في أول تعليقٍ فلسطيني على قرار ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإصداره التعليمات لمباشرة إجراءات نقل السفارة الأميركية إليها، أطلَّ نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي المدعو زياد نخَّالة في إتصالٍ مع قناة “الميادين” وقال: خطوة ترامب هي حرب صليبية جديدة، وأكمل حديثه الذي يجترُّه العرب والفلسطينيون منذ العام 1948 عن الإمبريالية والصهيونية وكل ألفاظ الجهاد الكلامي والبعبعة الفارغة والجعجعة التافهة.
وبما أن ترامب، لم يأخذ بركة أية كنيسة لإتخاذ قراره، وبما أن أكثرية الدول الغربية وخاصة الأوروبية باتت علمانية، و50% من شعوبها مُلحِدة، فلا ندري ما علاقة الصليب، ولماذا استحضار كلمة “صليبيين” على ألسُن زياد نخالة وأشباهه، خاصة أن هذا “الزياد” لم يَزِد بجهاده التكفيري أية قيمة مُضافة على الإسلام، ولا إذا “نخلنا” كلام هذا النخَّالة نحصل على طحين يُطعِم جائعاً فلسطينياً.
زياد نخالة، ينتمي لمجموعة يُطلق عليها “القوى والفصائل الفلسطينية”، ونكاد نتقيأ من هذه التسمية التي ترفُض أن تتوحَّد تحت سلطة واحدة، وكل مُخيَّم من “خيمتين وتنُّور”، سواء داخل فلسطين أو في الشتات ” تحكمه “القوى والفصائل”، وخاصة في مخيمات لبنان التي باتت أوكار إرهاب وتهريب ودعارة، القوى والفصائل هذه، عصابات زواريب تتقاتل وتُشكِّل لجان مشتركة، ثم تعود الى التقاتل وتشكيل اللجان، ولا تعرف ولن تعرف منطق بناء مرجعية واحدة تجمعها، ليس تحت بوتقة دولة بل على الأقل تحت سلطة سياسية واحدة، يُفترض أن رئيسها الحالي هو محمود عباس.
وعلى سيرة محمود عباس يا زياد نخَّالة، كان الرجل قبل أربع ساعات من إطلالة ترامب، يرجو “القوى والفصائل” استكمال المُصالحة والسماح لوزراء حكومة وحدتكم الوطنية أن ينتقلوا من رام الله الى قطاع غزَّة للوقوف على حاجات الناس، وأنتم مضى عليكم سنوات لإنجاز مُصالحة هي الرقم مئة ضمن مسلسل التقاتل والمُصالحة، ومضت عليكم عدة أشهر وأنتم تذهبون الى مصر وتعودون من مصر، ولا تبحثون موضوع توحيد فصائلكم ولا موضوع مواجهة المحتلّ الإسرائيلي والراعي الأميركي، بل أن كل مناقشاتكم تتركز، على كيفية إيجاد مقعد سلطوي لمؤخرة محمد دحلان أو إسماعيل هنيَّة ضمن عصابة تقاسم حصص السلطة والمال، ولم تتوافقوا، لأن كل فصيل من هذه القوى والفصائل ينتمي لجهة خارجية تتحكَّم به، ومنكم من هو إسرائيلي أكثر من اليهود، ومنكم القطري والسعودي والأميركي، وما أنتم سوى خواريف على معالف الذلّ والعمالة وبيع الهوية كما بِعتُم الأرض، وأنتم من زمن الأبوات الى زمن أحفاد أحفادكم عصابات نهب وسرقة وقتل، وضحايكم هم الشعب الفلسطيني!
يا زياد نخَّالة، أنا مسيحي من لبنان، وطن المقاومة والكرامة والسيادة، ورئيس دولتي مسيحي ماروني، عربيٌّ أكثر منكم، وحريصٌ على القُدس والمسجد الأقصى أكثر منكم، أنتم الذين تتجاهلون كنيسة القيامة عندما تتحدثون عن القُدس، يا أحفاد إبن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وحسن البنَّا وسيِّد قُطب، أقول لكم، بإسم أرواح المُناضلين العرب من أبناء المسيح، ميشال عفلق وأنطون سعادة وفارس الخوري وجورج حبش والمطران إيلاريون كبوشي، وبإسم كل المفكِّرين “الصليببين” الذين علَّموكم اللغة العربية يا حُثالة العرب، أنني لن أدخُل معكم في نقاشٍ ديني لأنكم لا تعرفون الدين ولا سماحة الإسلام أيها المذهبيون الحاقدون ولكن إسمعوها صارخة مدوِّية:
نحن المسيحيون اللبنانيون لدينا قائد مقاومة إسلامية، يرفع سُبابة ويجمع فيها مليونية من الشرفاء، حرَّر وطننا من الإحتلال الإسرائيلي وسحق الصهاينة بالنيابة عن كل العرب بأقدام رجال المقاومة، وداس بحذاء رجله اليمنى على عنق العنصري الإسرائيلي، وبحذاء اليُسرى على رأس الشيطان الإرهابي، وأطاح بكل القرارات الورقية لمنظمة الأمم المتَّحدة الخاضعة لسياسات أميركا ومصالحها، لأن التحرير والإستقلال والسيادة، هي للأسياد في قولهم وفعلهم، وليست أفعال تسوُّلٍ كما أنتم تفعلون.
يا زياد نخَّالة، ومنك الى كل من يهمُّه الأمر،
بقي من “الصليبيين” في مهد السيد المسيح 5%، وتهجَّر بسبب خطاب مدرستكم التكفيرية عبر العقود الماضية، الأشوريون والكلدان والسريان من العراق، وأقباط مصر الذين تعتاش من رساميلهم مصر يتمّ التنكيل بهم وبكنائسهم وبيوتهم وأرزاقهم كل يوم، والمشرق يفرغ من مسيحييه باستثناء لبنان، وإذا أردت أن تعرف سرّ صمودنا كمسيحيين في لبنان، أقول لك مسك الختام:
قائد إسلاميُّ لبناني، هو بالنسبة للمسيحيين والمسلمين القامة والهامة، وهو القيمة الوطنية والإنسانية، ومدرسة الأدبيات الدينية والفكرية في تقديس الإنسان، هذا القائد القُدوة، والعظيم النبيل، الذي إسمه حسن نصرالله، يجب أن يكون مدرستكم ولا أحد سواه، تعلَّموا منه الأدب الإنساني والخطاب الراقي وقُبُول الآخر، وإسمعوه وإنصتوا الى صرخاته المدوِّية عن فلسطين وعن المقدسات وعن الكرامة، وارموا كل القادة العرب وأبواق التكفير المذهبي في مزابل التاريخ، وعندها تستحقون القدس والمقدسات، وتنتصرون على “الصليبيين” الغرباء كائناً من كانوا، ونحن سنكون معكم من أجل القدس، شرط أن تعترفوا، أننا نحن أبناء هذه الأرض قبل سوانا، وصليبنا مزروع في هذا الشرق على أرضٍ باركها السيد المسيح وسلكها بولس الرسول، فأقبِلوا علينا ونُقبِل عليكم، لأن لا قيمة لهذا الشرق البائس بدوننا، أو اختاروا الإنتحار وحدكم و”حِلُّوا عن صليبنا”…