في مجال محاربة الإرهاب لم يعد فكرة أو اقتراحاً بل بات أمراً واقعاً. والأمر الواقع هذا، هو الذي يدفع السعودية إلى التصعيد ضد لبنان، لتعبيد طريق التطبيع مع «إسرائيل»، ولأجل استكمال هذا التطبيع سنشهد المزيد من حفلات الجنون السعودي في أكثر من اتجاه.
وعليه، فإن هجوم السعودية على حزب الله وإقحام المصارف في هذا الهجوم، يرمي الى هز الثقة بالنظام المصرفي اللبناني الذي استطاع أن يتجاوز قطوع استقالة الحريري الجبرية، وأن يشكل شبكة أمان للاستقرار النقدي والاقتصادي في لبنان.